الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

35/04/23

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: آية النبأ/الكتاب/أدلة الحجية/خبر الواحد/وسائل الإثبات التَّعَبُّدِيّ/إثبات الصدور/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول
قلنا إِن الاستدلال بآية النفر عَلَىٰ حجية خبر الواحد متوقف عَلَىٰ ركنين:
الأول: أَن نقول بأن الآية تدل عَلَىٰ وجوب الحذر عند إنذار المنذر مُطْلَقاً سواء حصل للسامع العلم بصدق المنذر أم لا.
الثَّانِي: أَن نقول بأن الآية إذا دلت عَلَىٰ وجوب الحذر عند إنذار المنذر مُطْلَقاً إذن فهي تدل عَلَىٰ حجية إخبار المنذر، أي: وجود الملازمة بين وجوب الحذر عند الإنذار وبين الحجية عند الإنذار، بحيث إذا لم يكن الإنذار حجة فلا يجب الحذر عند الإنذار.
وقلنا: إِن هذا الركن الثَّانِي يبدو أَنَّهُ مسلَّم عند الأصحاب جميعاً، ونكتة الملازمة هي أَن الإنذار إذا لم يكن حجةً فلا ينجّز الإنذار علينا الحكم الشرعي؛ لأنه غير حجة، فلا نحتمل العقابَ عَلَىٰ المخالفة، وَبِالتَّالِي لا معنى للحذر؛ فَإِنَّ الحذر إِنَّمَا يكون له معنى فيما إذا كان احتمال العقاب موجوداً؛ فَإِنَّ من لا يحتمل العقاب بشأنه لا معنى للحذر، وَبِالتَّالِي لا معنى لوجوب العقاب عليه.
إِنَّمَا الاختلاف في الركن الثَّانِي، فكل من يقبل بأن الآية تدل عَلَىٰ وجوب الحذر عند إنذار المنذر فهو يقبل بدلالة الآية عَلَىٰ حجية خبر الواحد، وكل من لا يقبل بهذا الركن الأول فلا يَتُمُّ عنده الاستدلال بالآية عَلَىٰ حجية خبر الواحد.
وهناك ثلاثة تقريبات تحاول إثبات الركن الأول:
الوجه الأول: أَن يستفاد وجوب الحذر من كلمة {لعل} في الآية: {لعلهم يحذرون}، ومن المعلوم في لغة العرب أَن مدخول >لعل< مِمَّا يُرجى حصولُه ترجّياً، فما نفهمه هو ترجي المتكلم لهذا المدخول، هذا هو مقتضى الظهور التصوري لهذه الكلمة. ومقتضى الظهور الجدي لهذه الكلمة عبارة عن أَن الداعي الَّذِي دعا المتكلم إِلَىٰ التعبير بهذه الكلمة هو داعي الترجي الحقيقي. ومقتضى أصالة التطابق بين هذين العالمين هو أَن يكون إنشاء الترجي من قبل المتكلم ناشئاً من داعي الترجي الحقيقي بِأَنَّهُ يرجو حصول هذا المطلب، غير أَن هذا الداعي بالنسبة للمولى تبارك وتعالى غير معقول؛ فلا مناص من حملها عَلَىٰ أقرب شيء إِلَىٰ الترجي الحقيقي، وهو داعي المطلوبية والمحبوبية؛ إعداد وتقرير الشَّيْخ محسن الطهراني فَإِنَّ من يرجو شيئاً يحبه ويطلبه. والمقتضي للحذر عبارة عن احتمال العقاب الأخروي ومن الواضح أَن احتمال العقاب الأخروي مساوق للتنجز والوجوب، فإذا لم يكن مقتضي الحذر موجوداً ولم يحتمل العقاب فلا معنى للحذر حِينَئِذٍ، وَبِالتَّالِي لا معنى لمطلوبية الحذر ومحبوبيته واستحبابه؛ لِأَنَّهُ لا يوجد موضوع للمطلوبية حَتَّىٰ بنحو الاستحباب.
وإذا وجب الحذر بالآية نتمسك بإطلاق الآية لإثبات هذا الوجوب في كُلّ حالة حَتَّىٰ في حالة عدم حصول العلم للسامع من إخبار المنذر، وبهذا يثبت بالآية الشريفة وجوبُ الحذر مطلقاً، وهذا هو المطلوب. هذا هو الوجه الأول.