الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

41/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاُصول العملية /حديث الرفع /فقه الحديث

قلنا: أن الوجه الثالث في العناية تعلقت بالمرفوع لا بالرفع، فالرفع كان حقيقياً وقد تعلق بالوجود التشريعي لما اضطروا إليه، وذلك أن للحكم وجود في عالم التشريع قبل أنّ يتحقق موضوعه الخارجي، وذاك الوجود يأخذ على نحو مقدر الوجود ويصب عليه الحكم، والرفع يتعلق بذاك الوجود التشريعي حقيقة، فيكون رفع ما اضطروا إليه حاكماً على دليل شرب النجس مثلاً ورافعاً لوجوده التشريعي.

وبهذا يظهر الضابط في التمييز بين الحكومة على مستوى عقد الوضع (الوجه الثاني) والحكومة على مستوى عقد الحمل(الوجه الثالث) وهو: أنّ الحكومة على مستوى عقد الوضع يرفع فيها الاضطرار بوجوده الواقعي ولكن رفعاً تشريعياً، بينما في الحكومة على مستوى عقد الحمل يرفع فيها الاضطرار بوجوده التشريعي رفعاً حقيقياً.

والسيد الخوئي رحمه الله وضع ضابطاً آخر للتمييز بينهما، وهو: أنّه إذا تعلق الحكم بعنوان من العناوين الأولية مثل (عنوان الربا) تكون الحكومة على مستوى الوضع، وأما إذا تعلق بعنوان من العناوين الثانوية (كالاضطرار) تكون الحكومة على مستوى عقد الحمل.

واُستاذنا الشهيد رحمه يوضح مراد السيد الخوئي بأنّه إذا تعلق الرفع بالعنوان الأولي فلا محذور أن تكون الحكومة على مستوى عقد الوضع لأن الرفع صب على الربا بعنوانه الأولي الذي هو موضوع الحكم الشرعي كما (في لا ربا بين الوالد وولده)، وأما إذا تعلق الرفع بعنوان ثانوي فإنّ أعتبرنا الرفع متعلقاً بالموضوع فهنا فرضان: الأول: أن يكون المرفوع ذات الموضوع وأن العنوان الثانوي ليس حيثية تقييدية فيه. والثاني: أن يكون المرفوع هو ذات الشيء مع العنوان الثانوي بوصفه حيثية تقيدية.

أما الفرض الأول: فالحكومة على مستوى عقد الوضع صحيحة ولكنها خلاف ظاهر الحديث (رفع ما اضطروا إليه) لأنّ المرفوع صار مرفوعاً لكونه مضطراً إليه لا لأجل عنوانه الأولي.

وأما الفرض الثاني: فهو خلاف المقصود لأن معنى رفعه بما هو مضطر إليه يعني: أنّ الفعل الحرام الذي أرتكبه المكلف مضطراً يحكم عليه أنّه ليس فعلاً إضطرارياً وهذا لا يؤدي إلى رفع الحرمة عن المضطر وإنما رفع عنوان الاضطرار عن الفعل.

والنتيجة لا بد أن نقول بأن معنى (مااضطروا إليه) رفع الحكم أي الحرمة لا رفع الموضوع وتكون الحكومة على مستوى عقد الحمل لا عقد الوضع.