44/05/04
الموضوع: القطع:
• جواز تضييق حجيّة القطع.
• القسم الثاني: إدراك العقل للحسن والقبح، وهذا ايضا لا يكون على الحكم الشرعي، لانه في طوله.
• حكم العقل بحسن الطاعة لا يثبت أن الفعل بنفسه طاعة، بل هو بحاجة إلى دليل آخر وغالبا ما يكون مولويا.
اما القسم الثاني: فادراك العقل للقبح والحسن ممكن، بل صحيح وضروري، لا شك في ذلك، إلا أنه لا يثبت حكما شرعيا كالوجوب والاستحباب أو الحرمة والكراهة، لأنه في طوله.
وبيانه مختصرا:
لماذا لا يؤدي إلى حكم شرعي؟ إن طاعة المولى حسنة يحسنها العقل، فافعل فعلا أقصد به طاعة المولى، لكن إثبات أن هذا الفعل طاعة لا يكون إلا من دليل خارج عن حكم العقل بحسن الطاعة وغالبا ما يكون بصدور الأمر المولوي به. كلامنا في الصغرى، فمفهوم طاعة المولى بلا شك امر حسن لكن هذا الفعل هل هو طاعة؟ الامر يحتاج لدليل. فالحسن هو طاعة المولى وليس الفعل بذاته.
بعبارة اخرى: الحكم لا يثبت موضوعه.
واضرب مثالين معاصرين [1] :
لا شك ولا اشكال في حسن العدل، وهذا أمر فطري وجداني. لكن كيف يتمّ العدل في الأموال؟
كلامنا هنا في الصغرى.
قال الشيوعيون: يتم بعدم تملك أحد إلا الدولة ومنعوا الملكية الخاصّة.
وقال الليبراليون: يتم بالحرمة الكاملة للرأسمال.
وقال النازيون الألمان: يتم بحرية التملك لكن تحت سلطة الدولة.
وقال الاسلام: يتم بحرية التملك ضمن الضوابط الشرعيّة.
نلاحظ: أن الجميع يدّعي العدالة، فالعدل حسن، لكن متعلّق العدل مختلف فيه. فمن أين تثبت العدالة؟
الكبرى مسلّمة لكن الكلام في الصغريات.
ولذا قلنا: إن الآخرين محدودون في تفكيرهم ومعلوماتهم، ولذا تكون قوانينهم ونظراتهم فيها ظلم للأنسان، لأن الأنسان لا يستطيع إدراك جميع الملاكات، ولا يدركها إلا خالق البشر.
نقول: إن الأحكام الشرعية تتعلّق بالأفعال، ولذا فالحكم بحسن الطاعة لا يثبت أن هذا الفعل طاعة إلا بعد صدور أمر مولوي فيه، أو كان أمرا عقليا بادراك المصلحة لو استطاع..
بعبارة أخرى: حكم العقل بكون فعل من الأفعال حسنا من باب الطاعة لا يثبت انه طاعة، بل لا بد من صدور أمر مولوي به، فحسن الطاعة والحكم بحسن الفعل بكون الفعل من الصغريات امران طوليان وليسا عرضيين.
ومثال آخر: حقوق المرأة في الإرث: فإن العدالة أمر مطلوب عقلائيا، لا ينكره أحد، لكن هل العدالة تتحقق بالمساوة في الإرث، أو في كون للذكر مثل حظ الانثيين، أو في حرمان الإناث؟ أو حرمان كل الأولاد عدا واحد؟
كل يدّعي ان منطقه وتشريعه هو العدالة.
وهكذا ودواليك، فإن كل الأنظمة في الدنيا تدّعي العدالة فكل يدّعي وصلا بليلى، ولا يعرف العدالة إلا خالق البشر، ولذا في المثال الأخير لما لم يلتفت المشرّعون من البشر إلى كامل الصورة وان النفقة على الرجل دون المرأة اتهم بعضهم الإسلام بانه ظلمها. نعوذ بالله من هكذا أوهام.
كلنا يحب الحريّة لكن هل الحرية الجنسية المدعاة حرّية، الواقع انه فوضى. وادعاء ان " المثلية " -اللواط أو السحاق - حريّة وحق، بل هو شذوذ، وفرق بين الحرّية والفوضى مغالطات وخداع وتلبيس على الناس.
الحرية مطلوبة عند كل البشر، حتى الروايات ذكرت مثلا أصل " البراءة " و" كل شيء لك حلال " كل هذه حرّية، لكن الحرّية تتقيل القيود فلا استطيع مثلا ان اسير بعكس السير أو اعمل خلاف النظام، خلطوا بين الفوضى والحريّة حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من فوضى. لكن العدالة لا يعرفها إلا خالقها لانها مصالح " وان دين الله لا يصاب بالعقول ". [2]
ولذا فهذا القسم لا يستطيع إدراك الحكم الشرعي إلا نادرا واستطاع اثبات حسن الفعل بذاته، لكن انّ له هذا.