الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

33/01/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: اسم الجنس/المطلق/دلالة الدليل/الدليل الشرعي اللفظي/الدليل الشرعي/الأدلة المحرزة/علم الأصول
 
 بعد أن ذكرنا واستعرضنا الأقوال الثَّلاثة فِي باب التَّقابل بين الإِطْلاَق والتقييد الثبوتيين، لا بأس بأن نذكر بعض الفوارق بين هذه الأقوال والثمرات المترتّبة عَلَىٰ هذه الأقوال:
 من جملتها أَنَّهُ بناء عَلَىٰ القول الثَّالث الَّذي يقول: بأن التَّقابل بين الإطلاق والتقييد الثبوتيين هو تقابل التناقض (تقابل السَّلْب والإيجاب) لا يمكن تصوّر حالة ثالثة غير الإِطْلاَق والتقييد، بحيث لا تكون الطَّبِيعَة مطلقة ولا تكون مقيدة، وهذا أمر غير ممكن، بناء عَلَىٰ القول الثَّالث؛ لأَنَّهُ بناء عَلَىٰ هذا القول الإِطْلاَق والتقييد نقيضان والنقيضان لا ثالث لهما؛ لأَنَّ معنى الثَّالث هو ارتفاع النقيضين وهو محال.
 وهذا بخلاف ما إذا بنينا عَلَىٰ القول الأوّل (للسيد الخوئي) أو الثَّانِي (للميرزا)، فبناء عَلَىٰ ذينك القولين يمكن تصوّر حالة ثالثة لا يوجد فيها لا الإِطْلاَق ولا التَّقْيِيد؛ لأَنَّهُ عَلَىٰ قول السَّيِّد الأُسْتَاذ الْخُوئِيّ رحمه الله التَّقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل التَّضَادّ، وَمِنَ الْوَاضِحِ أن الضِّدَّيْن لا يستحيل أن يكون لهما ثالث.
 وكذلك إذا بنينا عَلَىٰ مبنى الميرزا (= القول الثَّانِي) القائل بأن التَّقابل بينهما تقابل العدم والملكة، فمن الواضح أَنَّهُ لا يستحيل أن يكون لهما ثالث؛ لأَنَّ الملكة إذا وجدت فبها، وإلا فإذا كان المورد من الموارد الَّتي يمكن فيها أَنْ تَكُونَ الملكة موجودة فيصبح عدم الملكة، وأمّا إذا كان المورد من الموارد الَّتي لا يمكن أَنْ تَكُونَ فيها الملكة، فلا توجد هناك لا الملكة ولا عدم الملكة.
 إذن، فبناء عَلَىٰ هذين القولين لا يستحيل تصوّر حالة ثالثة غير الإِطْلاَق والتقييد، وهذه الحالة الثَّالثة الَّتي يمكن افتراضُها بناءًا عَلَىٰ القول الأوّل وَالثَّانِي ولا يمكن افتراضها بناءًا عَلَىٰ القول الثَّالث هي الَّتي يصطلح عليها لدى الأُصُولِيِّينَ بحالة الإهمال أو «الطَّبِيعَة المهملة».
 إذن، قَضِيَّة أن الطَّبِيعَة المهملة هل هي ممكنة أو غير ممكنة، تختلف باختلاف المبنى من هذه الأقوال الثَّلاثة.
 عَلَىٰ القول الثَّالث تكون غير ممكنة؛ لأَنَّهَا لا تكون مطلقة ولا تكون مقيدةً، أي: ارتفع فيها النقيضان وهو مستحيل.
 أَمَّا عَلَىٰ القولين الأولين تكون الطَّبِيعَة المهملة ممكنة، وذلك عَلَىٰ رأي السَّيِّد الأُسْتَاذ الْخُوئِيّ رحمه الله أو عَلَىٰ رأي الميرزا.
 ثم بعد هذا انجر الكلام (بين هؤلاء القائلين بأن الطَّبِيعَة المهملة ممكنة) إلى أَنَّهُ إذا كانت الطَّبِيعَة المهملة ممكنة، وفرضنا مورداً تحقّق فيه هذا الإهمال (أي: فرضنا مورداً لا التَّقْيِيد موجود فيه ولا الإِطْلاَق جارٍ فيه، وإنَّما الحالة حالة الإهمال) فهل الطَّبِيعَة المهملة هذه بحكم المطلقة أم أنَّها بحكم المقيّدة؟
 مثلما إذا فرضنا التَّقْيِيد في مُتَعَلَّق الأمر بقصد امتثال الأمر، وجرينا مع الْمَشْهُور القائلين بأن متعلّق الأمر يستحيل أن يُقيَّد بقصد امتثال الأمر، فلا يوجد تقييد فِي البين. وكذلك لا يوجد الإِطْلاَق؛ لعدم جريان مُقَدَِّمَات الْحِكْمَةِ، فيصبح الأمر فِي قوله مثلاً: «انفق عَلَىٰ زوجتك» مهملاً من حيث التَّعبُّديَّة والتَّوصُّليَّة؛ إذ أَنَّهُ لَيْسَ مقيَّداً بقصد الْقُرْبَة؛ لاستحالة تعلّق قصد القُربة بالأمر، ولا أَنَّنَا قبلنا الإِطْلاَق. فلا يوجد لا التَّقْيِيد لإِثْبَاتِ التَّعبُّديَّة ولا الإِطْلاَق لكي يثبت التَّوصُّليَّة، فأصبح مهملاً. ولكن يجب أن نعرف أن هذا المهمل فِي قوّة أي شيء؟ فهل هو فِي بمثابة المطلق أم هو بمثابة المقيِّد؟
 هنا وقع الخلاف بين الأُصُولِيِّينَ بأن المهملة هل هي فِي قوّة المقيَّدة (فكأنه قيَّدَ وإن لم يقيِّد) أو أنَّها فِي قوّة المطلقة؟ هذا خلاف بعد أن خلاف بين القائلين بالقول الأوّل وَالثَّانِي، أَمَّا عَلَىٰ القول الثَّالث فقلنا من البداية أَنَّهُ لا تُتَصَوَّر فيه حالةُ الإهمال. بخلاف القولين الأولين حيث يمكن فيهما هذه الحالة، وحينئِذٍ يأتي هذا الكلام من أن هذه الحالة المهملة هل هي فِي حكم الإطلاق أم هي فِي حكم التَّقْيِيد؟
 هذه من الفوارق والثمرات المترتّبة عَلَىٰ هذه الأقوال.
 ومن جملة هذه الفواق والثمرات المترتّبة عَلَىٰ هذه الأقوال هي أن إمكان الإِطْلاَق منوط بإمكان التَّقْيِيد بناء عَلَىٰ القول الثَّانِي (الميرزا)، لكن بناء عَلَىٰ القولين الآخرين لا يكون إمكان الإِطْلاَق مَنُوطاً وَمَشْرُوطاً بإمكان التَّقْيِيد. فبناء عَلَىٰ قول الميرزا فِي كُلّ مورد يمكن فيه التَّقْيِيد يمكن الإِطْلاَق فيه، أَمَّا إذا فرضنا مورداً يستحيل فيه التَّقْيِيد فيستحيل الإِطْلاَق فيه أيضا؛ لأَنَّ الإِطْلاَق عند الميرزا عبارة عن عدم التَّقْيِيد فيما من شأنه التَّقْيِيد (أي: فِي مورد يمكن فيه التَّقْيِيد، فإن لم يقيِّد فيه فهو الإِطْلاَق) أَمَّا فِي المورد الَّذي لا يمكن فيه التَّقْيِيد فلا التَّقْيِيد موجود (لأَنَّهُ لا يمكن حَسَبَ الْفَرْضِ) ولا الإِطْلاَق موجود؛ لأَنَّ الإِطْلاَق إِنَّمَا هو فيما إذا لم يقيِّد وكان التَّقْيِيد ممكناً، والمقام لَيْسَ كذلك. إعداد وتقرير: الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه. فعندنا فِي علم الأصول بعض الموارد الَّتي يستحيل فيها التَّقْيِيد ببعض القيود مثل المثال الَّذي ذكرناه من التَّعبُّديّ والتَّوصُّليّ من استحالة تقييد مُتَعَلَّق الأمر بقصد الْقُرْبَة (كما عليه الْمَشْهُور)؛ لأسباب يُذكر فِي محلّه (الدّور والتهافت فِي اللِّحَاظ). فهنا بناء عَلَىٰ قول الميرزا لطالما أن التَّقْيِيد قصد الأمر بقصد الْقُرْبَة مستحيل، فيستحيل إطلاق مُتَعَلَّق الأمر أيضاً، ومن هنا اضطر الميرزا فِي بحث التَّعبُّديّ والتَّوصُّليّ إلى القول بـ«مُتَمِّم الجعل» ليُتمّم هذا الجعل الأوّل لكي يرتفع مَحْذُور الدّور والتهافت.
 فالشاهد أن هذا من الموارد الَّتي يستحيل فيها التَّقْيِيد، فبناء عَلَىٰ كلام الميرزا إذا استحال التَّقْيِيد استحال الإِطْلاَق.
 ومن جملة الموارد الَّتي يستحيل فيها التَّقْيِيد هو تقييد الحكم بالعلم بالحكم (=أخذ العلم بالحكم فِي مَوْضُوع الحكم نفسه) مثلما يقول: «صلِّ إن علمتَ بوجوب الصَّلاة» (يستحيل لقضية الدّور أو لأي مشكلة أخرى ذكرها سَيِّدنَا الأُسْتَاذ الشَّهِيد رحمه الله من أنَّه يلزم من العلم أن يكون خالقاً لمعلومه، بينما دور العلم دور الكشف عن المعلوم)، وهنا أيضاً بناء عَلَىٰ مبنى الميرزا لطالما أن تقييد الحكم مستحيل فكذلك يستحيل الإِطْلاَق (إطلاق الحكم للعالم بالحكم والجاهل بالحكم مستحيل أيضاً)؛ لأَنَّ تقييد الحكم بالعالم بالحكم مستحيل، فكذلك إطلاق الحكم أيضاً مستحيل. لذلك بناء عَلَىٰ قول الميرزا لا يمكن إثبات اشتراك الأحكام بين العالمين والجاهلين بالإطلاق.
 فَالْحَاصِلُ أَنَّ إمكان الإِطْلاَق منوط بإمكان التَّقْيِيد (بناء عَلَىٰ كلام الميرزا) أَمَّا بناء عَلَىٰ القولين الآخرين لا يكون إمكان الإِطْلاَق مَنُوطاً بالتقييد (بناء عَلَىٰ قول السَّيِّد الأُسْتَاذ الْخُوئِيّ رحمه الله وسَيِّدنَا الأُسْتَاذ الشَّهِيد رحمه الله) غاية الأمر، بناءًا عَلَىٰ قول السَّيِّد الأُسْتَاذ الْخُوئِيّ رحمه الله (القائل بأن التَّقابل بين الإِطْلاَق والتقييد الثبوتيين هو تقابل التَّضَادّ) حَيْث أَنَّ استحالة التَّقْيِيد لا توجد استحالة الإِطْلاَق فكذلك استحالة التَّقييد لا توجب ضرورية الإِطْلاَق (حسب قوله)، بل يبقى ممكناً. إعداد وتقرير: الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه. بينما عَلَىٰ قول سَيِّدنَا الأُسْتَاذ الشَّهِيد رحمه الله القائل بالتناقض: إذا استحال التَّقْيِيد يصبح الإِطْلاَق ضروريّاً، لأنهما متناقضين. فيتعين أن يكون الإِطْلاَق هو الواقع وهو الثَّابِت.
 هذه بعض الثمرات والفوارق بين هذه الأقوال. وبهذا انتهى كلامُنا فِي هذه الجهة الأولى من جهتي البحث فِي الإِطْلاَق وهي الجهة الَّتي عنوناها بالبحث عن معنى اسم الجنس وقد اتَّضَحَ أن معنى اسم الجنس الَّذي وضع له لغة عبارة عن «ذات الْمَاهِيَّة وَالطَّبِيعَة المهملة الجامعة بين المطلق والْمُقَيَّد»، ولَيْسَ اسم الجنس مَوْضُوعاً لخصوص الطَّبِيعَة المطلقة. فلا دلالة وضعيَّة لاسم الجنس عَلَىٰ الإِطْلاَق. وعليه لا بُدَّ فِي إثبات الإِطْلاَق من قرينةٍ؛ لأَنَّ الوضع لم يؤمن لنا ولم يتعهد لنا بإفادة الإِطْلاَق. إذن، لكي نثبت الإِطْلاَق أو التَّقْيِيد نحتاج إلى قرينة.
 التَّقْيِيد عادة له قرينة خاصّة، أَمَّا الإِطْلاَق فإن وجدت قرينة خاصّة تَدُلّ عليه فبها ونعم، وأمر تشخيصه بيد الفقيه فِي الفقه، وهذا لَيْسَ بحثاً أصولياً؛ لأَنَّهُ لَيْسَ عنصراً مشتركاً سيّالاً فِي جميع الأبواب الفقهيّة، حتّى يأتي فِي علم الأصول.
 أَمَّا إذا لم نجد قرينة خاصّة فحينئذٍ ينفتح باب هذا البحث وهو أَنَّهُ هل توجد قرينة عامة تفيد الإطلاقَ أو لا؟ وهذا ما نبحث عنه فِي الجهة الثَّانية.
 الجهة الثَّانية: وهي البحث عن الإِطْلاَق ومُقَدَِّمَات الْحِكْمَةِ، وهي القرينة العامة الَّتي يقال بموجبها تَتُِمّ دلالة اسم الجنس عَلَىٰ الطَّبِيعَة المطلقة بالخصوص؛ لأَنَّهُ لا إِشْكَال فِي أن اسم الجنس رغم أَنَّهُ لم يوضع للمطلق لٰكِنَّهُ يَدُلّ عَلَىٰ المطلق بالخصوص ويُستفاد منه الإِطْلاَق ولو فِي الجملة وضمن شروط مُعَيَّنَة سوف نذكرها.
 فيقال: إن أساس هذه الدِّلاَلَة (دلالة اسم الجنس عَلَىٰ الطَّبِيعَة المطلقة) عبارة عن قرينة عامة متوفرة فِي كُلّ الموارد وهي الَّتي تسمى بقرينة الحِكْمَة الَّتي تقتضي الإطلاقَ.
 وهناك كلام آخر فِي قِبَال هذا الكلام يقول بأن أساس هذه الدِّلاَلَة لَيْسَ عبارة عن قرينة الحكمة، بعد القبول بأن اسم الجنس لم يوضع لغة للدِّلالة عَلَىٰ الطَّبِيعَة المطلقة وأن له الدِّلاَلَةُ عَلَىٰ الطَّبِيعَة المطلقة. فيقول صاحب هذا القول: بأن هذه الدِّلاَلَة ليست وضعيَّة وليست أيضاً مستندة إلى قرينة الحكمة وإنَّما مستندة إلى أساس آخر.
 إذن، هناك أساسان لإِثْبَاتِ الإِطْلاَق، ونريد معرفة هذين الأساسين ونعرف موقفنا منها والصحيح منهما. إذن، توجد فرضيتان يمكن طرحهما ابتداءً لكيفية استفادة الإِطْلاَق من اسم الجنس، بعد الفراغ من أن اسم الجنس لَيْسَ مَوْضُوعاً لغة لِلطَّبِيعَةِ المطلقة:
 الْفَرَضِيَّة الأولى: هي أن يقال إن الإِطْلاَق وإن لم يكن مدلولاً وَضْعِيّاً لاسم الجنس (كما تقدّم فِي الجهة الأولى) إلاَّ أن قرينة الحِكْمَة (الَّتي سوف نذكرها بعد ذلك) تَدُلّ عَلَىٰ الإِطْلاَق، وذلك باعتبار أن الإِطْلاَق مدلول اِلْتِزَامِيّ لقرينة الحِكْمَة.
 وقرينة الحِكْمَة عبارة عن أن يكون الْمُتِكَلِّم بصدد بيان تمام مرامه فِي شخص كلامه هذا، لا أن يكون فِي مقام بيان تمام مراده فِي مجموع كلماته المبعثرة طيلة عمره، وأن لا ينصب قرينة عَلَىٰ القيد (طبعاً سوف نشرح هذا بكلا جزئيها مفصَّلاً).
 فيقال: إن قرينة الحِكْمَة هذه، تُوَلِّدُ هذا الظُّهُور الْحَالِيّ لِلْمُتِكَلِّمِ، فِي كونه بصدد بيان تمام مرامه بكلامه، ولازم هذا الظُّهُور (الْمَدْلُول الاِلْتِزَامِيّ لهذا الظُّهُور) هو أَنَّهُ هنا أراد الطَّبِيعَة المطلقة فِي المقام. فمثلاً عندما يقول: «أَكْرِمِ الْعَالِمَ» فإن ظاهر حال الْمُتِكَلِّم أَنَّهُ بصدد بيان تمام مراده فِي كلامه، لازم هذا الظُّهُور هو أَنَّهُ أراد من العالم مطلق العالم؛ لأَنَّهُ لو أراد من العالم خصوص العالم العادل مثلاً، لم يكن قد بين تمام مرامه فِي كلامه؛ لأَنَّ المفروض أن تمام مراده «إكرام العالم العادل» ولٰكِنَّهُ فِي كلامه ذكر نصف هذا المراد وهو «وجوب إكرام العالم». وهذا خلاف ظاهر حال كل متكلم عُرْفِيّ يتكلم وفق النُّظُم والقوانين الْعُقَلاَئِيَّة للمحاورات لابن اللُّغَة، القاضي بأَنَّهُ حينما يفتح فمه يكون فِي مقام بيان تمام مراده، أَمَّا أَنَّهُ يريد التكلم بالألغاز فهو لَيْسَ مستحيلاً ولٰكِنَّهُ خلاف الأصل الأوّلي.
 فكون الْمُتِكَلِّم تَلَفَّظَ وتكلم معناه أَنَّهُ أصبح بصدد بيان تمام مرامه للآخرين من خلال هذا الكلام. هذا الظُّهُور الْحَالِيّ يَسْتَلْزِم أن يكون تمام مرامه هو وجوب العالم مِنْ دُونِ أي قيد، بحيث لو أراد المقيِّد ولم يبين القيد يكون قد خالف ظاهر حاله. فنثبت الإِطْلاَق بوصفه مدلولاً اِلْتِزَامِيّاً وبوصفه من لوازم الظُّهُور الْحَالِيّ الَّذي بيّنّاه. هذا هو الأساس الأوّل فِي المقام.
 الاعتراض: هناك اعتراض عَلَىٰ هذا الأساس وهذه الاستفادة (استفادة الإِطْلاَق بهذه الطَّرِيقَة) بأننا نرضخ لهذا الظُّهُور الْحَالِيّ المذكور، لكن قولكم: «إن من لوازم هذا الظُّهُور الْحَالِيّ أَنَّ الْمُتِكَلِّم أراد الإِطْلاَق ولم يرد التَّقْيِيد» غير مقبول؛ لأَنَّ الْمُتِكَلِّم يكون قد ارتكب مخالفة لهذا الظُّهُور الْحَالِيّ سواء أراد الإِطْلاَق أم أراد التَّقْيِيد؛ إعداد وتقرير: الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه. لأَنَّهُ إن أراد المقيَّد فَيَكُونُ قد خالف ظهوره الْحَالِيّ فِي أَنَّهُ فِي مقام بيان تمام مراده (وهو المقيَّد). ولو فرضنا أَنَّهُ أراد المطلق أيضاً يكون قد خالف الظُّهُور الْحَالِيّ (أي: لم يبين تمام مراده فِي الكلام)؛ لأَنَّ كلامه لم يكن إلاَّ اسم الجنس حيث قال: «أَكْرِمِ الْعَالِمَ» واسم الجنس لا يَدُلّ عَلَىٰ الإِطْلاَق؛ فقد فرغنا فِي الجهة الأولى من البحث عن أن اسم الجنس لا يَدُلّ لا عَلَىٰ الإِطْلاَق ولا عَلَىٰ التَّقْيِيد، بل يَدُلّ عَلَىٰ ذات الْمَاهِيَّة المطلقة. إذن، لا يستفادُ الإطلاقُ من هذا الظُّهُور الْحَالِيّ. ويأتي جوابه غداً إن شاء اللٰه تعالى. إعداد وتقرير: الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه. 1738 كلمة.