44/04/27
الموضوع: القطع:
• قطع القطاع.
• استعراض كلام صاحب الكفاية (ره).
• الأخباريون والأصوليون لا يعملون بالظنون إلا عند اعتبارها، ولذا لا معنى لهذا التقسيم.
• ذكر كلام صاحب الكفاية الذي ينقل عن بعض الأخبارين تصريحهم بذلك.
النتيجة: انه لا يجوز تضييق حجيّة القطع لان القطع كشف تام، ومع الكشف التام لا معنى لأن انتزع منه لوازم الماهيّة فيجب الجري على طبقه.
وذكرنا ان هناك وهم من الأخباريين أن هناك تضييق على لحجية القطع وسنبحث لاحقا تخريجه.
وما أحسن ما اختصره صاحب الكفاية (ره) حيث يقول:
" وبالجملة القطع فيما كان موضوعا عقلا لا يكاد يتفاوت من حيث القاطع (سواء كان قطاعا أو لا)، ولا من حيث المورد (كما في رواية درهم الودعي)، ولا من حيث السبب (سواء كان بالعقل أو طير طائر)، لا عقلا (بانه وجداني ولا يمكن نزع الحجيّة عنه) - وهو واضح - ولا شرعا، لما عرفت من أنه لا تناله يد الجعل نفيا ولا إثباتا (القطع حجته ذاتية لا تحتاج للجعل من الشارع، حجته عقليّة من لوازم الماهيّة [1] )، وإن نسب إلى بعض الأخباريين [2] أنه لا اعتبار بما إذا كان بمقدمات عقلية (" ما حكم به العقل لا يحكم به الشرع" وذلك لوجود بعض الروايات وبعض الموارد)، إلا أن مراجعة كلماتهم لا تساعد على هذه النسبة، بل تشهد بكذبها، وأنها إنما تكون إما في مقام منع الملازمة بين حكم العقل بوجوب شيء وحكم الشرع بوجوبه، كما ينادي به بأعلى صوته ما حكي عن السيد الصدر (في كتاب الوافية) في باب الملازمة، فراجع.
وإما في مقام عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية، لأنها لا تفيد إلا الظن (نحن ايضا نقول ان المقدمات العقلية إذا أفادت الظن فليست كاشفة، فالمقصود عندهم من العقل العقل الظني وليس العقل القطعي)، كما هو صريح الشيخ المحدث الأمين الاسترآبادي -رحمه الله- حيث قال في جملة ما استدل به في فوائده على انحصار مدرك ما ليس من ضروريات الدين في السماع عن الصادقين (عليهم السلام).
يقول الآسترآبادي (ره): ( الرابع: إن كل مسلك غير ذلك المسلك - يعني التمسك بكلامهم (عليهم الصلاة والسلام) - إنما يعتبر من حيث إفادته الظن بحكم الله تعالى، وقد أثبتنا سابقا أنه لا اعتماد على الظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى أو بنفيها ). وقال في جملتها أيضا - بعد ذكر ما تفطن بزعمه من الدقيقة - ما هذا لفظه (الآسترآبادي): (وإذا عرفت ما مهدناه من الدقيقة الشريفة، فنقول: إن تمسكنا بكلامهم عليهم السلام فقد عصمنا من الخطأ، وإن تمسكنا بغيره لم يعصم عنه، ومن المعلوم أن العصمة عن الخطأ أمر مطلوب مرغوب فيه شرعا وعقلا، ألا ترى أن الامامية استدلوا على وجوب العصمة بأنه لولا العصمة للزم أمره تعالى عباده باتباع الخطأ (هذه المسألة عقليّة)، وذلك الأمر محال، لأنه قبيح، وأنت إذا تأملت في هذا الدليل علمت أن مقتضاه أنه لا يجوز الاعتماد على الدليل الظني في أحكامه تعالى)، انتهى موضع الحاجة من كلامه. [3]
وهذا ما نقله أيضا الشيخ الانصاري (ره).
هذا الكلام نقلته باكمله لانه واضح وصريح على ما أراده بعض من سمّوهم بالاخباريين، وسبق ان قلت واكرر انه ليس هناك مدرستان أو مذهبان ، لا يوجد لا اصوليون ولا اخباريون ولست اول من يقول بذلك تبيّن انهم هم يقولون ذلك، كل ما في الأمر انهم قالوا ما كان من مقدمات عقليّة هل تؤدي إلى قطع؟ إذا قلت انها تؤدي إلى قطع فاعمل بقطعك، وهم قالوا (ما نسب اليهم) انها لا تؤدي إلى قطع وانها مجرّد ظنيات، فلا بد أن لا يعملوا على طبق ظنهم.
النتيجة ونكرر: ان القطع حجته ذاتيّة غير قابلة للجعل لا تفيا ولا اثباتا، ولا علاقة للجاعل فيها، وهي قابلة لأن تكون دليلا بشرط أن تؤدي إلى قطع، فإذا صادف انك لم تقطع بها يكون هذا شأنك فلا تعمل على طبقه [4] .
إن القطع انكشاف تام، فلا تجوز مخالفته وجدانا. وهذا مسلّم.
لكن ورد بعض الأحكام التي يظهر منه في بادئ الأمر جواز مخالفة القطع بل لزومه، كمسألة دينار الودعي وغيرها.
كما أن بعض " الاخباريين ذهب إلى عدم وجوب موافقة القطع ان لم يكن منشؤه الكتاب والسنّة.
ولذا نقول: إن الحكم العقلي، بمعنى إدراك العقل للحكم يتصوّر على ثلاثة أقسام:
الاول: ادراك العقل بوجود مصلحة او مفسدة، الثاني: ادراك حسن الفعل، ثالثا: ادراك الأمر الواقعي.