45/04/07
الموضوع: الاجماع المنقول:
• الاجماع المنقول فيه سبب وفيه مسبب وهو رأي المعصوم (ع).
• اقسام الخبر بحسب كيفية العلم بالمخبر به.
•
•
بعد الانتهاء من الاجماع، وقلنا انه لا دليل على حجيّته ونقلنا قول الشيخ الانصاري (ره)، ونقلنا محاولات تبرير فقهاء أهل العامّة للإجماع، وفقهاؤنا لما كانوا في البحر العام لفقهاء أهل السنّة قالوا بان الاجماع احد مصادر الاستنباط واوجدوا لحجيته مخارج.
الاجماع الحجّة هو الذي يكشف عن رأي المعصوم (ع)، أما إذا نقل الاجماع هل حجيّته هي من حجيّة خبر واحد أو لا؟
ما الفرق بين الاجماع وبين الخبر بما انهما يكشفان عن رأي المعصوم (ع)، لماذا نجعل الاجماع المنقول قسما رأسه او مصدرا خاصا يختلف عن الخبر، والمشترك بينهما انهما كواشف.
الفرق بينهما ان الخبر نقل لرأي المعصوم عن حس والاجماع نقل عن حدس، وهل النقل عن حدس حجّة؟
الجواب بداية بالنفي لان الاجماع هو نقل للإجماع المنقول أي هو نقل لراي المعصوم حدسيا. من هنا شك في حجيّة الاجماع من المنقول، فخبر الواحد حجيّة إذا كان عن حس، اما إذا كان الناقل عن حدس فليس بحجّة.
ولكن البحث فيها -كما سنرى- يشمل الاجماع المنقول بخبر الواحد أو بالخبر المتواتر، وسواء كان ظنيا أم قطعيا. فلو قام التواتر على نقل اجماع فكل اقسام الخبر كما سنرى تجري فيه.
لكن لما كان الاجماع متواترا او قطعيا عمل به غالبا من دون نظر، فالكلام صار فقط في الخبر الواحد، لذلك جعلوا هذا العنوان: "الاجماع المنقول بخبر الواحد" دون غيره، فالإشكالات التي ترد في بقيّة الأقسام تجري هنا ايضا.
ولذا، كان لا بد من استعراض أقسام الأخبار بحسب كيفية العلم بالمخبر به.
استعراض متى يكون خير الواحد الظني وليس المتواتر حجّة ودليلا؟
فالخبر إما قطعي أو لا. والقطعي إما متواتر أو محفوف بقرينة، وغير القطعي عبّر عنه بخبر الواحد. الواحد المحفوف بقرينة يكون عن حدس ويخرج عن محل الكلام.
ما يكون إخبارا عن حس ومشاهدة وسمع ولمس، كما لو رأيت السماء تمطر فأقول: السماء تمطر. وهذا مما لا شك في حجيّة الخبر فيه، ومنه أقول سمعت الامام (ع) يقول كذا وكذا. وسيرة العقلاء على ذلك، فإن احتمال الكذب وتعمّده مدفوع بوثاقة الناقل، والوثاقة أمر وجودي يتلبس به المخبر، كما الحدّاد سمي حدّادا لكثرة تلبسه بالحديد وهكذا غيره من أصحاب المهن، فكثرة التلبس تؤدي إلى وجود هذه الصفة وتصبح راسخة فيه.
واحتمال الغفلة أو السهو أو النسيان فمدفوع بأصالة عدمها التي استقر عليها بناء العقلاء، وهو ما يسمى بأصالة السند. [1]
مثال آخر: يقال ان فلان ظهرت لحيته، اما تكون عن رؤية منه أو لأنه علم انه بلغ خمسة عشر سنه، والمفروض ان تنبت اللحية في هذا العمر.
ومن تطبيقات هذه المسألة إخبارات علماء الرجال في التوثيقات التي ذكروها بعد زمنهم بعدّة سنوات، مثلا: النجاشي أو الطوسي او ابن قولويه أو المفيد عندما يخبر ان زرارة ثقة وبينهم وبين الموثق مدّة طويلة، واشك ان النجاشي وغيره اخبروا عن وثاقة زرارة بان فلان عن فلان الذي عاشر زرارة اخبر انه ثقة، او ان توثيقه كان من بعض القواعد العامّة من قبيل أن الثقة لا يروي إلا عن ثقة. هنا لا ادري ان التوثيق كان عن حس أو عن حدس، أي عن قواعد مستنبطة. قالوا ان السيرة العقلائية ان نبني أن التوثيق عن حس إذا كان متعلق الإخبار أمرا حسيا.
ونحن نقول بذلك وانه من التمسك بالعام بالشبهة المصداقيّة، فالأخبار لا يعمل بها إلا إذا كانت عن حس، وكأني أقول: "ان كل خبر حجّة إلا ما كان عن حدس، واشك أن هذا عن حدس أو لا فاعمل بالخبر".
فالأصوليون ليخرجوا من الاشكال في التوثيقات الرجالية، وهو اذا شككنا بان الاخبار عن حس أو عن حدس ولم نقل بحجية اخبارهم حينئذ، خرجت توثيقاتهم عن الحجية، وهذه مشكلة كبيرة جدا، إذ لا يبقى من الروايات إلا الروايات المتواترة القطعية السند على الحجيّة. فقال الأصوليون أنه عندما أشك بأن عن حس أو عن حدس وكان متعلّق الخبر امرا حدسيا اخذنا بالخبر للسيرة العقلائية على ذلك، ونحن نقول انه إذا لم تثبت السيرة العقلائية فهو من باب التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. وهم يعملون بها دون ان يشعروا.