45/07/11
الموضوع: ادلّة القول بحجية خبر الواحد بان عمل المشهور يجبر ضعف الرواية:
• دليل ان عمل المشهور يجبر ضعف الرواية من الروابات.
• الدليل الثالث: روايات" خذ ما اشتهر بين اصحابك"، بيانه وجوابه.
• الدليل الرابع: العمل برواية او حكم في زمن متأخر لعصر المعصوم دليل على كونه كذلك في عصره (ع)، بيانه وجوابه.
• هل إعراض المشهور يوجب وهن الرواية وسقوطها عن الحجيّة؟
• الدليل على التوهين.
• دليل من قال بعدم الجبر: اصالة عدم الحجية.
دليل الثالث: لمن قال أن عمل المشهور يجبر ضعف الروايات:
الروايات التي تقول بأن المشهور هو حجّة فتكون كل شهرة حجّة منها الشهرة العمليّة، فاصبحت الشهرة بذاتها حجّة: مثلا "خذ ما اشتهر بين اصحابك، فأن المشهور لا ريب به" فصار الخبر المشهور لا ريب فيه حتى لو كان سنده ضعيفا، فخذ به، فإن لفظ المشهور يشمل الشهرة العمليّة التي هي محل كلامنا.
وفيه: أننا قد بيّنا ذلك سابقا في الحديث عن الشهرة، وقلنا انها ليست دليلا وليست حجّة إلا في حالة واحدة وهي في حال تعارض الروايتين، اما المشهور بما هو مشهور "فربّ مشهور لا أصل له"، والقول بان هناك قرائن خفيت علينا كلام نحترمه لكنه لا يقنعنا ولسنا مستعدين للعمل به. فالشهرة امارة عرفية ظنية لكنها ليست دليلا لم تثبت دليليتها عندنا، لم يأمر الامام (ع) بالعمل بالمشهور إلا في حال التعارض، فلا يوجد امضاء ولا استعمال كما عمل بالخبر العقلائي امرنا المعصوم بالعمل به وامضاه، فالاصل في المشهور عدم الحجية ولا دليل على العمل به، وهذا يكفي وان لم يرد نهي عن العمل بالشهرة كما ورد في القياس.
نعم، في الشهرة في حال التعارض اشار الامام (ع) إلى سيرة عقلائية، وقلنا ونكرر للفائدة ان الاصل في حجية الخبر السيرة العقلائية فإذن فروع المسألة ايضا تبتني على السيرة العقلائية، فعند العقلاء إذا تعارض الخبران يأخذون بالاتقى والاورع والاصدق والاوثق والاشهر. نجد الناس تعمل بالمشهور مع تساوي الثقتين. فعند التعارض لا حاجة إذن للروايات كدليل، بل يكفي عمل الناس والعرف بالمشهور، فلا حاجة لمحاكمة الروايات ومحاكمة اللألفاظ، وستنعرض للمسألة في بحث التعارض باختصار، فالعقلاء عند التعارض يرجحون الاشهر والاعدل والاتقى والاوثق.
الدليل الرابع: هذا الدليل لم اجده مكتوبا، وهو ما طرح من احد الفضلاء وهو: الشهرة المتاخمة لعصر التشريع، أي هذا يختص بالشهرة المتاخمة لعصر الأئمة (ع) أي المتاخمة لعام 328 ه عام بداية الغيبة الكبرى. فهذا يدل على ان الحكم موجود والشهرة مطابقة للرواية فإذن الشهرة تكون معتبرة.
وتقريبه: أن الجو العام لدى المتشرعة الموجود في ذلك الزمن لا يعقل أن يختلف عن الجو العام لديهم قبل هذا الزمن، فإن تغيير الجو العام يحتاج إلى زمن، فنطمئن بالمطابقة لعصر المعصوم، أي ننتقل من ثبوت الحكم او العمل برواية من قبل الاصحاب بعد عصر المعصوم (ع) إلى اثباتها في عصر المعصوم، ولما امضى ذلك الامام نستفيد صحّة ما عمل به المشهور.
وجوابه: إن هذا لا يقتضي إلا الظن بالمطابقة، وهو لا يغني من الحق شيئا ولا يصل إلى مرحلة الدليليّة. وذكر سماحة الاستاذ امثلة من الواقع. [1] هذه ادلّة من قال بالجبر.
دليل من قال بعدم الجبر:
اولا هو الرد على من قال بالجبر، ومع سقوط أدلة الجبر، نرجع إلى اصالة عدم الحجيّة. ومعها هذا يكفي لعدم القول بانجبار الخبر الضعيف لعدم الدليل.
بعضهم يقول ان تراكم وكثرة الادلّة وإن كانت ضعيفةكل دليل بمفرده، لكنها تؤدي إلى اطمئنان وقوّة، فيصبح الاطمئنان هو الحجّة. لكن مسألتنا من أين نحصل على الاطمئنان بان العمل بالخبر الضعيف الذي قام المشهور عليه حجّة، خصوصا في ذلك الزمن الذي لم تكن فيه المجموعات الحديثيّة، وكانت الاماكن المتباعدة التي تحتاج لأشهر للتحق من رواية، مع هكذا جو لا يحصل لنا الاطمئنان بان عمل المشهور بخبر يؤدي إلى حجيّته.
النتيجة: إننا لا نقول بهذه القاعدة، إلا مع الاطمئنان بحجية الخبر بخصوصه.
الاستثناء الرابع: هل إعراض المشهور عن الرواية الصحيحة يوجب وهن الرواية ويسقطها عن الحجيّة؟
المشهور ذلك، أي ان الرواية التي تمّ مقتضي الحجية فيها، على اختلاف المباني، من كونه خبر ثقة، أو عدل، أو أن يكون الخبر موثوقا، أو أن يكون في كتاب معتبر، أو غير ذلك من مباني حجيّة الخبر، بعد تماميّة المبنى، فلو تمّ المقتضي ثم وجدنا إعراض المشهور عن الرواية، فهل يكون الاعراض مانعا عن تأثير المقتضي، أي مانعا عن الحجيّة؟
المشهور بينهم كونه أي الاعراض يوهن الرواية، أي مانعا من الحجيّة، حتى وصل الأمر من بعضهم أنه ذهب إلى أنه كلّما ازداد الخبر صحة وقوّة ووجدنا إعراضا كلّما ازداد دلالة على السقوط، إذ المشهور من الفقهاء يرون قوة وصحة الخبر فلماذا لم يأخذوا به؟! مما يدل على وجود قرائن موجبة لسقوطه خفيت علينا.