الأستاذ السيد علي‌اکبر الحائري
بحث الأصول

46/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين المحذورين / المقام الثالث: تكرّر الواقعة في التعبّديّات

أشرنا في بداية هذه الأبحاث أن هناك ميزتان لو تحقّق كلّ منهما أدّى إلى إمكان المخالفة القطعيّة، فقد يمكن القول بمنجزية كلا العلمين الإجماليّين على مستوى حرمة المخالفة القطعيّة، وهما كون تلك الواقعة مكرّراً كما في يوم الخميس والجمعة والميزة الأخرى كونها عباديّاً، فكنّا نقول إن كانت مكرّرة فبإمكان المكلّف أن يخالف مخالفة قطعيّة بأن يفعل في أحد اليومين ويترك في الآخر، وإذا كانت عباديّة فبإمكانه أن يفعل ويترك المعلوم بالإجمال بترك قصد القربة فيكون مخالفة قطعيّة؛ لأنّه إذا فعل بدون قصد القربة لا يتحقّق غرض المولى قطعاً.

وأستاذنا الشهيد بحث في ثلاث مقامات: المقام الأوّل ما إذا لم يتحقّق شيء من الميزتين. المقام الثاني في ما إذا حصلت العباديّة فقط. والمقام الثالث بعكس الثاني. والآن نشير إلى ما إذا تحقّقت كلتا الميزتين بأن تكون مكرّرة وعباديّة، فيوجد سببان لإمكان المخالفة القطعيّة، التكرّر: بأن يفعل في أحد اليومين ويترك في الآخر، والعباديّة بأن يفعل بدون قصد القربة.

1- المقام الرابع: تكرّر الواقعة في التعبّديّات

فيقول يظهر البحث في هذا البحث الرابع من خلال بحثنا السابق في الأمر الثاني من الأمرين اللذين بحثهما في المقام الثالث أي في بحث تكرّر الواقعة في التوصّليّين.

ففيها قلنا توجد نظريّتان، الأولى كانت تقول بأنّ الوظيفة تقتضي التنزّل من الموافقة القطعيّة إلى الموافقة الاحتماليّة وإن كانت الموافقة الاحتماليّة تستلزم المخالفة الاحتماليّة أيضاً ولا نراعي الأهميّة.

والنظرية الثانية كانت تقول بلزوم مراعاة الأهمّيّة من أنّ غرض المولى في إطاعته من خلال العلم الإجماليّ الأوّل أولى وأهمّ، أو إطاعته من خلال العلم الإجماليّ الثاني؟ فنعمل بذاك الأهمّ. لا الموافقة والمخالفة الاحتماليّتين، بل الموافقة القطعيّة لأحد العلمين الإجماليّين وترك الآخر بسبب مراعاة الأهميّة.

وكلتا هاتين النظريّتين تأتيان في هذا البحث الرابع من كون الفعل مكرّراً وعباديّاً، فالعباديّة لا تمنع عن جريانهما هاتين النظريّين بلحاظ التكرار.

وكما قلنا هناك بوجود تقريبين لتصحيح النظريّة الأولى وإبطال الثانية، فكلا التقريبين جاريان هنا أيضاً. فإذاً تمام الأبحاث المذكورة هناك تجري هنا بتمامها. وعليه فلا حاجة لتكرار تلك الأبحاث.

فننتهي إلى هنا من بحث دوران الأمر بين المحذورين.