الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

42/10/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فائدة: المكنى بابي بصير.

    1. ورد بهذه الكنية عدد من الاشخاص، ولذا فالبحث في امرين: الاول: وثاقتهم، والثاني: في من ينصرف إليه اللفظ عند إطلاقه من دون تعيين.

    2. 1- ليث بن البختري المرادي، والدليل على وثاقته النصوص الصحيحة، ولا يلتفت إلى تضعيف ابن الغضائري، لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه.

نحن في كتب علم الرجال كما في كتابنا " الوجيز في علم الرجال " قسّمنا الابواب إلى مقدّمة نهتم فيها بأمور تنفع في التوثيقات، منها الاشكالات الرئيسية: كيف نستطيع ان نأخذ بتوثيقات القدماء أو المتأخرين إذا شككنا ان التوثيقات عن حس أو عن حدس، وفي كتاب الوجيز لم اوجز هذه المطالب لأهميّتها، ثم بعد ذلك التوثيقات الخاصّة، ثم التوثيقات العامّة، ثم الفوائد، وهي ليست توثيقات ولا مقدّمات مهمّة لكل علم الرجال، بل هي إضاءة على أمور: ذكرنا اسلوب الكتابة في علم الحديث، وذكرنا معنى " و " في " وعن " في الحديث، ومعنى " جميعا "، وذكرنا الطوائف التي نسبها الاخرون إلى التشيّع، وهكذا فوائد اخرى، سنكمل البحث في بعض الفوائد كالمكنّى بابي بصير.

المكنى بابي بصير.

بعضهم قال ان هذه الكنية مشترك بين لفظي أربعة، ونبحثه لانه مشترك بين الثقة والضعيف، والمشترك عندما يكون بين أحد الشخصين أو أكثر واحدهم ضعيف لا يكون حديثه حجّة معتبرة إلا مع قرائن، لذلك نبحث اليوم هذه الفائدة.

مرّة يقال عن ابي بصير ليث بن البختري وهذا واضح من هو ابو بصير، أو ان يقال عن ابي بصير يوسف بن الحارث، والاول ثقة والثاني مجهول لكنه متعيّن، لكن إذا أطلقنا الكنية كما في كثير من الروايات حيث ورد: " عن ابي بصير " من دون تعيين، فمن هو المقصود؟

إذن ها هنا بحثان: اولا: البحث عن هؤلاء الاشخاص. ثانيا: البحث عند إطلاق ابو بصير إلى من ينصرف الذهن. في معجم رجال الحديث للسيد الخوئي (ره): وقع هذا العنوان: ابو بصير " في اسناد كثير من الروايات تبلغ ألفين ومئتين وخمس وسبعين موردا. [1]

البحث الاول: ورد بهذه الكنية خمسة أشخاص هم:

    1. ليث بن البختري المرادي.

    2. يحيى بن (ابي) القاسم الأسدي.

    3. عبد الله بن محمد الأسدي.

    4. يوسف بن الحارث.

    5. حماد بن عبد الله بن أُسيد الهروي.

وذكر ابن داوود (ره) أنهم الأربعة الاول، وذكر التستري عن بعض المتأخرين أنهم ثمانية.

إذن ها هنا بحثان:

الاول: عن هؤلاء من هم؟ والبحث عن وثاقتهم أو ضعفهم أو مجهولون؟.

الثاني: انه إذا أطلق " ابو بصير " في الحديث إلى أي منهم الإنصراف أو انه يبقى مجملا بين أشخاص؟

البحث الاول: في وثاقة هؤلاء:

    1. ليث بن البختري المرادي: هو ثقة جليل وإن لم يوثقه صريحا الشيخ والنجاشي في كتبهما الثلاثة.

والدليل على وثاقته بل وجلالته أمور:

الاول: قال الكشي: 431 - أجمعت العصابة على تصديق هؤلاء الأولين من أصحاب أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: أفقه الأولين ستة: زرارة، ومعروف بن خربوذ، وبريد، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي، قالوا: وأفقه الستة زرارة، وقال بعضهم مكان أبي بصير الأسدي أبو بصير المرادي وهو ليث بن البختري. في بريد بن معاوية. [2]

يكفي في التوثيق انه من اصحاب الاجماع لا يحتاج إلى توثيق.

وقد أشكل على هذا الدليل بقوله: " نقل بعضهم " بمجهوليّة الناقل فاوهن الدليل.

والجواب مني: ان الكشي وهو الخبير في الرجال لم يعترض ابدا على هذا النقل، ولو لم يكن ثقة أو جليلا لاستنكر ذلك.

الدليل الثاني: الروايات المعتبرة في وثاقته:

    1. صحيح جميل بن درّاج قال: 286 - حدثني حمدويه بن نصير (ثقة)، قال حدثنا يعقوب بن يزيد (ثقة)، عن محمد بن أبي عمير (ثقة)، عن جميل بن دراج، قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول بشر المخبتين بالجنة بريد بن معاوية العجلي، وأبا بصير بن ليث البختري المرادي، ومحمد بن مسلم، وزرارة، أربعة نجباء أمناء الله على حلاله وحرامه، لولا هؤلاء لأنقطعت آثار النبوة واندرست.[3]

هذا الكلام ليس فقط وثاقة بل أكثر.

    2. صحيح سليمان بن خالد: وقال الكشي في ترجمة زرارة ( 62 ): " حدثني حمدويه (ثقة)، قال: حدثني يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد الأقطع، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " ما أجد أحدا أحيا ذكرنا واحاديث ابي إلا زرارة وابا بصير [4] ليث المرادي ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية العجلي، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا. هؤلاء حفاظ الدين وأمناء ابي على حلاله وحرامه، وهم السابقون إلينا في الدنيا والسابقون إلينا في الآخرة ". [5]

الروايتان صريحتان في علو مقامه الشريف مما هو فوق الوثاقة.

وتوجد روايات أخرى ذكرها السيد الخوئي (ره) في معجم رجال الحديث لا تخلو من ضعف.

روايات الطعن: في المقابل روايات طعن في ليث بن البختري:

حيث نقل: ابن الغضائري انا ابا عبد الله (ع) يتضجّر به ويتتبرّم، واصحابه مختلفون في شانه. وعندي أن هذا الطعن على دينه لا على حديثه، وهو عندي ثقة [6] .

يقول الفقير إلى رحمة ربه والسداد: يتعارض هذا الكلام (الطعن في دينه) مع الروايات التي سبق ذكرها: (نجباء، امناء، السابقون إلينا في الدنيا والسابقون الينا في الآخرة) (بشر المخبتين بالجنّة) وهذه الاوصاف تنفي الطعن في الدين، بل اعتقد ان هذا الكلام مؤيد لكون كتاب ابن الغضائري الذي بين ايدينا موضوع للطعن بكبار الشيعة من قبل بعض اعداء التشيع، كما ذكرنا في بحث نسبة الكتاب الموجود بين ايدينا إلى ابن الغضائري، واحتملنا انه موضوع من قبل اعداء التشيّع، من حيث انه إذا اسقطت الرموز سقط المذهب، وهذا موجود لدى عامة الناس في عموم أهل الفكر في الدنيا، فإذا اسقطت الرمز سقط المذهب، ونحن ذهبنا وان هذا الكتاب مطعون في نسبته لابن الغضائري، نعم ابن الغضائري من الاجلاء الكبار.

فإذن ليث بن البختري المرادي من الاجلاء جدا ولا غبار عليه.


[1] معجم رجال الحديث، ج22، ص49، رقم 13988.
[2] اختار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ج1، ص238.
[3] اختار معرفة الرجال، الشيخ الطوسي، ج1، ص170.
[4] في النسخة المطبوعة: " ابو بصير "، والظاهر انه اشتباه من الناسخ أو المدقق.
[5] معجم رجال الحديث، السيد الخوئي، ج15، ص146.
[6] رجال ابن الغضائري، رقم 165، ص111.