40/05/01
الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.
الوجه الثاني في صحة العبادة: ثبوت فعلية الامر بالمهم حتى مع فعلية الامر بالاهم، وهو يفترق عن الترتب.
الوجه الثاني: نكمل ما ذكره السيد الخميني (ره) في مناهج الوصول في تصحيح الضد إذا كان عباديا، وتصحيح العبادة ان لم يكن فيها أمر:
ذكرنا امس ان السيد الخميني يقول: عندما اطلق الحكم اقيموا الصلاة، اطلقها بغض النظر عن افراد الصلاة وعن المعارضات والموانع والمزاحمات والملاكات الاخرى، لم يلتفت إلى ان هذا الفرد يمكن ان يزاحم أو يعارض، فضلا إلى انه لم يلتفت إلى علاج المزاحمات، إذن فهما في عرض واحد، وهذا هو الفرق بين هذا الوجه والوجه التالي أي الترتب ففي الترتب ليسا في عرض واحد فإذا عصي الاهم جاء المهم، وهذا هو الفرق بين ان يكونا في عرض واحد وبين الترتب، هذا هو الفرق بين السيد الخميني (ره) الذي قال بان كلا الحكمين في عرض واحد وبين المحقق الكركي الذي قال بالترتب.
ونكمل المقدمات التي قدّمها السيد الخميني: الخامس: إن الاحكام الكلية القانونية تفترق عن الاحكام الجزئية من جهات كالخطاب المتوجه إلى العاجز والغافل والساهي، فان الخطاب الشخصي لا يعقل ان يتوجه إليهم لعدم معقولية انبعاث العاجز ومثله، ولكن الخطاب الكلي يصح ان يتوجه إلى العناوين الكلية، كالناس والمؤمنين، إذا كان فيهم من ينبعث عنه، ولا يلزم ان يكون باعثا أو ممكن البعث بالنسبة إلى جميعهم، فيصح الخطاب العمومي والكلي لعامّة الناس من غير تقييد بالقادر ومثله وان كان العاجز والجاهل والساهي والغافل وامثالهم معذورين في مخالفته، إذ الخطابات العامة لا تنحل إلى خطابات بعدد نفوس المكلفين، بل يكون الخطاب العمومي خطابا واحدا يخاطب به العموم.
السادس: ان الاحكام الشرعية غير مقيّدة بالقدرة لا شرعا ولا عقلا.( في عالم الانشاء لا تشترط القدرة اما في عالم الفعلية فيجب ان يكون قادرا، ومع عدم القدرة لا تستطيع ان تحرّك المكلّف إذ من القبيح تكليف العاجز. نعم لو علم الشارع بعدم قدرة جميع الافراد على الانبعاث لكن التكليف لغوا لا يصدر من حكيم إلا إذا كان في الانشاء مصلحة. وإذا كان بعض الافراد قادرا ولو مستقلا فلا يكون خلاف الحكمة.
اما شرعا فلانه ليس في الادلة ما يوجب التقييد بالقدرة العقلية. [1]
واما عقلا فلانه لا يعقل تصرّف العقل في ارادة المولى أو جعله، والتقييد والتصرف لا يمكن إلا للجاعل، نعم للعقل الحكم في مقام الاطاعة والعصيان، وان في أي مورد توجب المخالفة استحقاق العقاب، وفي أي مورد لا توجب. السابع: ان الامر بكل من الضدين امر بالمقدور، والذي يكون غير مقدور هو جمع المكلف بينهما في مقام الامتثال، وهو غير متعلق التكليف، فإذا امر المولى بازالة النجاسة عن المسجد وامر بالصلاة، لا يكون له الا أمر بهذه وامر بتلك، ومجموع الامرين ليس موجودا على حدة، والامر بالجمع او المجموع غير صادر من المولى.كل ما ذكره السيد (ره) من مقدمات نسلّم به.
نعود إلى السيد الخميني (ره): إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان متعلّقي التكليفين قد يكونان متساويين في المصلحة وقد يكون احدهما أهم:
فاما إذا كانا متساويين فلا اشكال في حكم العقل بالتخيير في اتيان ايهما شاء، فإذا اشتغل باحدهما يكون معذورا في مخالفة الاخر من غير تقييد في التكليف والمكلف به، ومع عدم اشتغاله بذلك لا يكون معذورا في ترك واحد منها، فانه قادر على اتيان كلّ واحد منهما، وانما يصير عاجزا عن عذر إذا اشتغل باحدهما. واما إذا كان احدهما أهم فان اشتغل بالاهم فهو معذور في ترك المهم لعدم القدرة عليه مع اشتغاله بضدّه بحكم العقل، وان اشتغل بالمهم فقد اتى بالمأمور به الفعلي، لكن لا يكون معذورا في ترك الاهم، فيثاب باتيان المهم ويعلقب بترك الاهم.فاتضح بما ذكرنا ان كل واحد من المتزاحمين مأمور به في عرض الآخر [2] ، سواء كانا متساويين في الاهمية او كان أحدهما أهم من الآخر، والامران فعليان متعلقان بعنوانين كليين من غير تعرض لهما لحال التزاحم وعجز المكلف، [3]
هنا يقع السؤال: نسأل السيد الخميني (ره) اولا: كيف يكونان فعليين، والفعلية في الاصطلاح تعني التحريك ووجوب الامتثال، وامتثالهما معا ممتنع.
وثانيا: إن فعليتهما معا في عرض واحد تقتضي عقابين عند تركهما معا.
غدا نكمل ان شاء الله.