40/04/23
الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.
فساد الضد الخاص إذا كان عباديا:
الوجه الثاني في فساد العبادة: ان فساد الضد الخاص هو لعدم الامر به اصلا، مثلا انقاذ الغريق ضده الصلاة، الواجب هو انقاذ الغريق، وإذا قدمت الاهم وبناء على القول بأن الضد الخاص محرم، صارت الصلاة منهي عنها وهي عبادة والنهي عن العبادة يقضي فسادها. هذا هو الوجه الاول لفساد العبادة. قالوا ان هذه ثمرة من ثمار بحث الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده.
الشيخ البهائي (ره) قال انه لا نحتاج إلى النهي عن الضد حتى نحكم بفساد العبادة، بل هناك وجه آخر لفساد الصلاة وبطلانها. كلامنا في هذا الوجه الثاني بطلان الصلاة إذن:
الوجه الاول: ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده الخاص والصلاة منهي عنها إذن هي باطلة.
الوجه الثاني: ان الصلاة بذاتها غير مأمور بها لان الضدين لا يمكن ان يأمر بهما معا مثلا زر الحسين (ع) في يوم عرفة وكن في الحج في عرفة في يوم عرفة، ضدان لا يجتمعان، هذا يعني انه لا يمكن الامر بالضدين معا لانهما لا يجتمعان، إذن لا بد من ثبوت الامر باحدهما دون الآخر، إما ان اكون في يوم عرفة بالحج او اكون في كربلاء، ولذلك نشأت مسألة وهي: إذا نذر ان يكون في مقام الامام الحسين (ع) يوم عرفة ثم استطاع الحج، يجب ان يحج او يجب أن يزور؟ الضدان لا يمكن ان يكونا مأمورين بأمر واحد فلا بد من احدهما، وبلا شك في باب التزاحم هذا مأمور به وذاك مأمور به عند التزاحم يكون لدي أمر واحد وهو الامر بالاهم في عالم الاثبات.
الشيخ البهائي (ره) قال: يقدم الاهم وهو انقاذ الغريق، والصلاة غير مأمور بها لان انقاذ الغريق أهم، فإذا صليت وعصيت الامر بانقاذ الغريق تكون الصلاة غير مأمور بها، ولما لم يكن غير مأمور بها اصبحت باطلة، يجب اعادتها في الوقت لو كان وقضاؤها خارج الوقت لو امكن. فإذن قال الشيخ البهائي ان الضد العبادي ليس مأمورا به اصلا فلا يقع صحيحا. وهذا الكلام انما يتم بناء على اشتراط صحة العبادة بداعي الامر.
من هنا نقاط:
• الضدان لا يجتمعان، وبالتالي لا يمكن البعث والدفع اليهما، فلا يتعلّق الامر بهما معا في زمان واحد.
• وبالتالي: احد الامرين لا بد من ارتفاعه ويبقى امر واحد وهو الاهم.
• فإذا كانت العبادة المأمور بها هي الاقل أهمية، كالصلاة التي تقلّ أهمية عن إنقاذ الغريق، كانت العبادة بلا أمر.
• وإذا اشترطنا لصحة العبادة ان تكون بداعي الامر، فسدت العبادة هنا إذ لا امر بها لكي يكون داعيا. أي انه اصلي فرض الظهر بداعي الامر، امتثالا لامر الله تعالى أو ما عبّروا عنه بانه قربة لله تعالى.
نعم يصح ان يصلي قربة لله تعالى لكن القربة داع وليست من ماهية العبادة. هذا ما اتبناه وابني عليه على خلاف المتداول من ان العبادة لا بد فيها من قصد القربة أو داعي الامر أو طمعا في الجنة أو الخوف من النار.
اوجه تصحيح العبادة (الضد الخاص):
الوجه الاول: توجيه صاحب الكفاية: إذن اصبحت الصلاة باطلة لعدم الامر بها، فإذا اردنا ان نصحح العبادة، قال صاحب الكفاية (ره) ان العبادة فيها محبوبية ذاتية وإن لم يكن امر بها، فالمحبوبية تصححها.
الوجه الاول: كفاية الرجحان والمحبوبية الذاتية في صحة العبادة، وهذا الوجه ذكره الآخوند (ره) في كفاية الاصول حيث يقول: وفيه انه يكفي مجرد الرجحان والمحبوبية للمولى كي يصحّ ان يتقرب به منه كما لا يخفى،
والضد بناء على حرمته يكون كذلك، فان المزاحمة على هذا لا توجب إلا ارتفاع الامر المتعلّق به فعلا مع بقائه على ما هو عليه من ملاكه من المصلحة " انتهى. [1]
ملخص كلام الكفاية: ان مصلحة الامر بالمهم لا تزول بمجرد التزاحم والرجحان، فبلحاظ هذا الحكم والمصلحة والمحبوبية والرجحان نستطيع تصحيح الصلاة.
وقد نوقش في هذا الوجه كما في المحاضرات للسيد الخوئي (ره) – بانه لا طريق لنا إلى إحراز الملاك مع قطع النظر عن الامر، فان سقط الامر بالضد الخاص فلا يمكننا احراز بقاء الملاك فيه لاحتمال ان يكون سقوطه من جهة انتفاء المقتضي، كما يحتمل ان يكون من جهة المانع مع ثبوت المقتضي، ولا ترجيح لاحد الاحتمالين على الآخر.
بعبارة اخرى: الذين ناقشوا قالوا: نحن نوافق في الكبرى ان الحسن والمحبوبية والرجحان يكفي لتصحيح الصلاة وان لم يوجد أمر بها، لكن من قال انه بعد التزاحم بالاهم يبقى الحسن المحبوبية؟. إذن الكلام ليس في الكبرى بان المصلحة تصحح العبادة، بل الكلام في الصغرى، من يقول ان الحسن موجود حين المزاحمة.
ونقول: ان شاء الله يأتي الجواب غدا. [2]
............................