الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
39/07/22
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: اجتماع الامر والنهي.
• الاستدلال بالوقوع على إمكان جواز الاجتماع.
• الاستدلال بالوقوع الشرعي.
• استعراض نص الكفاية.
عرّج صاحب الكفاية على استدلال بعض الاصوليين على جواز الاجتماع بما ورد في النهي عن بعض العبادات لان افضل دليل على الامكان هو الوقوع. وقلنا انه استدلوا بدليلين على جواز اجتماع الامر والنهي احدهما الوقوع الشرعي أي على لسان الشارع وهو العبادات التي ورد النهي عنها التي عُبَّر عنها بالعبادات المكروهة التي اخذت حيزا من كلام الاصوليين في تفسيرها باعتبار ان العبادات امر مرغوب وفيه تقرب وثواب فكيف ينهى عنه، والنهي يدل على كونه مبغوضا، فاجتمعت المبغوضية والمحبوبية في آن واحد، الدليل الثاني هو الوقوع العرفي، لان الوقوع خير دليل على الامكان، هنا يحاول القائلون بالامكان الاجابة بان نبين كيفية هذا الوقوع بما يناسب عدم الجواز، فان تم وإلا لو فرضنا اننا ما استطعنا ان تفسر ظاهرة ما نقول شبهة مقابل بديهة، وهذه موجودة.
وقلنا ان صاحب الكفاية (ره) قسم العبادات وفصل لمعرفة هل اجتمع الامر والنهي او لا؟ وملخص الجواب ان الكلام في عدم جواز اجتماع الامر والنهي في واحد. أي أن يكون المتعلّق واحدا حقيقة. فإذا بينا ان هذه العبادات المكروهة قد اجتمع الامر والنهي في أثنين وليس في واحد أي قد تعدد المتعلّق، ينحل الاشكال والاستدلال بالعبادات المكروهة على الجواز. وبيّنا كيفية ذلك.
سنقرأ كلام صاحب الكفاية نفسه، يقول (ره):
إن العبادات المكروهة على ثلاثة أقسام:أحدها: ما تعلق به النهي بعنوانه وذاته، ولا بدل له [1] ، كصوم يوم عاشوراء، والنوافل المبتدئة [2] في بعض الأوقات.
ثانيها: ما تعلق به النهي كذلك [3] ، ويكون له البدل [4] ، كالنهي عن الصلاة في الحمام.
ثالثها: ما تعلق النهي به لا بذاته، بل بما هو مجامع معه وجودا، أو ملازم له خارجا [5] ، كالصلاة في مواضع التهمة، بناء على كون النهي عنها لاجل اتحادها مع الكون في مواضعها.
أما القسم الأول: فالنهي تنزيها عنه بعد الاجماع على أنه يقع صحيحا، ومع ذلك يكون تركه أرجح [6] ، كما يظهر من مداومة الأئمة عليهم السلام على الترك، إما لاجل انطباق عنوان ذي مصلحة على الترك، فيكون الترك كالفعل ذا مصلحة موافقة للغرض، وإن كان مصلحة الترك أكثر، فهما حينئذ يكونان من قبيل المستحبين المتزاحمين، فيحكم بالتخيير بينهما لو لم يكن أهم في البين، وإلا فيتعين الأهم وإن كان الآخر يقع صحيحا، حيث إنه كان راجحا وموافقا للغرض، كما هو الحال في سائر المستحبات المتزاحمات بل الواجبات، وأرجحية الترك من الفعل لا توجب حزازة ومنقصة فيه أصلا، كما يوجبها ما إذا كان فيه مفسدة غالبة على مصلحته، ولذا لا يقع صحيحا على الامتناع، فإن الحزازة والمنقصة فيه مانعة عن صلاحية التقرب به، بخلاف المقام، فإنه على ما هو عليه من الرجحان وموافقة الغرض، كما إذا لم يكن تركه راجحا بلا حدوث حزازة فيه أصلا. [7]
غدا ان شاء الله نكمل.