الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الرجال
38/04/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: معنى الصحة.
• تحقيق معنى صحيح.
كان الكلام في ما قيل بانه لا حاجة إلى علم الرجال لان الكتب الاربعة كلها صحيحة، وليس هذا الكلام من فراغ ان بعض الاصوليين ذهب إلى شيء من ذلك، كلام السيد الخوئي (ره) عندما نقل عن استاذه النائيني (ره) انه قال: " ان التحقيق في اسانيد الكافي حرفة العاجز "[1] ، وانا اعرف انه حاليا من الموجودين بعضهم يذهب ليس إلى صحة الكتب الاربعة فقط بل لكل كتاب اتكل عليه الشيخ الصدوق (ره) في كتابه من لا يحضره الفقيه، وهي عشرات الكتب يذكرها في ديباجته حيث ذكر انه اتي بهذه الروايات من كتب عليها المعول واليها المرجع ".
وذكرنا كلام الكافي في ديباجته، وذكرنا كلام الصدوق (ره) ايضا في ديباجته، وسنُذَكر بالعبارات، ويقول:" وجميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع "[2] ، ككتاب حريز وغيره. وكلام الكليني (ره) في الكافي عندما يقول: " ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام والسنن القائمة التي عليها العمل "[3] . والشيخ الطوسي (ره) في كتاب العدّة والاستبصار يذكر كلاما طويلا ملخصه: " ان احاديث اصحابنا مشهورة وبينها ثلاثة اقسام: (ثم يذكر هذه الاقسام) منها ما يكون الخبر متواترا. ومنها ما يكون مقترنا بقرينة موجبة للقطع بمضمون الخبر – وهذا يشمل التواتر المعنوي والخبر المحفوف بقرينة قطعية -. ومنها ما لا يكون هذا ولا ذاك – وهذا يكون ظنيا - ولكن دلت القرائن على وجوب العمل به. وان القسم الثالث ينقسم .... وكثيرا ما.
وذكر صاحب الوسائل كلاما من كلام الشيخ الطوسي: " ان كل حديث عمل به في التهذيب والاستبصار فهو مأخوذ من الاصول والكتب المعتمدة وقد صرح في كتاب العدّة بانه لا يجوز العمل بالاجتهاد ولا بالظن في الشريعة ، وكثيرا ما يقول في التهذيب في الاخبار التي يتعرض لتأويلها ولا يعمل بها، يقول: هذا من اخبار الآحاد التي لا تفيد علما ولا عملا، وعلم ان كل حديث عمل به فهو محفوف بقرائن تفيد العلم او توجب العمل "[4] .
هذه الكلمات مهمة وغير عادية، قال بعض العلماء ان اصحاب الكتب الاربعة يشهدون بصحة رواياتهم وكتبهم بأنفسهم، لكن قبل الخوض اتصور ان مفصل الكلام حول ما معنى الصحة عند القدماء. فمثل الكليني عندما يقول
في الكافي: " الآثار الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام "، ما معنى الصحيحة؟.[5]
إذا قلنا إن الصحة بمعنى الصدور يعني انه شهد بصدورها، اما إذا كانت بمعنى وجوب العمل بها لقرائن، فمعناها انها ظنية الصدور والعمل بها لا بد فيه من دليل.
وقبل الخوض في قطعية صدور الكتب الاربعة او حجيتها، لا بد من إشارة إلى معنى " الخبر الصحيح ".
وللتوضيح نقول: الخبر الصحيح له ثلاثة معان:
احدها: الصادر، أي ما كان صادرا عن الأئمة (ع)، أي ما كان قطعي الصدور، ونقله عن الامام قطعي.
الثاني: الحجة والمعتبر، إي ما قام الدليل على وجوب العمل به ولو كان ظني الصدور.
الثالث: ما كان سنده عدل عن عدل، وهو اصطلاح المتأخرين عندما قسموا الخبر إلى اربعة أقسام: الصحيح والموثق والحسن والضعيف، وهو تقسيم العلامة (ره) أخذه عن استاذه ابن طاووس (ره) وانتشر بعده.
والظاهر ان المراد من الصحيح عند القدماء هو الثاني أي المعتبر والحجة، لأمور:
الاول: لاحظ كلام الشيخ الطوسي في كتاب العدّة وفي الاستبصار حيث قال: " أن أحاديث كتب أصحابنا المشهورة بينهم ثلاثة أقسام: منها ما يكون الخبر متواترا، ومنها ما يكون مقترنا بقرينة موجبة للقطع بمضمون الخبر [6] ، ومنها مالا يوجد فيه هذا ولا ذاك [7] ولكن دلت القرائن على وجوب العمل به، وأن القسم الثالث [8] ينقسم إلى أقسام: منها خبر أجمعوا على نقله ولم ينقلوا له معارضا، ومنها ما انعقد إجماعهم على صحته [9] وأن كل خبر عمل به في كتابي الاخبار وغيرها لا يخلو من الأقسام الأربعة. [10]
قلنا ان المختار في معنى الصحة هو المعنى الثاني أي المعتبر وسنأتي بالادلة على ذلك مثل ان النقل تختلف عن الصحة، وان شاء الله عز وجل نكمل غدا الدراسي في تحقيق معنى الصحة في معنى المعتبر ونطبقها في كلمات هؤلاء الاعلام.