الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الرجال

38/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحاجة إلى علم الرجال.

     الدليل العاشر: نقاش الشيخ المفيد لروايات شهر رمضان المروية في الكافي.

     إسقاط المفيد لحجية الروايات التي بالغ في تصحيحها الصدوق (ره).

نكمل الادلة على عدم قطعية صدور الكتب الاربعة:

الدليل التاسع كان أن اصحاب الكتب الاربعة كالشيخ الطوسي (ره) لا يعتقدون بقطعية صدور الكافي وقد مرّ آنفا.

الدليل العاشر: ان بعض الفقهاء الكبار القدماء والقريبين من عصر الكتب الاربعة قد اسقطوا بعض روايات الكافي والفقيه، كالشيخ المفيد (ره) وهو الجليل القريب العهد منهم، فكيف يأتي من بعد أكثر من ألف سنة من يقطع بصدورها؟!

فقد ناقش الشيخ المفيد (ره) في روايات شهر رمضان التي دلّت على أن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما، وهذه الروايات ذكرها الكليني في الكافي في " باب نوادر " من ج4 من كتاب الصيام ذكر منها ثلاثة، سنذكر هذه الروايات لنرى ان هذه الروايات عمل بها الكثيرون واسقطها الشيخ المفيد (ره). وسنرى ان للشيخ المفيد موقفين في كتابين، في كتاب يأخذ بها في " لمح البرهان " ثم في كتاب آخر يسقطها وهذا لا مشكلة فيه لانه من باب التطور والنمو العلمي، وهذا نحترمه، والكتب الذي ينفي فيه ما كان عليه هو كتاب " الرسالة العددية ".

ح 1 - علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا. وعنه عن الحسن بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة مثله. [1]

ح 2 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله تبارك وتعالى خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها عن أيام السنة والسنة ثلاثمائة وأربع وخمسون يوما شعبان لا يتم أبدا رمضان لا ينقص والله أبدا ولا تكون فريضة ناقصة إن الله عز وجل يقول: و " لتكملوا العدة " وشوال تسعة وعشرون يوما وذو العقدة ثلاثون يوما لقول الله عز وجل: " وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة " وذو الحجة تسعة وعشرون يوما والمحرم ثلاثون يوما، ثم الشهور بعد ذلك شهر تام وشهر ناقص.[2]

ح 3 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن ابن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص والله أبدا. [3]

وقد كان الشيخ المفيد (ره) يعمل بها ويؤيد ابن قولويه في ذلك، وله في ذلك كتاب سماه " لمح البرهان "، وذهب إلى أن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما. وكان الكثير من الكبار يقولون بذلك. ثم عاد الشيخ لينقض ذلك ويذهب إلى جواز النقصان وصنف فيه كتابا سماه " مصابيح النور "، حيث ذهب فيه إلى قول محمد بن أحمد بن داوود القمي في أن شهر رمضان له أسوة بالشهور الاخرى في الزيادة والنقصان وبالتالي اسقط اعتبار هذه الروايات.

وقد ذكر ذلك ابن طاووس في كلام طويل في كتاب " الاقبال " ج 5.

وقد بالغ الشيخ الصدوق (ره) في تصحيح هذه الروايات، حيث قال: من خالف هذه الاخبار، وذهب إلى الاخبار الموافقة للعامة في ضدها، أتقى كما يتقي العامة، ولا يكلّم إلا بالتقية كائنا من كان، إلا أن يكون مسترشدا فيرشد ويبيّن له، فان البدعة إنما تمات وتبطل بترك ذكرها ولا قوة إلا بالله. [4]

وهذه مبالغة في تصحيح هذه الروايات منه (ره).

ثم إن الشيخ المفيد (ره) محمد بن محمد بن النعمان العكبري، شيخ الطائفة قد تعرض لهذه الروايات في " الرسالة العددية "، وناقش في أسنادها وذكر انها روايات شاذة لا يمكن الاستدلال بها.

وينقل عنه السيد الخوئي (ره) في المعجم: قال المفيد: ( وأما ما تعلق به أصحاب العدد من أن شهر رمضان لا يكون أقل من ثلاثين يوما، فهي أحاديث شاذة قد طعن نقلة الآثار من الشيعة في سندها، وهي مثبتة في كتب الصيام، في أبواب النوادر، والنوادر هي التي لا عمل عليها [5] . وأنا أذكر جملة ما جاءت به الأحاديث الشاذة وأبيِّن عن خللها وفساد التعلق بها في خلاف الكافة إن شاء الله.

فمن ذلك حديث رواه محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا. وهذا حديث شاذ نادر غير معتمد عليه. في طريقه محمد بن سنان، وهو مطعون فيه، لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه، وما كان هذا سبيله لم يعمل عليه في الدين.

ومن ذلك حديث رواه محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد الآدمي، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن الله عز وجل خلق الدنيا في ستة أيام، ثم اختزلها من أيام السنة، فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما، وشعبان لا يتم، وشهر رمضان لا ينقص أبدا، ولا تكون فريضة ناقصة، إن الله تعالى يقول: ولتكملوا العدة. وهذا الحديث شاذ مجهول الاسناد، ولو جاء بفعل صدقة أو صيام أو عمل لوجب التوقف فيه، فكيف إذا جاء بشيء يخالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ولا يصح على حساب ذمي ولا ملي ولا مسلم ولا منجم، ومن عول على مثل هذا الحديث في فرائض الله تعالى فقد ضل ضلالا بعيدا، وبعد:..... [6]

غدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج4، ص78، باب النوادر، ح1.
[2] الكافي، الشيخ الكليني، ج4، ص78، باب النوادر، ح2.
[3] الكافي، الشيخ الكليني، ج4، ص79، باب النوادر، ح3.
[4] من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص171.
[5] قد مرّ سابقا بحث عن النوادر، هل معناها: لا عمل عليها، او لا حجة فيها، أو انها ابواب خاصة، أو ابواب قليلة؟!!.
[6] معجم رجال الحديث، السيد الخوئي، ج1، ص30.