الأستاذ السيد علي‌اکبر الحائري
بحث الأصول

46/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الأجزاء / تصوير حقيقة الواجب الارتباطيّ

1- تصوير حقيقة الواجب الارتباطيّ

قلنا إنّ هناك قاعدة عامّة يؤكّد عليها أستاذنا الشهيد (رضوان الله تعالى عليه) في كلّ عارض ومعروض.

ويقول إنّ وجه التحقيق الذي طرحه المحقّق العراقيّ (رضوان الله تعالى عليه) في تحقيق حقيقة الواجبات الارتباطيّة ينافي هذه القاعدة. وهي قاعدة التناسخ بلحاظ التوحّد والتكثّر بين العارض والمعروض. فلو كان التوحّد موجوداً، فكلاهما متّحد، وإن كان التكثّر، فكلاهما متكثّر. ولا يمكن التخالف بينهما.

وأستاذنا الشهيد (رضوان الله تعالى عليه) صار بصدد إثبات هذه القاعدة العامّة بدليلين. وقد مضى ذكر الدليل الأوّل.

1.1- الدليل الثاني

نغضّ النظر عمّا ذكر في الدليل الأوّل من وحدة العارض والمعروض في «المعروض بالذات». ومع ذلك، نقول بوجود التسانخ دائماً بين العارض والمعروض من حيث الوحدة والتكثّر. وذلك لأنّ عروض العارض على معروضه المتعدّد والمتكثّر يوجد فيه فرضان لا ثالث لهما:

الفرض الأوّل: أن يعرض العارض بتمامه على هذا الأمر، وبتمامه على ذاك الأمر، وبتمامه على الثالث، وهكذا... عندما يعرض على عدّة أمور، فيعرض بتمامه. لا أنّ جزءاً منه على هذا الأمر، وجزءاً منه على ذاك.

ونقدر أن نشبّه هذا الفرض بالخيمة التي نبسطها على زيد وعمرو وبكر. فكلّ واحد على حدة تكون الخيمة بتمامها له: الخيمة بتمامها لزيد، وهي بتمامها لعمرو، وهكذا... فلا خيمة واحدة على الجميع، بل خيمة مستقلّة لكلّ فرد. وهذا يصير توحّداً، فكلّ واحد وحده له عارض. وهذه هي المسانخة في التوحّد.

الفرض الثاني: أن يعرض العارض بعروض واحدة دفعة واحدة على مجموع تلك الأمور، فيتوضّع على كلّ واحد منها بجزء من العارض.

وهذا يمكن تشبيهه بالخيمة الواحدة التي ننصبها على مجموعة أفراد دفعة واحدة. فهنا يصير العارض بتمامه منبسطاً على أجزاء تلك الأمور. بحيث جزء منه يعرض على هذا المعروض، وجزء منه على ذاك، وهكذا... فيصير العارض الواحد معروضاً بتمامه على المركّب من تلك الأمور دفعة واحدة.

في هذه الحالة تكون السنخيّة في التكثّر. فهناك سنخيّة في الوحدة في الفرض الأوّل، وسنخيّة في التكثّر في الفرض الثاني. ولا ثالث لهما.

النتيجة: بهذا يثبت أنّ التسانخ بين العارض والمعروض من حيث التوحّد أو التكثّر موجود دائماً. وهذا خلافاً لما طرحه المحقّق العراقيّ (رضوان الله تعالى عليه) من أنّ الوجوب يعرض على أجزاء الواجب الارتباطيّ بنحو يكون الوجوب واحداً، بينما الواجب المعروض متعدّد.

إذاً، فنظريّته تنافي هذه القاعدة التي أثبتناها بدليلين. فهي مخدوشة.

وبعد هذا، لا بدّ من التحوّل إلى التصوير الثالث من التصاوير الثلاثة التي قلنا إنّها يمكن أن ترد في تحقيق حقيقة الواجبات الارتباطيّة.