44/06/02
الموضوع: القطع:
• العلم الاجمالي.
• مستند القول الأول: في كون العلم الاجمالي علّة تامّة للتنجيز.
• مستند هذا القول في كون اقتحام اطراف العلم الاجمالي، ولا فرق بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي في ذلك هتكا لحرمة المولى وظلما له.
• كلام المحقق الاصفهاني (ره)، والرد عليه.
نكمل الكلام في منجزية العلم الاجمالي وقلنا أن القول الأوّل هو كونه علّة تامّة للتنجيز، تماما كالعلم التفصيلي. أي له جميع آثار العلم التفصيلي من حرمة المخالفة القطعية ومن وجوب الموافقة القطعيّة ومن حرمة المخالفة الاحتماليّة وعدم كفاية الموافقة الاحتمالية، يجب متابعته والجري عليه تماما كالعلم التفصيلي ولا يمكن مخالفته.
مستند القول الأول: ذكر هذا القول جملة من الأساطين كما ذكرنا، وملخّص دليلهم يستند إلى أن مخالفة المعلوم اجمالا كمخالفة المعلوم تفصيلا في كونه هتكا لحرمة المولى وظلما له.
واعتبر هؤلاء أن هذه المسألة وجدانية، وملخص الجواب اننا لا نسلّم بذلك.
لا بأس بذكر كلام المحقق الاصفهاني (ره) في نهاية الدراية حيث يقول: " إن العلم الاجمالي لا يفارق العلم التفصيلي في حقيقة انكشاف أمر المولى ونهيه، فلا محالة يتمحّض البحث في أن الجهل التفصيلي بمتعلق طرف العلم...
(قلنا ان العلم الاجمالي هو علم تفصيلي بالجامع وجهل بالاطراف، لكنه قال ان العلم الاجمالي مؤلّف من علمين: علم تفصيلي بالجامع وعلم ان هذا لا ينطبق إلا ضمن افراد معيّنة، ولهذا التعريف مستتبعات).
... هل يعقل أن يجعل عذرا شرعا أو عقلا أم لا؟
(في العلم الاجمالي الشك والجهل موجودان، فليكن البحث في هذا الجهل هل يعقل ان يجعل عذرا عقلا وشرعا لمخالفة العلم الاجمالي).
... وحيث إن ملاك استحقاق العقاب هتك حرمة المولى، وهو منطبق على المخالفة للحكم المعلوم في البين، ولو يعلم طرف المعلوم تفصيلا، فلا فرق بين العلمين في التنجيز، ...
(سنذكر في التعليق على قوله:"وهو منطبق على المخالفة للحكم المعلوم في البين"، أنه إذا خالفت أحد الطرفين فاننا لا نعلم بانطباق الجامع، فلا نعلم بالمخالفة، فالمخالفة الاحتماليّة ليس مخالفة معلومة بأنها مخالفة للجامع، بل هناك فرق بين العلمين).
... وحيث إن هذا الحكم العقلي على نحو العلّية التامّة فلا يعقل جعل الجهل التفصيلي عذرا عقلا وشرعا إلا مع التصرّف في المعلوم وهو خلف؟
اشكال منه (ره): إن قلت: إن المخالفة القطعية هتك لحرمة المولى وخروج عن زي الرقية فيكون قبيحا لأنه ظلم، وأما المخالفة الاجمالية وترك الموافقة القطعية فلا يكون خروجا عن زي الرقية،...[1]
(لكن جوابا على كلامه الموافقة القطعية لا بد منها لان الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني، اما المخالفة القطعيّة حرام لانها هتك لحرمة المولى، لكن لا نسلّم بان المخالفة الاحتمالية هتك كالمخالفة القطعيّة، وادعاء ان الوجدان والفطرة والبديهة والعقل حاكم بذلك فعهدته على مدّعيه. اما كلام السيد الخنساري (ره) بجواز الوضوء بالاثنين كلام مرفوض لاني قطعت اني تصرفت تصرفا محرّما.
... لأنه لم يحرز أن هذا بخصوصه مبغوض للمولى.
قلت: إن نفس عدم المبالاة بالتكليف اللزومي المعلوم ظلم للمولى لخروجه عن زي الرقيّة ورسم العبوديّة، وهذا جامع بين المخالفة القطعيّة للتكليف وترك الموافقة القطعية، فأن كليهما من عدم المبالاة بالتكليف المعلوم.
(كلامه (ره) غير سليم وإن كان هناك من يؤيده كالسيد الخوئي (ره) فليس هناك هتك للمولى. نعم، يمكن ان يقال ان فيه نوعا من الهتك وتختلف رتبته، فالهتك في العلم التفصيلي أقوى منه في العلم الاجمالي. لكن فيه تأمّل، بل لا نجد هتكا اصلا كما في الشبهة البدويّة، ولا اختلاف لرتبة الهتك ليصبح علّة تامّة في التجيز).
... ومن المعلوم أن المبالاة بالوجوب المتعلّق بما لا يخرج عن الطرفين في وجدان العقل ليس إلا بالانبعاث عنه، والانبعاث عن المعلوم لا عن الواقع لا يكون إلا بفعلهما معا، ففعل أحدهما وعدمه في عدم الانبعاث عن المعلوم في وجدان العقل على حدّ سواء، فهو تارك للمبالاة بأمر المولى في وجدان العقل، فيكون ظالما مستحقا للعقاب... ". [2]
وفيه: أننا لا نسلّم بعدم الفرق في هتك حرمة المولى بين المخالفة القطعيّة والمخالفة الاحتماليّة وجدانا. وسنبين ذلك في تحقيق المسألة وبيان المختار.