الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الرجال
38/07/29
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: البحث في كتاب رجال ابن الغضائري.
كان الكلام في الاصول الرجالية القديمة، واليوم نبحث في كتاب " رجال ابن الغضائري " [1] ، ابن الغضائري بنفسه رجل ثقة جليل، كان مصاحبا للشيخ الطوسي (ره) وللشيخ النجاشي. وابنه رجل كبير جليل، وكان ابن الغضائري يقاس بهؤلاء، الف كتابا " رجال ابن الغضائري "، هذا الكتاب يكاد لا ينحو منه احد من خدشه وجرحه والنيل منه. لذلك وقع البحث حول هذا الكتاب، وسنذكر قصة الكتاب مختصرة، وسنصل إلى نتيجة ان هذا الكتاب مخترع، وكلام السيد الخوئي (ره)بهذا الكتاب كلام سليم قال: ان هذا الكتاب ابتدعه اعداء أهل البيت (ع) ونسبوه إلى ابن الغضائري. لأنك عندما تسقط رموز الفكر، إذا اسقطتهم تكون قد اسقط الفكر نفسه هذا ما عند الناس. [2]
5- رجال ابن الغضائري:
ويعرف بكتاب الضعفاء، وبكتاب رجال ابن الغضائري، وهل هو للوالد أي الحسين بن عبد الله الغضائري المتوفي سنة 411 ه وهو ما ذهب إليه الشهيد الثاني (ره) كما ذكر ذلك التستري في قاموس الرجال ج1 ص45، أو للولد أي أحمد بن الحسين بن عبد الله الغضائري، كما عليه مشهور العلماء، أم لا هذا ولا ذاك وأن الكتاب ليس للغضائري ولا لابنه، بل هو موضوع نسبه الواضع إليهما، وهذا ما عليه الشيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه " الذريعة " [3] ( وان نسب انه تراجع عن قوله )، وإليه ذهب السيد الخوئي (ره) وهو المختار والمؤيّد، مع شيء من التعديل.
وسنتكلم عن القول الثالث، إذ مع إثباته بنتفي الاولان، ثم إنه لا فائدة كبيرة في إثبات كون الكتاب للوالد أو للولد فالمسألة هي التالية:
هل كتاب الضعفاء الموجود بين أيدينا هو لابن الغضائري سواء كان الاب أم الابن؟
والظاهر عدم ثبوت ذلك.
ووجه التشكيك أن النجاشي والطوسي (ره) وكانا ممن أخذ من الغضائري الأب، وعاصرا الابن واخذا عنه، وكان الغضائري من كبار رجال الطائفة، ومن وزن الشيخ الطوسي وأمثاله، هذان العلمان الطوسي والنجاشي لم يتعرضا لذكر الكتاب أصلا، فالنجاشي في رجاله كان بصدد بيان الكتب التي صنفها الامامية حتى إنه يذكر ما لم يره من الكتب وإنما سمعه أو رآه، فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيد الله الغضائري أو ابنه أحمد؟.
ثم إن النجاشي (ره) تعرّض لترجمة الحسين بن عبيد الله ( الأب ) وذكر كتبه ولم يذكر فيها كتاب الرجال.
وهذا يدل على أن الأمر محصور ( بحسب ما يفهم من كلام النجاشي ) أن الكتاب إما للابن وإما غير ثابت. وقد حكى النجاشي عن الابن في عدّة موارد، ذكره وسيرته وشأنه، لكنه لم يذكر له كتابا في الرجال.
نعم، الشيخ الطوسي (ره) في مقدمة الفهرست تعرض لأحمد بن الحسين (الابن ) وقال إن له كتابين، ذكر في أحدهما المصنفات والآخر في الأصول، ومدحهما، غير أنه ذكر عن بعضهم أن بعض ورثته اتلفهما ولم ينسخهما أحد. مما يظهر منه عدم وجود نسخة أخرى ( وللأسف ).
ثم إن هذا الكتاب قد اختفى من التداول، وأول من وقف عليه هو السيد ابن طاووس الحلّي عندما قال: اني عزمت على أن أجمع في كتابي هذا أسماء الرجال المصنفين وغيرهم ممن قيل فيه مدح أو قدح من كتب خمسة كتاب الرجال لشيخنا أبى جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضي الله عنه، وكتاب فهرس المصنفين له، وكتاب اختيار الرجال من كتاب الكشي أبى عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز له، وكتاب أبى الحسين أحمد بن العباس النجاشي الأسدي، وكتاب ابي الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري في ذكر الضعفاء خاصة. [4]
وقد اعتمد على الكتاب العلامة الحلّي وكذلك ابن داوود.
لكن المشكلة كانت في عدم بيان ابن طاووس لكيفية وقوفه عليه، ونعلم أن ما بين الشيخ الطوسي وابن طاووس أكثر من مائتي عام، في هذه الفترة كان الكتاب مختفيا، ولكن ما كان متداولا هو ان ابن الغضائري لديه كتاب.
إلى هنا نستطيع التشكيك بثبوت الكتاب، إذ ما هي القرائن التي اتكل عليها العلامة لإثباته بعد كل هذه المدّة ؟! وهذا ما لا يمكن إثباته إلا الاطمئنان إلى موقف ابن طاووس والعلامة، وهذا عهدته على مدعيه. وهذا اجتهاد منه في موضوع وليس في الاحكام، وحدس منه فليس حجة علينا.
ثم إنه بعد ذلك – وهذا تحليل مني – وجد أعداء المذهب وسيلة إلى الدخول فيه واليه، بوضع كتاب يخدش ويضعف كل الكبار في المذهب بكلمات قاسية كـ " كذاب " " وضاع " " لا يؤخذ بروايته ولا يعتمد عليه "، إذ لا يكاد رجل عظيم من رواة احاديثنا ينحو من خدشه والتهمة بفساده وفساد رأيه، وهذه طريقة ذكية شيطانية لإسقاط أي فكر عالمي، ومما نسميه في أيامنا هذه الحرب الناعمة، وهذا أحد الاوجه وهو اسقاط الرموز والكبار.
غدا ان شاء الله نكمل المؤيدات والردود في الاعتماد على هذا الكتاب او عدم الاعتماد عليه.