الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

33/06/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: الإجماع/ وسائل اليقين الْمَوْضُوعِيّ الاستقرائي/إثبات الصدور/الأدلة المحرزة/علم الأُصُول
 
 2)- الإجماع
 وهو عَلَىٰ قسمين:
 الأَوَّل: الإِجْمَاع الْمُحَصَّل، وهو الاتفاق الَّذِي يحصل عليه الفقيه بنفسه من خلال تتبّعه شَخْصِيّاً لرأي الفقهاء فِي المسألة فيثق باتفاقهم عَلَىٰ حكمٍ مُعَيَّن فيها.
 الثَّانِي: الإجماع المنقول، وهو الاتفاق الَّذِي ينقله الثِّقَة للفقيه مِنْ دُونِ أن يتتبّع الفقيه شَخْصِيّاً رأي الفقهاء فِي المسألة.
 والإجماع المحصل عَلَىٰ قسمين:
 الأَوَّل: الإِجْمَاع الْمُحَصَّل البسيط، وهو أن يحصل الفقيه عَلَىٰ الاتفاق عَلَىٰ رأي مُعَيَّن فِي المسألة كوجوب صلاة الجمعة فِي عصر الغيبة.
 الثَّانِي: الإِجْمَاع الْمُحَصَّل الْمُرَكَّب، وهو أن يحصل الفقيه عَلَىٰ انقسام الفقهاء فِي المسألة إلى رأيين فقط مثلاً من مجموعة ثلاثة وجوه أو أكثر، فيُعتبر نفي الوجه الثَّالِث ثابتاً بالإجماع الْمُرَكَّب، كما إذا انقسم الفقهاء فِي مسألة صلاة الجمعة إلى رأي بالوجوب ورأي بالاستحباب، فيُعتبر نفي الْحُرْمَة ثابتاً بالإجماع الْمُرَكَّب.
 فالكلام فِي المقام إذن يقع فِي جهات ثلاث:
 الجهة الأولى: فِي الإِجْمَاع الْمُحَصَّل البسيط.
 الجهة الثَّانية: فِي الإِجْمَاع الْمُحَصَّل الْمُرَكَّب.
 الجهة الثَّالثة: فِي الإجماع المنقول.
 أَمَّا الجهة الأولى: فهناك أسس ومبانٍ ثلاثة فِي وجه حُجِّيَّة الإجماع المحصَّل البسيط:
 المبنى الأَوَّل: حكم العقل الْعَمَلِيّ بِحُجِّيَّتِهِ.
 المبنى الثَّانِي: قيام الدَّلِيل الشَّرْعِيّ عَلَىٰ حُجِّيَّتِه.
 المبنى الثَّالِث: حكم العقل النَّظَرِيّ بِحُجِّيَّتِهِ.
 والفارق بين هذه المباني هو أن الإجماع عَلَىٰ الأساس الأَوَّل يكشف كشفاً عَقْلِيّاً عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ مباشرةً، وعلى الأساس الثَّانِي يكشف كشفاً تعبديّاً عَنِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيّ مباشرةً، وعلى الأساس الثَّالِث يكشف كشفاً قَطْعِيّاً عَنِ الْحُكْمِ أو عن وجود الدَّلِيل الشَّرْعِيّ عليه.
 وفي هذا الضوء يكون البحث عن الإجماع عَلَىٰ الأساسين الأولين بَحْثاً عَنِ الدَّلِيلِ غير الشَّرْعِيّ عَلَىٰ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ؛ لوضوح أن >العقل< وكذلك >الإجماع< لَيْسَ كتاباً ولا سنةً، فهما ليسا من الأَدِلَّة الشَّرْعِيَّة الصَّادِرَة من الشَّارِع، وَأَمَّا عَلَىٰ الأساس الثَّالِث فالبحث عن حُجِّيَّة الإجماع قد يكون كذلك وقد يدخل فِي نطاق إحراز صُغْرى الدَّلِيل الشَّرْعِيّ ويُعتبر البحث عنه من البحث عن طرق إثبات صدور الدَّلِيل الشَّرْعِيّ من الشَّارِع ووسائل إحرازه وجداناً.
 إذن، فالبحث عن الإجماع عَلَىٰ الأساسين الأولين خارج عن محل كلامنا؛ لأَنَّنَا (فِي هذا البحث الثَّالِث) بصدد التعرف عَلَىٰ الطرق والوسائل الَّتِي نُثبت بها صدور الدَّلِيل الشَّرْعِيّ من الشَّارِع، ولذا لم يتعرض سَيِّدُنَا الأُسْتَاذُ الشَّهِيدُ & فِي الحلقة الثَّالثة للبحث عن الإجماع عَلَىٰ الأساسين الأولين؛ لأَنَّهُ كان بصدد البحث عن وسائل إثبات صدور الدَّلِيل الشَّرْعِيّ من الشَّارِع.
 لكننا بالرغم من ذلك كله نرجّح البحث عن الإجماع فِي المقام عَلَىٰ كُلّ الأسس والمباني الثَّلاَثة المذكورة، وذلك تتميماً للفائدة.