41/05/17
الموضوع: العام والخاص. الفاظ العموم.
النقطة الثانية: استعمال لفظ " كل " في العموم وارادة الخصوص ليس مجازا بل على نحو الحقيقة.
الفرق بين المراد الجدي والمراد الاستعمالي.
اصالة التطابق بين المراد الاستعمالي والمراد الجدي.
لا بد للعمل بخبر الواحد الثقة من إجراء اربع اصالات: أصالة السند، واصالة الجهة، واصالة الظهور، واصالة التطابق.
عظم الله اجوركم، لا نزال في اجواء وفاة السيد الزهراء (ع)، والزهراء تريد منا ان نكثف العمل لا ان نعطل العمل.
نكمل الكلام في ادوات العموم، وقلنا ان هناك اقوالا في المسألة وقد ذكرناها.
ولعلّ سبب كثرة الاقوال هو استعمال الفاظ العموم بكثرة في الخصوص، حتى قيل: " ما من عام إلا وقد خصّ "، ولما توهّم أن إرادة الخصوص من العام من باب استعمال اللفظ في المراد، وهذا يعني استعمال اللفظ في غير ما وضع له، كان الاستعمال في الاغلب مجازيا، أو ادعائيا على مذهب السكاكي. بعبارة اخرى: لم يميّزوا بين المراد الاستعمالي والمراد الجدي.
ومن هنا، ذهب من قال بان الاستعمال علامة على الحقيقة إلى كون الموضوع له هو المشترك اللفظي بين العموم والخصوص، وهو ما ذهب إليه الشريف المرتضى في الوضع اللغوي.
إذن النقطة الاولى هي دلالة " كل " على العموم. ونحن ذهبنا إلى أن " كل "و " جميع " و " أي " وامثالها وأضرابها تدل على العموم للتبادر والارتكاز العرفي. واما التخصيص فهو ليس من باب المجاز ولذا لم يكن ما ذكروه دليلا على المجاز من كثرة التخصيص دليلا على الموضوع له حتى عند من قال بان الاستعمال علامة الحقيقة.
النقطة الثانية: هل الدلالة على الخصوص " أكرم كل عالم إلا الفاسق " والمراد الخاص هي بنحو الحقيقة أو المجاز؟
عندما اتلفظ بلفظ في قضية ما فهنا عدّة أمور:الاول: اللفظ موضوع لأي معنى.
الثاني: استعمال اللفظ في معناه الموضوع له هو استعمال حقيقي، وفي غير الموضوع له استعمال مجازي.
الثالث: المستعمل فيه هو نفس المراد الاستعمالي وهو نفس ما استعمل فيه اللفظ.
الرابع: المراد الجدي قد يتطابق مع المراد الاستعمالي وقد لا يتطابق. [1]
مثال التطابق: لو قلت: " أكرم كل عالم فـ " كل " لفظ مستعمل في معناه الموضوع له، فهي استعمالات على نحو الحقيقة، ومع ارادة العموم يكون المراد الجدي أيضا هو العموم.
أما لو قلت: " أكرم كل عالم " فقد استعملت اللفظ في العموم، أي الموضوع له هو نفسه المستعمل فيه، فالمراد الاستعمالي هو العموم، ثم بعد ذلك قلت: " لا تكرم الفساق منهم " خصصت العموم، وتبيّن أن الآمر من الاول هو أراد الخصوص، [2] أي " اطلق كل عالم " واستعمله في العموم، إلا انه يريد الخصوص جديا من الاول، فهنا افترق المراد الجدي عن المراد الاستعمالي، وكان الاستعمال في العام تمهيدا وتوطئة لبيان المراد الجدي، كمن يتكلم مع شخص ويريد افهام الكلام لشخص آخر، من قبيل: " إياك اعني واسمعي يا جارة ".
وعليه: يكون استعمال العام في العموم وليس في الخصوص، وهذا ليس استعمالا مجازيا، وان اريد الخصوص بقرينة التخصيص، أي ان الاستعمال شيء والارادة الجدية شيء آخر.
وهذا ما نراه في وجداننا حيث إننا لا نرى عند تلفظنا بعبارة: " أكرم كل عالم إلا زيدا " أي تكلّف مجازي.
ولعلّ أول من تنبه إلى هذا التفريق هو سلطان العلماء، وقد اختلف القدماء في كون العام المخصص مجازا أو حقيقة.
والصحيح ما ذكره المتأخرون من كونه على الحقيقة، ومن اختلاف المراد الاستعمالي عن المراد الجدي.
غدا ان شاء الله نكمل الفكرة لاهميتها وسنذكر ما الفرق بين المزاح والكذب فيتضح الأمر أكثر.