الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

38/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: البحث في رجال البرقي.

رجال البرقي.

إلى هنا نكون قد انتهينا من كتب الاصول الرجالية الاساسية الخمسة: رجال الكشي، ورجال النجاشي، ورجال الطوسي، وفهرست الطوسي، وكتاب ابن الغضائري.

وقلنا ان كتاب الغضائري غير ثابت ولعلّه موضوع فلا يمكن الاتكال عليه.

لكن عودا إلى ما قلناه وكأن هناك تناف بين كلام النجاشي والطوسي. النجاشي لم يذكر كتاب ابن الغضائري كليا، بينما الشيخ الطوسي (ره) ذكر ان لابن الغضائري ( الابن ) كتابا اتلفه بعض ورثته.

وخرجنا من هذا التنافي بان هذا لا ينافي ذلك، لان تلف الكتاب يبرر عدم ذكر النجاشي له.

وهناك ملاحظة وهي ان النجاشي قال ان ليس له كتاب في الرجال، اما الطوسي قال لابنه كتاب في المصنفات وآخر في الاصول وقد اتلفهما بعض الورثة على ما نقل عن بعضهم. نقل الطوسي ان له في المصنفات وله كتاب في الاصول ولم يقل له كتاب في الرجال. وكتاب الرجال شيء وكتاب المصنفات شيء آخر. فإذا التزمنا بهذا العنوان ( المصنفات والاصول) فلا تنافي بين كلام النجاشي والطوسي. الطوسي لم يذكره في فهرست الكتب الرجالية والنجاشي ايضا لم يذكره.

رجال البرقي:

مؤلفه أحمد بن محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي، أبو جعفر، أصله كوفي، هرب جده مع أبيه إلى برقة قم، فأقاموا بها. وبرقة مدينة نسب إليها كثير من علماء الشيعة والسنة.

وقال النجاشي: وقال أحمد بن الحسين رحمه الله في تاريخه: توفي أحمد بن ابي عبد الله البرقي في سنة 274 ه اربع وسبعين ومائتين. وقال علي بن محمد ماجيلويه مات سنة 280 ثمانين ومائتين. [1]

عدّ الشيخ الطوسي (ره) كتبه فقال: .... وزاد محمد بن جعفر بن بطة على ذلك كتاب طبقات الرجال، كتاب الاوائل، وذكر النجاشي في كتبه كتاب الطبقات. [2]

ونُسِب إليه كتاب الرجال، وهو كتاب طبقات، يبتدئ بأصحاب رسول الله (ص) ثم أصحاب أمير المؤمنين (ع) وهكذا إلى أصحاب ابي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام، وغالبا ما يذكر الرجال دون أي إضافات. وقد طُبِع اخيرا سنة 1433 ه في قم المقدّسة، طبعة جميلة محققة، وقد نسبه من حقق الكتاب إلى حفيده أحمد بن عبد الله بن أحمد.

وقد ذكر قرائن على بطلان نسبة الكتاب إلى البرقي احمد بن محمد بن خالد وهي:

هذا الكتاب نَقَل عن سعد، ويقال انه سعد بن عبد الله الاشعري، والاشعري من تلامذة البرقي. فكيف ينقل الاستاذ عن تلميذه؟ وهذا النقل وإن كان ممكنا إلا انه يخالف الشأن العام وقوعا.

ترجم في الكتاب عن عبد الله بن جعفر الحميري، وذكر سماعه منه. والحميري من تلامذة البرقي.

ترجم أحمد بن محمد بن خالد البرقي في الكتاب دون أن يذكر انه مصنف الكتاب. وهذا خلاف ديدن المؤلفين، فالحر العاملي مثلا عندما ترجم نفسه في آخر الوسائل ذكر انه مصنف هذا الكتاب.

ترجم أحمد بن محمد بن خالد البرقي أي اباه او ابا جده من دون ان يذكر انه ابوه.

لذا نسبه البعض إلى ابنه عبد الله بن أحمد، ولكن ابنه ليس من أهل العلم والفضل، ولم يذكر شيئا من الرواية.

ونسبه آخرون إلى حفيده أحمد بن عبد الله بن أحمد الذي استظهر البعض أنه شيخ الكليني.

هذه الامور تجعل الشخص لا يطمئن إلى نسبة الكتاب، ثم ان الكتاب غير متواتر عنه.

ملاحظة: مما يؤيد النسبة إلى البرقي أحمد بن عبد الله – الحفيد -، أن بعض فقرات الكتاب رواها الشيخ المفيد بإسناده عن محمد بن الحسين عن محمد بن جعفر عن أحمد بن ابي عبد الله البرقي ( مثل ما رواه في شرطة الخميس ).

قيمته العلمية:

هذا الكتاب في معظمه سرد لأسماء الرجال، فهو فهرست، وليس فيه غالبا بيان توثيق أو تضعيف أو بيان شيء من حياة الرجال أو سيرتهم. ولذا فهو من هذه الناحية لا ينفعنا كثيرا في الجرح والتعديل.

نعم ذكر مدح بعضهم مثل شرطة الخميس، ولكن شرطة الخميس ايضا معرفون غالبا مثل الاصبع بن نباتة أو غيره.

هذه نظرة سريعة عن رجال البرقي.

وإلى هنا نكون قد انتهينا من القاء نظرة على الكتب. شرعنا في بحث الحاجة إلى علم الرجال، ثم نظرة على الكتب، ثم سنشرع ببحث القواعد، سنذكر حوالي العشرين قاعدة. الرئيسية منها: ان صفوان وامثاله لا يروون الا عن ثقة ( التوثيقات العامة ) مشايخ الثقات، اصحاب الاجماع، تفسير علي بن ابراهيم، كتاب الزيارات إلى آخره.


[1] رجال النجاشي، أبي العبّاس أحمد بن علي النجاشي، ج1، ص77.
[2] الفهرست، الشيخ الطوسي، ص64.