40/04/04
الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.
الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده؟
قلنا ان هناك ضد عام وضد خاص، في الضد العام ما هو الدليل على التحريم؟ قيل اما بالدلالة المطابقية العينية، أي انه اصبح النهي عن الضد مدلولا عليه بالدلالة اللفظية وليس اقتضاء عقليا، صار من مباحث الالفاظ، والدلالة اللفظية تكون اما بالدلالة المطابقية أو التضمنية أو التزامية وصار ينبغي ان تدرس المسألة في مباحث الالفاظ كما فعل بعض القدماء. هنا يتبين ما في كلام الشيخ محمد حسن الاصفهاني الكومباني (ره) عندما قسّم الاصول إلى مباحث الفاظ ثم الملازمات العقلية ثم مباحث الحجة ثم الاصول العملية، حيث جعل مسألة النهي عن الضد من الملازمات العقلية، مع العلم ان بعضهم استدل بالدلالة اللفظية، لم يستدلوا بالتلازم العقلي بان الامر بالشيء يقتضي عقلا النهي عن ضده، بعضهم استدل بالعينية، والعينية لفظية، وبعضهم استدل بالتضمنية، وبعضهم استدل بالدلالة اللإلتزامية.
فالضد العام استدل عليه اولا بالدلالة العينية أي بالمطابقية، قالوا ان الامر بالشيء هو عين النهي عن ضده
وقلنا إن العينية معناها اتحاد الموضوع والمحمول مفهوما، والاتحاد المصداقي لا يعني انه دلالة مطابقية. فمثلا: في قولنا: النار حارة، يتحد الموضوع والمحمول خارجا ومصداقا وافرادا [1] ، إلا انهما مختلفان مفهوما وبينهما عموم وخصوص مطلق، فلا يمكن القول بان النار عين الحرارة. وهنا المفهومان مختلفان مفهوم الامر بالشيء ومفهوم الامر بترك الترك. والامر والنهي يتعلقان بالمفهوم، وإن كان المتعلق بها بالحمل الشائع الصناعي.
لا يقال: إن بين المصاديق في مسألتنا: الامر بالشيء والنهي عن ضده اتحاد خارجي فيختلف عن مثال النار والحرارة،
فلو امر بشيء فقد امر بمصاديقه فإذا كانت المصاديق مشتركة يكون المراد قد تحقق، وفي المسألة: طلب الصلاة يعني طلب ترك ترك مصاديقها، والنهي عن ترك الصلاة يعني طلب ترك تركها، وهما نفس المصاديق، وهو المطلوب.
قد يقال: ان المطلوب هو المصاديق في الخارج فإذا اختلفا مفهوما واتحدا مصداقا فهذا كاف.
نقول اولا: المراد من العينية المطابقية الاتحاد المفهومي.
ولا شك في اختلاف المفهوم الامر بالشيء عن مفهوم طلب ترك الترك.
ثانيا: إن الامر والنهي متعلقان بالمفهوم وليس بالمصاديق، إذ من المحال طلب الافراد، بل المطلوب هو العنوان وامتثاله يكون بالمصاديق.
وبعبارة اخرى: إن اتحاد المصاديق لا يعني اتحاد العنوان والحال ان متعلق الطلب هو العنوان.
يقول صاحب الكفاية (ره) " نعم لا باس بان يكون المراد بالعينية ان يكون هناك طلب واحد وهو كما يكون حقيقة منسوبا إلى الوجود وبعثا إليه كذلك يصح ان بنسب إلى الترك بالعرض والمجاز ويكون زجرا وردعا عنه " . [2]
لكن هذا التوجيه منه لا يسمن ولا يغني من جوع، فان كلامنا هو في الجعل الشرعي المولوي الحقيقي للنهي عن الضد العام، لا المجازي وبالعرض.
أما الدليل الثاني التضمن والجزئية:
يقول صاحب الكفاية (ره) " انه قيل بدلالة الامر بالشيء بالتضمن على النهي عن الضد العام، بمعنى الترك، حيث إنه يدل على الوجوب المركب من طلب الفعل والمنع من الترك، والتحقيق انه لا يكون الوجوب إلا طلبا بسيطا ومرتبة وحيدة اكيدة من الطلب لا مركبا من طلبين، نعم في مقام تحديد تلك المرتبة وتعيينها [3] ، ربما يقال: الوجوب يكون عبارة عن طلب الفعل مع المنع من الترك ". [4]
وهذا كلام سليم فان هذا التعبير ليس حدا تاما [5] كي نقول ان الوجوب جزآن: جنس وفصل، بل هو من باب شرح الاسم واللفظ، والوجوب امر بسيط، فالمنع من الترك من اللوازم لا من المقومات.