الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/06/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي

     تلخيص ما ذكرنا في الدروس الماضية في نقاط.

نتائج ما ذكرناه:

     إن مسالتنا تمتاز عن مسألة النهي عن العبادات انها تنقح صغراها أي بعد الفراغ من توجه النهي للعبادة.

وان مسالتنا تمتاز عن مسألة النهي عن العبادات ان مسالتنا عبارة عن اجتماع عنوانين في معنون واحد، امر ونهي ونبحث ان كليهما متوجه غليه الحكم او لا؟ وايهما. اما مسألة النهي عن العبادة انما تبحث عن النهي بعد فراغ عن توجه الامر، يوجد امر ولكن لا ادري ان النهي عن المأمور به يقتضي فساده او لا. ولذلك مسالة اجتماع الامر والنهي جعل بعضهم الثمرة فيها انها مقدمة للمسألة الثانية. يعني إذا قلنا بان الامر والنهي يجتمعان ورجحنا جانب النهي فلو تعلّق هذا بعبادة فهل النهي عن العبادة يقتضي فسادها؟ أي تصبح الاولى مقدمة للثانية، إي مسألتنا تقع صغرى في كبرى الثانية. أي إذا اردنا ان نصنع قياسا فنقول: الكبرى هي النهي عن العبادة يقتضي فسادها، والصغرى هي: اجتماع العنوانين في معنون واحد وترجيح جانب النهي هو من صغريات تلك الكبرى تكون الصلاة مأمور بها، الصغرى تعلق بها النهي، فهل النهي يدل على فسادها او لا؟

     النزاع في مسألتنا صغروي لا كبروي.

للوهلة الاولى عندما نقرأ العنوان: هل يجوز اجتماع الامر والنهي في واحد إذا اجتمع العنوانان على معنون واحد؟ هل هناك حكمان ام حكم واحد؟ هل نقول بالجواز فيؤدي إلى حكمين، او بالامتناع فيؤدي إلى حكم واحد. ظاهرها ان الاشكال كبروي: هل يجوز اجتماع الامر والنهي في واحد او لا؟ قلنا ان الاجتماع لا يقول به بشر فهو تكليف محال او تكليف بالمحال. كلامنا ان مسألتنا وهي اجتماع العنوانين على معنون واحد هل هي من مصاديق تلك الكبرى او لا؟

     الاحكام متعلقة بالطبائع على نحو الحمل الشائع الصناعي وليس متعلقة بالأفراد، وقد ذهب بعضهم إلى التفصيل بين ما إذا كان الحكم متعلقا بالطبائع فيجوز الاجتماع، وما إذا كان متعلقا بالأفراد فيمتنع. دفع القول بالتعلق بالأفراد ان الاثار هي للفرد وليست للطبيعة، الطبيعة مجرد امر انتزاعي والاثار هي للفرد الخارجي، والمهم عند الشارع هو الآثار فدفعهم إلى القول بان الاحكام تتعلق بالأفراد الخارجية. لكن فرق كبير من مقام التعلّق ومقام الامتثال.

     إن المراد بالواحد هو المصداق الواحد والمتعلق الواحد.

     إن تعدد العنوان يقتضي تعدد المعنون واقعا وإن كان متحدا ظاهرا على قول. هناك قولان: ان تعدد العنوان هل يقتضي تعدد المعنون؟ او ان تعدد الجهة هل تقتضي تعدد صاحب الجهة؟ تعدد الحيثية هل تقتضي تعدد المحيّث؟

     إن المسألة ليست لفظية فتعم كل طرق بيان الاحكام.

هذه المسألة بحثها القدماء منذ زمن والكلام بين المعتزلة والاشاعرة، لكنها لفظية او عقلية، بعض بحث القدماء لها وكأنها مسألة لفظية، البحث من الدلالات الثلث. المتأخرون قالوا انها مسألة عقلية إذ هي تشمل مل لم يكن بيان الامر والنهي بالألفاظ.

     إن القول بالامتناع يرتكز على احد امور: أما القول بسراية الاحكام من الطبائع إلى الافراد مع عدم تعدد المعنون، واما بالقول بتعلق الاحكام بالأفراد مع القول باتحاد المعنون ولو مع تعدد العنوان. او بالقول بعدم امكان تعلق الحكمين المتخالفين على متلازمين عند القول بتعدد المعنون.

     اما القول بالجواز فيرتكز على ان نصور ان متعلق الامر والنهي هو اثنان وليس واحدا، اي ان متعلق الامر غير متعلق النهي، ومستنده احد امور: إما ان الامر يتعلق بالطبائع ولا يسري إلى الفرد، واما انه يتعلق بالطبائع ويسري إلى الفرد، وهذا الفرد حصتان، ولا بد حينئذ من القول بعدم سريان الحكم الملازم إلى الملازم.

     وهناك قول لصاحب الفصول (ره) انه إذا قلنا بأصالة الماهية حينئذ يتعلق الامر بالماهية لا بالأفراد فنقول بالجواز، وإذا قلنا بأصالة الوجود يعني بالأفراد فنقول بالامتناع.

هذا ملخص ما مرّ معنا في الاسبوعين الماضيين في هذه المسألة، وسنبدأ ببعض الاقوال في المسألة:

بعضهم قال بالجواز لكنه فصّل بين الفقه والاصول ومنهم راي السيد محمد باقر الصدر وهو التالي: قال اصوليا الاوامر متعلقة بالطبائع، والاحكام لا تسري من الطبيعة إلى الفرد، وإذا كان كذلك يكون الامر متعلقا بطبيعة والنهي متعلق بطبيعة اخرى فيجوز اجتماع الامر والنهي واجتمعا مورديا لان متعلق الامر غير متعلّق النهي فاين الاجتماع؟ إذن ليس هذا الامر صغرى للكبرى.

السيد الصدر (ره) قال إذن اصوليا يجوز الاجتماع، لكن فقهيا وعرفيا وذوقا عند الامتثال يسري احدهما إلى الآخر لكن ليس من باب سريان الحكم وعدم جواز امكان تعلق المتضادين بالمتلازمين، بل من باب سريان القبح والحسن من احد المتلازمين إلى الاخر، وفي مقام الامتثال، لكن قبح المنهي عنه يسري إلى المأمور به. وذكرنا امس ان هذه المسألة من المسائل الذي يبتني عليها كل وسائل الاعلام والدعاية في العالم، انه إذا اردت ان تمرر امرا مرر شيئا آخر معه، فإذا اردت ان تجعلها قبيحة اظهر معه شيئا قبيحا والامثلة كثيرة على ذلك كمسألة زواج القاصرات وزواج الرضيع والرضيعة، حيث غلّفوا المسألة بعنوان " القاصرات " و " الرضيعة " وقد قاموا بحملة الاستنكار، وانهم أمر ضد الانسانية، وهذا امر اعتاد الشياطين عليه وهو ما يسمى بدس السمّ بالعسل. اما الجواب عليه فقد بينته على موقعنا.

نعود إلى كلام السيد الصدر (ره) قال (ره) ان قبح المنهي عنه يسري إلى حسن المأمور به ولذلك يرتفع الامر ويبقى النهي وحده، فيجوز حينئذ ان يجتمعا اصوليا اما فقهيا وعرفيا فلا يجتمعا.

غدا ان شاء الله نبيّن كلام الشيخ النائيني (ره) والمختار.