الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

39/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: اجتماع الامر والنهي.

     المسألة هي: اجتماع عنوانين أحدهما مأمور به والآخر منهي عنه في معنون واحد.

     النزاع في السألة صغروي.

     الكبرى وهي: اجتماع الامر والنهي في واحد جائز أم ممتنع، محال عقلا أو عقلائيا.

اجتماع الامر والنهي مطلب قديم حديث تعددت فيه الانظار، وبحسب منهجية القدماء كان يبحث في مباحث الاوامر من باب انه من الدلالات اللفظية. حديثا من بعد الشيخ محمد حسين الاصفهاني الكومباني (ره) اصبح يبحث في مباحث الملازمات العقلية التي هي اجتماع الامر والنهي، ودلالة النهي عن الفساد، ومقدمة الواجب، والاجزاء.

في البداية تشخيص محل الكلام وهو: عنوانان اجتمعا على معنون واحد، يعنى انه يجب ان يكون هناك عنوانين احدهما مأمور به والآخر منهي عنه ينطبقان على معنون واحد.

هذا الواحد يشمل الافراد ويشمل الكليات، ويشمل المصداق، ويشمل المفهوم. والمفاهيم سواء كانت جنسا أم فصلا ام نوعا. المسألة تشمل كل هذه الفروع.

النقطة الاولى: هل النزاع في هذه المسألة كبروي أو صغروي بمعنى ان النزاع في الكبرى او في الصغرى.

هل يجوز اجتماع الامر والنهي مثلا: " اكرم العالم ولا تكرم الفاسق. واحد الافراد وهو زيد هو عالم فاسق فهو عالم وهو فاسق " أي اجتمع فيه العنوانان، ومثلا: " الطيور طير ان كان صفيفه أكثر من دفيفه حرم اكله، وان كان له حوصلة جاز اكله. وجاءنا طير له حوصلة صفيفه اكثر من دفيفه، جهة المنع موجودة وجهة الجواز موجودة، يشمله دليل الحرمة ويشمله دليل الحليّة، فماذا نفعل؟ حرام اكله او حلال؟ ومثلوا ايضا في الصلاة في الارض المغصوبة حيث كل حركة في الارض المغصوبة حرام، هذه الحركات الصلاتية هي بنفسها واجبة لانها صلاة، ومحرّمة لانها غصب، فيرد السؤال: هذه الكينونة أي الصلاة في المكان المغصوب حرام ام حلال؟ وثمرتها هل هي عبادة منهي عنها او لا؟ إذا قلنا بجواز الاجتماع فهي مأمور بها وهي منهي عنها، وللجواز احكامه. وإذا قلنا بامتناع الاجتماع تكون إما مأمور بها وإما منهي عنها ولذلك أيضا أحكامه. والامثلة كثيرة جدا بل لعلّه لا يمر يوم في حياتنا إلا وفيه اجتماع الامر والنهي، وقلنا ايضا ان التزاحم موجود في كل أوقاتنا.

إذن النقطة الاولى التي هي محل الكلام عنوانان على معنون واحد.

هناك مقدمة ذكرناها سابقا وهي انه لا بد لكل حكم من ملاك، وهذا الملاك هو الذي يجعل الانشاء قهريا، وقلنا ان الاحكام تابعة لمصالح ومفاسد في متعلقاتها.

هل النزاع في المسألة - جواز الاجتماع او امتناع الاجتماع - كبروي أم صغروي؟ بمعنى ان النزاع في الكبرى او نزاع في الصغرى. بعضهم توهم ان النزاع كبروي، وسبب التوهم هو طرح عنوان المسألة، بمعنى أن القضية الحملية هكذا: اجتماع الامر والنهي جائز أو ممتنع؟

وكأن القياس هكذا:

الصغرى: اجتماع عنوانين على معنون واحد، وكان أحدهما مأمورا به والآخر منهي عنه، فهو اجتماع للامر والنهي.

الكبرى: هل يجوز اجتماع الامر والنهي في واحد او هل يمتنع؟ .

وهذا الطرح بهذا النحو يوهم أن النزاع هو في الكبرى، وأنه: هل يجوز هذا الاجتماع أو يمتنع؟

ظاهر القياس أن النزاع في الكبرى وليس صغرويا، أي ليس النزاع في المطبق عليه. لكن مع التأمل نجد ان النزاع صغروي وليس كبرويا.

جواز الاجتماع لا يقول به عاقل حكيم: مع العلم ان الكبرى " جواز الاجتماع " مسلّم بعدمها، إذ لا يمكن ان يقول بشر بجواز اجتماع الامر والنهي، اما لانه محال لانه اجتماع نقيضين، أو أنه تكليف بالمحال فلا يصدر من حكيم. فإذا نقلنا المسألة إلى الملاكات المأمور به وهو نفس المتعلّق يجب ان يكون فيه مصلحة او يجب ان ترجح المصلحة فيه، والمنهي عنه يجب ان يكون فيه مفسدة. فكيف يكون في شيء واحد رجحان المصلحة ورجحان المفسدة هذا محال عقلا، ولذلك قالوا انه تكليف محال لا يمكن صدروه. او بمعنى ان الامر يقتضي ان يحبه الآمر والنهي يقتضي أن يكرهه الآمر فصار امر ونهي في واحد، بغض وحب في مكلِّف واحد، وهذا ايضا محال.

إذن الكلام في الكبرى غير وارد، بل الكلام في الصغرى أي ان هل هذا من الاجتماع اولا؟ مما يعني أن الكلام في المسألة صغروي لا كبروي.

الا تلاحظ ان الاستدلال على الجواز وعدمه هو باثبات سريان الحكم إلى جميع العناوين وعدمه، يعني في تحقيق الصغرى، هل هذا من باب الاجتماع او لا؟

النقطة الثانية: ما هو الفرق بين هذه المسألة ومسألة دلالة النهي على الفساد في العبادة أو المعاملة.

إذا لاحظنا مسألة النهي عن العبادة وجعلناها قياسا سيكون القياس هكذا: صغرى: هذا نهي عن عبادة.

كبرى: والنهي عن العبادة يقتضي فسادها.

فالخلاف كبروي. وهذا فرق فارق بين المسألتين سنبيّنه بشكل اوضح غدا ان شاء الله تعالى.