40/04/03
الموضوع: تلخيص ما مضى من مباحث الاصول وبيان رأي السيد الاستاذ ودليله مختصرا.
الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده؟
الامر بالشيء لا يقتضي ولا يدل على النهي عن ضده، والكلام هو هل يحكم الضد بالنهي المولوي التكليفي الجعلي؟ ونقول كما ان المقدمة ليست واجبة بالوجوب الجعلي المولوي الغيري كذلك والضد غير منهي عن تركه كذلك. ولنشرع في البحث:
العنوان: الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده، لكن المفروض ان يكون العنوان عنوانا آخر وهو: هل الضد محكوم بالنهي والجعلي المولوي؟ اما حديث الاقتضاء فهو مسألة اصولية يستدل بها على حكم الضد، وقد استدل على حكم الضد بغيرها.
منشا المسألة الاصولية هو مسألة فقهية وهي: ما هو حكم ضد المأمور به؟. نعم دليلها الاقتضاء والملازمة بين الامر بالشيء والنهي عن ضده، وفلاق بين المسألة ودليلها. وهذا من قبيل مقدمة الواجب قلنا ان الكلام هل مقدمة الواجب واجبة شرعا او لا؟ وهذه مسألة فقهية دليلها الملازمة.
منشا المسألة الاصولية هو مسألة فقهية وهي: هل ضد المأمور به منهي عنه؟.
ولما كان الاستدلال نفيا أو ايجابا منصبا غالبا على مسألة وهي: هل يقتضي الامر بالشيء النهي عن ضده. اصبحت هذه المسألة اصولية وبحثها الاصوليون.
سنبحث المسألة في نقاط:
المراد من الاقتضاء. الضد قسمين ضد عام وضد خاص. ادلة الاقتضاء في الضد العام: 1- العينية، الجزئية، التلازمية.
ادلة القول بالاقتضاء في الضد الخاص: 1- مسلك المقدمية، 2- مسلك التلازم.
ثمرة المسألة: فساد الضد الخاص إذا كان عباديا. والجواب على الثمرة: 1- كفاية المحبوبية لصحة العبادة. 2- الضد الخاص صحيح بلحاظ الترتب.
المختار: وهو عدم اقتضاء الامر بالشيء النهي عن ضده لنفس ما قلناه في عدم وجوب مقدمة الواجب من ان المولى ناظر لذي المقدمة، والاقتضاء هو ذي المقدمة، نعم لا بد من المقدمة عقلا هذا شيء آخر.
النقطة الاولى: المراد من الاقتضاء في العنوان اعم من ان يكون بنحو العينية، اي ان النهي عن الضد هو عينه الامر بالشيء، أو التضمن، أي ان النهي عن الضد جزء من الامر بالشيء، أو التلازم، أي ان الامر بالشيء يلزمه عقلا باللزوم البين بالمعنى الاعم أو الاخص النهي عن ضده.
النقطة الثانية: أن المراد من الضد في العنوان مطلق المعاند أو المنافي، سواء كان وجوديا أم عدميا، فيشمل النقيض الذي يسمى بالضد العام مثلا: عدم الصلاة ضد عام للصلاة، والامر الوجودي الذي يسمى بالضد الخاص مثلا: إزالة النجاسة ضد خاص للصلاة. وحياتنا كلها اضداد، كل امر يؤمر به فلمتعلقه اضداد. [1]
النقطة الثالثة: ادلة الاقتضاء في الضد العام:
استدل على الاقتضاء بالعينية والتضمنية والتلازم.
اما العينية فبيانها ان الامر بالشيء هو عين النهي عن الترك، لان النهي عن الترك عبارة عن طلب ترك الترك، وطلب ترك الترك هو عين طلب الفعل خارجا، لان سلب السلب إيجاب، فمثلا: الامر بالصلاة هو عين النهي عن تركها، إذ لا فرق بين ان تقول : " صلِّ " وبين ان تقول " لا تترك الصلاة " فان العبارتين تؤديان معنى واحدا،
وقد استشكل عليه بوجهين:
الاول: ان هذا لا يتوجه إلا على القول بان النهي هو طلب الترك، أما إذا قلنا بان دلالة النهي هي الزجر فلا يتم هذا الوجه، إذ مفهوم الزجر غير مفهوم الطلب.
الوجه الثاني: إن العينية معناها اتحاد الموضوع والمحمول مفهوما ولا يكفي اتحادهما مصداقا. فمثلا: في قولنا: النار حارة،[2] يتحد الموضوع والمحمول خارجا ومصداقا وافرادا، إلا انهما مختلفان مفهوما وبينهما عموم وخصوص مطلق، فلا يمكن القول بان النار عين الحرارة. وهنا المفهومان مختلفان مفهوم الامر بالشيء ومفهوم الامر بترك الترك. والامر والنهي يتعلقان بالمفهوم، وإن كان المتعلق بها بالحمل الشائع الصناعي.