الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/07/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     الطبيعة غير موجودة في الخارج.

     الفرق بين عالم التعلق وعالم الامتثال. العلاقة بين العالمين.

     ثمرة القول بالفرق ، وعمد سريان الحكم إلى الافراد.

ثلاث نقاط نبينها اليوم وما بعدها حتى نصل للمختار لما لها اثر في اصل الموضوع هو جواز اجتماع الامر والنهي في واحد، ولما لها من اثر في بيان كلام النائيني (ره) وفي اشكال السيد الخوئي (ره) على النائيني.

اما الاولى: فهي ان الطبيعة موجودة في الخارج بوجود افرادها؟ هذه مسألة اختلف الفلاسفة عليها وهذه الآن احد ثمارها عندما اقول " انسان " هل هو موجود في الخارج؟ او مجرد صورة ذهنية منتزعة من افراد خارجية، الموجود في الخارج هو فقط الافراد والانسان كلي منتزع [1] معناه انه لا وجود له في الخارج. واما الاستدلال بالحمل اللغوي، هذا الحمل اللغوي لا يشترط فيه اكثر من صحته عرفا، والعرف لا يميّز لشدة الالتصاق بين الكلي وافراده، بين المنتزع من الافراد والافراد، لدرجة انك تحسبهما شيئا واحدا، اما في الدقة فهو امر كلي انا انتزعته، إذا اردت ان تدقق بالدقة العقلية تقول ان الانسان امر كلي انتزعته من افراده، الفرد شيء والكلي شيء آخر. نعم هما لصيقان ، لدرجة ان العرف يرى ان أحدهما هو الآخر وخفاء التعدد لدى العرف ليس ارا مستحيلا، بل هو موجود. ومثاله الواحد الانضمامي على القول باستلزام تعدد العنوان لتعدد المعنون. فهو في العرف متحد وبالدقة متعدد.

من قال بالاتحاد الانضمامي في المعنون لتعدد عنوانه في الحيثية التقييدية ذهبوا إلى جواز اجتماع الامر والنهي في واحد، وهذا هو كلام النائيني (ره)، لكن الاتحاد الانضمامي غير عرفي وهو في العرف امر واحد وليس امرين، ولذلك فرقوا بين الوحدة الانضمامية والوحدة الاتحادية، الوحدة الانضمامية والوحدة الاتحادية في عالم الواقع والدقة العقلية موجود لكن في عالم العرف غير موجود ويرونهما امرا واحدا، وهنا يأتي العقل ويقول ان تعدد العنوان هل يؤدي إلى تعدد المعنون او لا؟ هذه مسألة عقلية وليست مسألة عرفية.

فالكلي وافراده امران وليسا امرا واحدا، والكلي امر منتزع وليس موجودا في الخارج رغم ان بعض الاساطين الكبار ذهبوا إلى انه موجود في الخارج.

الفرق بين عالم التعلق وعالم الامتثال: الامر الثاني الذي ينبغي التوقف عنده ان عالم الامتثال يختلف عن عالم التعلّق، مقدمات الامتثال تختلف عن مقدمات التعلّق. عندما يتعلق الامر بشيء فله مقدماته. مقدمات عالم التعلق هي عالم الاقتضاء وهو عالم المصالح والمفاسد سواء كان في المتعلق او في نفس الجعل. اما عالم الامتثال فهو عالم آخر، هو عالم للوجود الخارجي هو عالم الآثار.

العلاقة بين عالم التعلق وعالم الامتثال والثمرة: نعم هناك علاقة بين عالم التعلق وعالم الامتثال وهو ان عالم التعلّق هو ان يكون المأمور به مأمورا به بالحمل الشائع الصناعي، بمعنى عندما اقول لك أكرم انسانا يعني مرادي في عالم الامتثال الانسان العرفي الخارجي لان الآثار في الخارج. لكن هذا لا يعني ابدا ان المتعلّق هو الانسان الخارجي الذي هو محل الاغراض والآثار. نعم لا بد من تصور الفرد وان يجعل المتعلق الكلي حاكيا عن الافراد. فقد تم الغرض ، ولذلك لا يتعلق به أمر اصلا لا بعد الامتثال لانه تحصيل حاصل، ولا قبله لتعلق الامر بالطبيعة. ومجرد عدم تحقق الامتثال الا به لا يعني تعلقه به. لتقريب الصورة مثال بسيط: شخص لا يكون إلا مع شخص آخر " إذا طلعت الشمس فالنهار موجود " او اذا كان زيد موجود فمحمد موجود ولا يفترقان، إذا قلت لك اتني بزيد، ونعلم أنه لا يكون إلا مع الاتيان بمحمد، هل هذا معناه انه اتني بمحمد، حتى لو فرضنا ان التلازم عقلي هل هذا معناه ان باللازم امر بالملزوم؟ لا لا علاقة لذلك، انا اريد اللازم وقد مرّذلك معنا، ولذلك قلنا في مقدمة الواجب انها ليست واجبة اصلا ولا يمكن ان تكون واجبة لان الآمر عندما امر بالواجب اراد الواجب فقط. مثلا لو استطعت ان تصعد إلى السطح من دون مقدمة اصلا فلا اشكال، انا لا اريد المقدمة ولا اللازم اصلا، انا اريد تحقق هذا الامر فقط لكن في الخارج لا يتم إلا كذلك، عدم وجوده في الخارج كذلك لا يعني انه اصبح متعلقا للامر، ولا يعني انه إذا اخليت بها لا اعاقب على الواجب، المصلحة كلها في الواجب ولا دخل لي في المقدمة، المقدمة لا بد منها، وكونها انه لا بد منها هذا لا يعني ان يتعلق الامر بها، اما كانت المقدمة قالوا ان الامر الغيري ليس فيه ثواب، بهذا الملازم . ولذلك قالوا ان الامر المقدمي ليس عليه ثواب ولا يكون عبادة، ومن هنا نشأ اشكال عبادية الطهارات الثلاث، نشأ اشكال الثواب على الطهارة.

النقطة المهمة هو ان المنشأ هو المصلحة، الانشاء جعل، هذه المصلحة انما تتم في الخارج إذا توقفت على شيء ليس معناه ان هذا الشيء اصبح مأمورا به، لذلك وضحنا التفصيل بين عالم التعلق وعالم الامتثال.


[1] لذلك في حاشية الملا عبد الله يقول: " ووجود الكلي بمعنى وجود افراده او بوجود افراده " ثم يشرحها الشارح بمعنى: عندما اقول الانسان موجود على وجه الارض، هذا الانسان الموجود هل هو كلي الانسان او الموجود افراده؟ وذلك إلى أن وجود الكلي بمعنى وجود أفراده، إذ الكلي لا يمكن أن يوجد حتى لو كان بالحمل الشائع الصناعي، لان لحاظ الافراد شيء ونفس الكلي شيء آخر. الكلي لا يمكن ان يوجد. كثير من الاساطين ذهبوا إلى ان الموجود في الخارج هو الكلي، والافراد كل فرد له حصّة من هذا الكلي واستدلوا بصحة الحمل، والجواب الا شك في صحة الحمل عرفا لشدة العلاقة بين الكلي والفرد حتى كاد العرف يراهما واحدا. ولكن مع التأمل يدرك العرف خطأه.