الأستاذ السيد علي‌رضا الحائري

بحث الأصول

32/10/21

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: العامّ /دلالة الدليل/الدليل الشرعي اللفظي/الدليل الشرعي/الأدلة المحرزة/علم الأصول

 كان الوجه الثَّانِي من وجوه إثبات أن الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ يَدُلّ عَلَىٰ العموم يقول: لا إِشْكَال فِي صحَّة دخول أدوات العموم الاسميّة (من قبيل كلمة «كُلٍّ» و«جميع» ونحوهما) عَلَىٰ الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ، وإذا دخلت لا شكّ فِي أَنَّهُ يُفهم منها العموم والاستيعاب. من قبيل أن يقال: «أكرم كل العلماء»، فإِنَّهُ لا إِشْكَال فِي فهم العموم هنا قَطْعاً، حتّى لدى المنكر لدلالة الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ عَلَىٰ العموم؛ فإِنَّهُ يقبل هنا بأَنَّهُ إذا دخلت «كُلٌّ» عَلَىٰ هذا الجمع يُفهم العموم.

 والمطلب الثَّانِي هو أنَّ كلمة «كُلٍّ» إذا دخلت عَلَىٰ المعرفة أفادت الاستيعاب الأَجْزَائِيّ (استيعاب أجزاء مدخولها).

 والمطلب الثَّالث هو أن كلمة «كُلٍّ» لا تُعيّن أجزاء مدخولها، وإنَّما بعد أن تتعيّن أجزاء المدخول، تَدُلّ كلمة «كُلٍّ» عَلَىٰ استيعاب هذه ا لأجزاء، أَمَّا نفس الأداة (كلمة «كُلٍّ» نفسها) لا تَدُلّ عَلَىٰ أن أجزاء المدخول ما هي؟ مثلاً عندما نقول: «اقرأ كل الكتاب» فإن كلمة «كُلٍّ» لا تُعيِّن أجزاء الكتاب، وإنَّما بعد أن تَعَيَّنَتْ أجزاءُ الكتاب بمعيّنٍ، تأتي كلمة «كُلٍّ» لتدل عَلَىٰ استيعاب هذه الأجزاء.

 إذن، نفهم العموم من قوله: «أكرم كل العلماء» فيما إذا كانت كلمة «العلماء» دالَّة عَلَىٰ أن كل فرد فردٍ من العلماء هو جزء من معنى العلماء، وذلك فِي المرتبة السَّابِقَة عَلَىٰ دخول كلمة «كُلٍّ»، وبقطع النَّظَر عن دخول كلمة «كُلٍّ». فلو أن كلمة «العلماء» لم تَدُلّ عَلَىٰ أن كلَّ عالم هو جزء من مدلول هذه الكلمة، بأن كان عدد العلماء مائة مثلاً، ولم تكن «العلماء» دالَّة عَلَىٰ أن كل واحد من هؤلاء المائة هو جزء من مدلول هذه الكلمة (بأن نفرض مثلاً أن هذه الكلمة تَدُلّ عَلَىٰ أن تسعين منهم أجزاء، وعشرة منهم ليسوا أجزاءً)، فحينئذٍ تَدُلّ كلمة «العلماء» عَلَىٰ معنىً أجزاؤه تسعون، وليس بمائة. إذن كيف نفهم كلَّ المائة؟! والأداة لا تعين أجزاء مدخولها، بل تقول: أنا أستوعب أجزاء المدخول، أَمَّا أجزاء المدخول كم هي؟ ثمانون تسعون أو كل المائة؟! فيجب أن يَدُلّ المدخول بنفسه عَلَىٰ التسعين أو المائة حتّى تأتي بعد ذلك كلمة «كُلٍّ» لتدل عَلَىٰ كل المائة.

ويرد عليه باعتراضين:

الاعتراض الأوّل: النقض عَلَىٰ هذا الكلام بالجمع المضاف، مثل: «علماء البلد»، فإِنَّهُ يصحّ أن تدخل كلمة «كُلٍّ» عَلَىٰ هذا المضاف ويقال: «أكرم كل علماء البلد» ولا إِشْكَال فيه، كما لا إِشْكَال فِي فهم العموم منه. وحينئِذٍ نتساءل صاحب الوجه بأَنَّهُ هل يلتزم بما التزم به في «أكرم العلماء». من أن يكون مدخول «كُلٍّ» دالاًّ عَلَىٰ استيعاب كل المائة؟ بحيث يصبح كل فرد فردٍ من العلماء جزءاً من العموم، حتّى تأتي كلمة «كُلٍّ» وتدلّ عَلَىٰ الاستيعاب الأَجْزَائِيّ؟! إِذْ أَنَّ الْمَشْهُور ذهبوا إلى أن الجمع المضاف (=علماء البلد) لا يفيد العموم. ولئن كان هناك خلاف معتد به فِي الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ، فإِنَّهُ لا خلاف معتد به فِي الجمع المضاف. مَعَ أَنَّكم جعلتم صحَّة دخول كلمة «كُلٍّ» عَلَىٰ الجمع وإفادة العموم دَلِيلاً عَلَىٰ أن المدخول يفيد العموم. فمقتضى هذا الدَّلِيل هو أن الجمع المضاف يفيد العموم. أي: ما قلتموه فِي الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ (حين دخول كلمة «كُلٍّ») يأتي فِي الجمع المضاف عندما تدخل كلمة «كُلٍّ» عليه، مع أَنَّهُ لا تلتزمون بذلك. هذا أوَّلاً.

الاعتراض الثَّانِي (وهو الجواب الحلي للثغرة الموجودة فِي هذا الوجه): وهو أن لدينا فِي قول القائل: «أكرم كل العلماء» أداة العموم (= كلمة «كُلٍّ»)، الداخلة عَلَىٰ العلماء. فالمدخول عبارة عن «العلماء»، وهذا المدخول له معنىً وَضْعِيّ لغةً وله معنىً استعمل هذا اللَّفظُ فيه مِن قِبَلِ الْمُتِكَلِّم. فهناك مدلول وَضْعِيّ لهذه الكلمة كما أنَّ هناك مدلولاً استعماليّاً (أي: ذاك المعنى الَّذي أراده الْمُتِكَلِّم حينما استعمل هذا اللَّفظ، فإِنَّهُ لا بُدَّ لكل متكلم أن يكون له مراد استعمالي عندما يتكلم بكلمة، وهو ذاك المعنى الَّذي أراد إلقاءَهُ وإخطاره فِي ذهن السَّامِع. هذا هو المعنى أو الْمَدْلُول الاستعماليّ).

 أَمَّا ما هو المعنى الوضعيّ وما هو المعنى المستعمل فيه لكلمة «العلماء»؟ فنجيب عنهما تباعاً:

 «المعنى المستعمل فيه» متعيّن فِي الواقع وفي نفس الأمر، فإِنَّهُ لا بُدَّ لهذا الْمُتِكَلِّم حينما تَلَفَّظَ بلفظ «العلماء» من أن يكون قد قصد إما ثلاثةً من العلماء أو أربعةً منهم أو خمسةً أو عشرة أو عِشْرِينَ أو الجميع (أي: كل المائة). أَمَّا أَنْ لاَّ يَكُونَ قد قصد لا الثَّلاثة ولا الأربعة ولا الخمسة ولا المائة، فماذا يكون قد قصد؟! فإحدى مراتب الجمع قَطْعاً هي مقصودة لِلَّفْظِ «العلماء». نعم، هو غير متعيّن عند السَّامِع، لكن نفس الْمُتِكَلِّم يدري، بحيث إن سئل لأجاب أنه قصد ثلاثةً أو أربعة أو عشرةً من العلماء أو أَنَّهُ قصد كل المائة. فالمدلول الاستعماليّ لِلْكَلِمَةِ متعيّن فِي الواقع ونفس الأمر وعند الْمُتِكَلِّم وإن كان غير متعين عند السَّامِع.

 أَمَّا «الْمَدْلُول الوضعيّ»، فهو غير متعين؛ لأَنَّ الْمَدْلُول الوضعيّ لكلمة «العلماء» سنخ مدلولٍ ومعنىً مَرِن وانسيابي قابل للانطباق عَلَىٰ معانٍ عديدة. وذلك لأَنَّ كلمة «العلماء» تحتوي عَلَىٰ مَادَّةً وَهَيْئَةً. أَمَّا الْمَادَّة فهي «العالم» الَّتي تَدُلّ عَلَىٰ طَبِيعِيّ العالم، وهذا ما لا شغل لنا به. وأمّا المعنى الَّذي وضعت له هيئة الجمع (الْمَدْلُول الوضعيّ) هو عدد لأفراد الْمَادَّة لا يقل عن ثلاثة، أو قل: ما يزيد عَلَىٰ اثنين من أفراد الْمَادَّة (= العالم). أي: ثلاثة فما فوق. و«ما يزيد عَلَىٰ اثنين» ينطبق عَلَىٰ ثلاثة وأربعة وخمسة وهكذا إلى المائة. فكل واحدة من هذه المراتب هي معنىً مَوْضُوع له لهيئة الجمع([1] ) (كالمشترك اللَّفظي الَّذي له معانٍ عدّة)، حيث وضع الواضع هيئةَ الجمع لكل مرتبة مرتبةٍ من مراتب الجمع. فهناك معانٍ حقيقيَّة عديدة بين الثَّلاثة إلى المائة، وهذه كُلّهَا معان حقيقيَّة (أي: وضعت هيئة الخمسة للخمسة بما هي خمسة، لا بما هي تحتوي عَلَىٰ الثلاثة أو الأربعة. ووضعت هيئة السِّتَّة للستة بما هي ستة، لا بما هي تحتوي عَلَىٰ الخمسة أو الأربعة).

 إذن الْمَدْلُول اللَّفظيّ لكلمة «العلماء» غير متعين (كالمشترك اللَّفظيّ الَّذي يشبه المجاز، حيث يحتاج المجاز إلى قرينة صارفة، بخلاف المشترك اللَّفظيّ - مثل كلمة «العين» - الَّذي لا يحتاج إلى قرينة صارفة بل يحتاج إلى قرينة مُعَيِّنَة)، وحيث أن بحثنا فِي دخول الأداة عَلَىٰ العموم، نأتي إلى الأداة (كلمة «كُلٍّ») ونقول: قد سبق فِي العامّ الماضي أن كلمة «كُلٍّ» عندما تدخل عَلَىٰ المعرفة من قبيل «كل الكتاب»، تَدُلّ عَلَىٰ الاستيعاب الأَجْزَائِيّ، وأنَّ هذه الأداة لا تُعيِّن أجزاء مدخولها، وإنَّما بعد أن تتحدد أجزاء المدخول، تأتي كلمة «كُلٍّ» لتدل عَلَىٰ استيعاب هذه الأجزاء، لا أكثر.

 هنا عندنا سؤال: هل تَدُلّ كلمة «كُلٍّ» عَلَىٰ استيعاب أجزاء المعنى المستعمل فيه لِلْمَدْخُولِ؟ أم تَدُلّ عَلَىٰ استيعاب أجزاء المعنى والوضعيّ (= الْمَوْضُوع له)؟

 إن كان الأوّل فيتم هذا الوجه؛ لأَنَّهُ يقال حينئذٍ (كما قال صاحب هذا الوجه): لكي تكون الأداةُ دالَّةً عَلَىٰ استيعاب أجزاء المدخول، لا بُدَّ من أن تَتَحدَّد أجزاء المراد الاستعماليّ من «العلماء» حتّى تأتي الأداة وتدلّ عَلَىٰ استيعابها.

 إذن فهذا معناه أن المدخول (= العلماء) هي بنفسها تَدُلّ عَلَىٰ أجزائها (أي: تَدُلّ عَلَىٰ أن كل فرد من أفراد العلماء هو جزء من المراد الاستعماليّ لِلْمُتَكَلِّمِ. وليس مراده الاستعماليّ ثلاثة من العلماء، ولا أربعة ولا خمسة ولا عِشْرِينَ من العلماء، بل المراد الاستعماليّ هو كل المائة. لا بُدَّ أن نقول بهذا، لكي تكون كل المائة أجزاءً للمراد الاستعماليّ حتّى تأتي «كُلّ» وتدلّ عَلَىٰ استيعاب أجزاء المراد الاستعماليّ، ويتم فهم العموم.

 وإلا فلو لم نقل بهذا، أي: لو قلنا بأن المراد الاستعمالي للمدخول خمسين مثلاً، وليس مائة، وتأتي كلمة «كُلٍّ» وتدلّ عَلَىٰ استيعاب هؤلاء الخمسين، فبالنتيجة ما فهمنا العموم، والحال أَنَّنَا قلنا من المقطوع أَنَّنَا نفهم العموم عندما تدخل الأداة عَلَىٰ المدخول. أي: يَتُِمّ فهم العموم بالقول بأن الْمُتِكَلِّم أراد من «العلماء» المرتبةَ الأخيرة (أي: المائة). أي: كل واحد من العلماء هو جزء، حتّى تأتي الأداة بعد ذلك وتدلّ عَلَىٰ استيعاب المراد الاستعماليّ. فيتم هذا الوجه فيما إذا قلتم بأن كلمة «كُلٍّ» وضعت لاستيعاب الْمَدْلُول الاستعماليّ.

 لكن الواقع أن الأمر لَيْسَ هكذا؛ فإن كلمة «كُلٍّ» وضعت لاستيعاب أجزاء المدخول، لكن لا لاستيعاب أجزاء المراد الاستعماليّ لكلمة المدخول، بل لاستيعاب أجزاء الْمَدْلُول الوضعيّ للمدخول. وليس لنا دخل بالمراد الاستعماليّ للمدخول. تَدُلّ كلمة «كُلٍّ» عَلَىٰ استيعاب أجزاء الْمَدْلُول الوضعيّ للمدخول. أي: كل ما يمكن أن يكون جزءاً من المعنى الوضعيّ للمدخول، تستوعبه كلمة «كُلٍّ». تماماً كما إذا دخلت «كُلّ» عَلَىٰ النَّكِرَة، فإن قوله: «اقرأ كل الكتاب»، لا يختلف عن قوله: «اقرأ كل كتابٍ» من جهة أَنَّهُ فِي كلا الموردين وضعت كلمة «كُلٍّ» لتدل عَلَىٰ استيعاب أجزاء الْمَدْلُول الوضعيّ، كما أَنَّنَا نقول في «اقرأ كل كتاب» أن كلمة «كُلٍّ» تَدُلّ عَلَىٰ استيعاب كل ما يمكن أن ينطبق عليه الْمَدْلُول الوضعيّ للكتاب.

 وكذلك الأمر فِي الدخول على المعرفة، فَإِنَّنَا نبدل الفرد بالجزء فِي المعرفة ونقول: إن كلمة «كُلٍّ» تَدُلّ عَلَىٰ استيعاب كل ما يمكن أن يكون جزءاً من الْمَدْلُول الوضعيّ».

 وحينئِذٍ عندما يقول القائل: «أكرم كل العلماء» وكان عندنا عالم واحد، فلا يصحّ هذا الكلام من القائل؛ لأَنَّهُ لا يصدق عليه أَنَّهُ جمعٌ، كما لا يصحّ هذا الكلام إن كان عندنا عالمان فحسب. أَمَّا إن كان لدينا ثلاثة علماء إلى المائة. فكل فرد من هؤلاء الثَّلاثة يمكن أن يكون جزءاً من الْمَدْلُول الوضعيّ لهيئة الجمع، فتستوعبه كلمة «كُلٍّ». وكذلك الفرد الرَّابع يمكن أن يكون جزءاً من الْمَدْلُول الوضعيّ لهيئة الجمع، فتستوعبه كلمة «كُلٍّ»، وكذلك الخامس إلى المائة. فالعموم الَّذي نفهمه من أمثال قوله: «أكرم كل العلماء» هذا عمل الأداة (= كلمة «كُلٍّ») نفسها وليس منتوجاً لـ«العلماء» (حيث أراد صاحب الوجه أن يقول بأن هذا من صنيع العلماء ومن عمل المدخول)، إذن، فكلمة «كُلٍّ» تَدُلّ عَلَىٰ استيعاب الأجزاء.

 وَالنَّتِيجَة أن فهم العموم واستفادته مستند إلى كلمة «كُلٍّ» (= الأداة) ولم يثبت أن العموم استفيد من العلماء نفسه (أي: من الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ). فهذا الوجه الَّذي أراد أن يثبت أن الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ يفيد العموم، لم يَتُِمّ ولم نقبله.

 وبهذا البيان الَّذي ذكرناه نستطيع أن نفسر استفادة العموم من الكلام حتّى فِي الموارد الَّتي لا يوجد لِلْمُتَكَلِّمِ فيها مراد استعمالي. من قبيل المتكلم النائم الَّذي قال مِنْ دُونِ قصد: «أكرم العلماء». أي: لا يصحّ أن نقول: هذا الْمُتِكَلِّم النائم تَلَفَّظَ بهذا اللَّفظ لكي يُخطر المعنى الكذائي فِي ذهن السَّامِع؛ فإِنَّهُ لا التفات له ولا قصد لديه. ونفهم العموم هنا بواسطة الأداة.

 فَيَكُونُ هذا التَّفْسِير فِي فهمنا للعموم تفسير شامل لا يختصّ بموارد وجود الإرادة الاِسْتِعْمَالِيَّة، فَإِنَّ من الواضح وجداناً أَنَّنَا نفهم العموم حتّى فِي موارد فقدان الإرادة الاِسْتِعْمَالِيَّة كفهمنا من قول النائم: «أكرم كل العلماء».

 فهذا شاهد عَلَىٰ أن كلمة «كُلٍّ» هي الَّتي تَدُلّ عَلَىٰ العموم، لا أنّ لفظ «العلماء» تَدُلّ عَلَىٰ العموم، كما تخيّل صاحب الوجه؛ إذ لو كان الأمر هكذا فصاحب الوجه لا يستطيع أن يفسّر لنا فهمَ العموم فِي موارد فقدان الإرادة الاِسْتِعْمَالِيَّة كالنوم. إذن، فهذا الوجه الثَّانِي غير تامّ أيضاً.

 بعد ذلك نأتي إلى الوجه الثَّالث من الوجوه الَّتي يمكن أن تُذكر لإِثْبَاتِ أن الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ يَدُلّ عَلَىٰ العموم. وهذا الوجه يريد أن يركّز ويدعم المسلك الثَّانِي من المسلكين المتقدّمين (فِي الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ). حيث بحثنا سابقين بأَنَّ هناك مسلكين: 1- الجمع الْمُحَلَّىٰ بِاللاَّمِ وُضِع للعموم فِي اللُّغَة مباشرو. 2- «اللاَّم» وضعت لا للعموم ابتداءً، بل وضعت لتعيّن مدخولها. غاية الأمر إذا دخلت «اللاَّم» عَلَىٰ الجمع تَدُلّ عَلَىٰ أن مدخولها وهو الجمع متعين، وتعين الجمع لا يكون إلاَّ بالمرتبة الأخيرة، وإلا فلو أراد الْمُتِكَلِّم أقل من المرتبة الأخيرة (كالتسعين) فَإِنَّهَا لا تكون متعينة؛ لأَنَّهُ تُتَصَوَّر عدّة تسعينات داخل المائة (فيبقى مردداً وغير متعيناً من حيث المصداق الخارجيّ). فالتعين فِي الجمع ملازم للعموم، وهذا كان مسلكاً ثانياً يؤدي بالمآل إلى العموم لكن يصل إلى العموم بصورة غير مباشرة.

 فيراد دعم هذا المسلك الثَّانِي وتكميله فِي الوجه الثَّاني الَّذي سوف نبينه غداً إن شاء اللٰه تعالى. إعداد وتقرير: الشَّيْخ محسن الطهراني عفي عنه.

[1] - وهذا البحث يرتبط بالوضع العامّ والموضوع له الخاصّ المتقدّم فِي مبحث وضع الحروف والهيئات وَالَّذِي أشرنا إليه بالأَمْسِ.