الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الرجال
38/05/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الحاجة إلى علم الرجال.
كان الكلام في الحاجة إلى علم الرجال حيث ان الذين قالوا بعدم الحاجة كأن بعض أدلتهم قطعية صدور الكتب الاربعة فلا داعي لعلم الرجال، وسنذكر الادلة التي ساقوها على صحة هذه الكتب، ومن الاسباب الاساسية هذه التعبيرات التي وردت عند المحدثين كـ " اليها المرجع وعليها المعوّل " وغيرها. صاحب الوسائل (ره) يذكر عن الشيخ البهائي (ره) القرائن التي ساقوها على صحّة هذه الكتب وسنذكرها. ونحن كنا في مقام الحاجة إلى علم الرجال والادلّة على ذلك، وكنا نسرد أدلة عدم قطعية الكتل الاربعة.
الدليل الخامس: قول الشيخ الصدوق (ره) في باب الوصي يمنع الوارث " ما وجدت هذا الحديث إلا في كتاب محمد بن يعقوب ولا رويته إلا من طريقه " [1] . نلاحظ أن لسانه لسان شك في صدور الحديث، ومعه كيف نقطع بصدور روايات الكافي إذا لم يكن امثال الصدوق وهو المحدث البارع والقريب زمنا ويكاد يكون معاصرا للشيخ الكليني، ليس قاطعا بصدور روايات الكليني. نعم نستكشف احترام الصدوق للكافي لا ازيد من ذلك. والانصاف أن هذا الدليل يصلح ان يكون مؤيدا.
الدليل السادس: إن الصدوق (ره) هو نفسه يصرّح بانه يتبع في التصحيح وعدمه شيخه ابن الوليد، فهل من المعقول أن يتبع في القطع وعدمه ابن الوليد؟! والانصاف أن هذا الدليل أيضا يصلح أن يكون مؤيدا لا دليلا، لاحتمال حدوث اطمئنان عند الشيخ الصدوق من تصحيح شيخه ابن الوليد.
الدليل السابع: إن الشيخ الصدوق ذكر في آخر كتابه أنه يذكر طرقه إلى أرباب الكتب الذين روى عنهم في كتابه لتخرج الروايات عن الإرسال إلى الإسناد [2] . وظاهر هذا الكلام أنها روايات آحاد غير مقطوعة الصدور، فإذا كانت قطعية الصدور أو الشيعة يعملون بها أو عليها المعول واليها المرجع بالمعنى التفصيلي لم يكن هناك داع لذكر الاسناد.
لا يقال: إن ذكر الاسانيد كان ردا على الاقاويل التي نشرها المشوشون وأعداء الشيعة من انهم لا مستند لهم ولا لرواياتهم، أي انهم أتوا برواياتهم من الفراغ.[3]
فانه يقال: هذا الاحتمال موجود لكنه يحتاج إلى دليل، ومجرد ذكر بعضهم له قد يكون من باب تعدد الدواعي خصوصا ان ذكر الاسناد موجود منذ بداية تأليف الكتب، فقد كان المؤلفون للكتب يذكرون الأسانيد منذ البدايات، وكان المسلمون يهوون أهل البيت (ع)، فلقد قامت الثورة العباسية تحت شعار: " الرضا من آل بيت محمد (ص)، في الحديث الاسناد مذكورة حدثني فلان عن فلان. فهل من اول بدايات كتب كان هناك تهم؟ هناك كتب كتبت زمن الائمة (ع) كزمن الرضا (ع) حيث لم يكن هناك تميّز للتشيع وفي الحقيقة لم يكن الاسلام قد تبلور تماما، وألقيت عليه الضلال الكثيرة بعد انكار ولاية علي (ع) التي نزل بها القرىن في قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً ﴾. [4] [5]
الدليل الثامن: إن كتاب الكافي أوسع وأشمل من كتاب من لا يحضره الفقيه، فلو كانت جميع روايات الكافي صحيحة عند الشيخ الصدوق (ره) فضلا عن أن تكون قطعية الصدور لم تكن حاجة إلى كتابه كتاب من لا يحضره الفقيه.
وفيه: إن هذا مؤيد قويّ لاحتمال أن يكون أراد اختصار الكافي بما ينفع الشريف الذي طلب كتابا مشابها لكتاب " من لا يحضره الطبيب " الاحتمالات موجودة لكن ظهور الكلام ان هناك اشياء لا يؤمن فيها من كتاب الكافي.
الدليل التاسع: إن الشيخ الطوسي (ره) رفض عدّة روايات من الكافي وأسقطها عن الاعتبار، فلو كانت جميعها مقطوعة الصدور لما كان وجه لإسقاطها، نذكر منها:
• التهذيب ج 9 باب الصيد والزكاة.
ح 170- محمد بن يعقوب عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن بسطام بن مرة عن إسحاق بن حسان عن الهيثم بن واقد عن علي بن الحسن العبدي عن أبي هارون عن أبي سعيد الخدري قال: امر رسول الله صلى الله عليه وآله بلالا أن ينادي أن رسول الله صلى الله عليه وآله حرم الجري والضب والحمر الأهلية.
قال محمد بن الحسن: فما تضمن هذا الحديث من تحريم لحم الحمار الأهلي موافق للعامة، والرجال الذين رووا هذا الخبر أكثرهم عامة وما يختصون بنقله لا يلتفت إليه. [6]
الشيخ الطوسي (ره) اسقط الاخذ بهذا الحديث لانه غير معتبر عنده بحسب موازينه حسب الظاهر. [7]
• الاستبصار ج 2 باب 36 - ذكر جمل من الاخبار يتعلق بها أصحاب العدد.
ح [ 230 ] 1 - محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن بعض أصحابنا عن محمد بن عيسى بن عبيد عن إبراهيم بن محمد المدني عن عمران الزعفراني قال قلت: لأبي عبد الله عليه السلام إن السماء تطبق علينا بالعراق اليومين والثلاثة فأي يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الذي صمت فيه من السنة الماضية وصم يوم الخامس.
[ 231 ] 2 - عنه عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن منصور بن العباس عن إبراهيم الأحول عن عمران الزعفراني قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إنا نمكث في الشتاء اليوم واليومين لا نرى شمسا ولا نجما فأي يوم نصوم؟ قال: انظر اليوم الذي صمت من السنة الماضية وعد خمسة أيام وصم اليوم الخامس.
فلا ينافي هذان الخبران ما قدمناه في العمل على الرؤية لمثل ما قدمناه في الباب الأول من أنهما خبر واحد، لا يوجبان علما ولا عملا، ولان راويهما عمران الزعفراني وهو مجهول، وفي إسناد الحديثين قوم ضعفاء لا نعمل بما يختصون بروايته،... [8]
فهذا اسقاط لروايات الكليني.
بعد هذا الاسقاط من الشيخ الصدوق، وهو نفسه القريب من الكليني، ونحن بعد الف سنة نقول ان هذه الروايات مقطوعة الصدور؟!
غدا الدراسي نكمل ان شاء الله.