40/06/21
الموضوع: النهي عن العبادة او المعاملة هل يقتضي فسادها؟
النهي عن العبادة مثلا: النهي عن الصلاة في الارض المغصوبة، او النهي عن صوم عاشوراء، النهي عن صوم العيدين، الصلاة في الحمام.
والنهي عن العبادة يشمل النهي المتعلق بنفس العبادة بعنوانها، كالمثال الثاني والثالث والرابع، والنهي المتعلّق بعنوان آخر غير عنوان العبادة وقد اجتمع عنوان الصلاة وعنوان المنهي عنه في معنون واحد كالمثال الاول.
الظاهر انه في بداية الامر كان البحث فقهيا: " ما هو حكم العبادة المنهي عنها؟ " فالسؤال كان في حكم المنهي عنه هل يقع صحيحا أو فاسدا؟ فكان البحث في مسألة فقهية فرعية، موضوعها كلي. من قبيل ما لو قلنا الخمر حرام أو لا؟ الفقاع نجس أو لا؟ إلى آخره. إذن بداية بدأ بحث المسألة ببحث حكم فقهي فرعي وهو الفساد وثبوته لموضوع كلي وهو العبادة المنهي عنها.
ومع البحث اضطر الفقهاء لبحث بعض القواعد للوصول إلى نتيجة، إذ ليس في المسألة نص خاص بفساد العبادة المنهي عنها، فبحث بعضهم في دلالة لفظ النهي على الفساد، فصارت المسألة عندهم من مباحث الالفاظ، وجعلوا النتيجة تقع كبرى للمسألة الفقهية [1] ، وبحث بعضهم في حكم العقل بالملازمة بين النهي والفساد، فصارت المسألة عندهم من الملازمات العقلية، وهكذا. ولذلك اختلفت عناوين المسألة:
منها: اقتضاء النهي للفساد، اي اصبح البحث عقليا (نهاية الاحكام للمحقق اغا ضياء العراقي).
ومنها: دلالة النهي على الفساد، اي اصبح البحث لفظيا (منهاج الوصول السيد الخميني، معالم الدين).
ومنها: النهي عن الشيء هل يقتضي فساده ام لا؟ اي بحث عقلي ( الكفاية (الآخوند) ).
ومنها: النهي عن الشيء هل يكشف عن فساده (منهاج الوصول للسيد الخميني (ره) )
ولما كان البحث الاساسي في هذه المسألة هو البحث عن القواعد العامة الواقعة كبرى في استنباط المسألة، سواء كانت لفظية ام عقلية، اصبحت المسألة اصولية، وصارت جزءا اساسيا من الدراسات الاصولية وكتب علم الاصول. [2]
لذلك نقول ان المسألة هكذا تاريخيا وهي إذن مسألة بدأت فقهية وانتهت اصولية، والفرق بينها وبين المسألة السابقة اجتماع الامر والنهي عنوانان اجتمعا فب معنون واحد، هذان العنوانان احدهما واجب والاخر حراما اجتمعا في عنوان واحد.
هذه المسألة تنقح صغريات تلك المسألة، مسألة اجتماع الامر والنهي تنقح صغرويا مسألة النهي عن العبادة، اي ان هناك عنوانان على الامتناع غلبت جانب النهي فصارت العبادة منهي عنها. عنوانان احدهما عبادي والثاني لا. هذه العبادة لما غلبت جانب النهي في مسألة اجتماع الامر والنهي فصارت عبادة منهي عنها، لما صار منهي عنها صارت صغرى لمسألتنا. وترتيب المسألة يكون على النحو التالي:
على الامتناع وتغليب جانب النهي تكون العبادة منهيا عنها.
ثم يأتي القياس التالي: هذه العبادة منهي عنها (مسألة الاجتماع)
وكل عبادة منهي عنها تقع فاسدة (مسألتنا)
النتيجة: هذه العبادة فاسدة.
إذن اجتماع الامر والنهي تنقح صغريات هذه المسألة التي هي النهي عن العبادة يقتضي الفساد فتكون هذه المسألة كبرى للمسألة الفقهية.
توضيح القاعدة:
لا بد من بيان نقاط:
النقطة الاولى: النهي المتعلق بعبادة او معاملة كالامر المتعلق بهما على نوعين، ارشادي ومولوي.
اما الارشادي كل ما لم يستعمل فيه المولى مولويته، بل ارشد إلى حكم العقل كالنهي عن الظلم الذي يحكم العقل بقبحه، وكما لو ارشد إلى الجزئية او إلى المانعية او الشرطية او غير ذلك من وجوه الارشاد، فانه لا شك يدل على الوجه الارشادي، فالنهي مثلا في قوله (ع) ( لاتصلّ فيما لا يؤكل لحمه ) يدل على شرطية الصلاة بلباس غير ماكول اللحم، فهذا يدل على بطلان الصلاة، وذلك لبطلان المشروط عند انتفاء شرطه، وهذا لا كلام فيه. لو كان مولويا كان هناك اثم وهناك عقاب وهما غير البطلان.
واما المولوي، وهو النهي التكليفي الذي فيه زجر، ويترتب عليه العقاب، فهل يدل تعلق النهي فيه على بطلان العبادة او المعاملة؟ كما لو نهى عن صوم العيدين، فلو صامهما فهل يصح الصوم وان أثم، أم يقع باطلا؟
النقطة الثانية ان النهي يشمل التنزيه والتحريم غدا ان شاء الله.