الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
39/01/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : هل يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه؟
• رأي السيد الخوئي (ره) التفصيل بين شرائط الجعل فلا يصح، وشرائط المجعول.
• المقصود في أمر الآمر هو الامر الحقيقي دون الصوري لان الاخير لا خلاف في جوازه.
• امكان المسألة الاصولية بعنوان: هل يمكن جعل حكم في القضية الحقيقية مع العلم بعدم تحقق موضوعها خارجا.
• الثمرة المذكورة ليست ثمرة للمسألة الاصولية، بل هي لانطباق موضوع الكفارة المأخوذ من الروايات.
أما السيد الخوئي (ره): فقد فصّل بين شرائط الجعل وشرائط المجعول [1] ، فقد أيّد النائيني من جهة انتفاء الجعل بانتفاء شرطه [2] ، كما أيّد صاحب الكفاية من جهة وقوع الجعل من دون داعي الطلب الحقيقي، أي ان الشارع يمكن ان يأمر بداعي الامتحان أو بداعي التقيّة أو بداعي التدريب، أو لأجل منع تمامية الموضوع من قبيل " اقتلوا القاتل ". لكنه قال إن هذا لا ينبغي أن يكون محل الكلام إذ لا خلاف في إمكانه، بل لا خلاف في وقوعه، لكن الكلام في الانشاء الحقيقي هل يمكن الطلب حقيقة مع العلم بانتفاء الشرط، من قبيل طلب الوضوء مع العلم بانتفاء الطهورين.
أما الكلام في شرائط المجعول، فحصول الشرط مأخوذ في فعلية الحكم، كما في الطهور بالنسبة إلى الصلاة هل هو مأخوذ في فعلية الحكم؟ وكوجود الحاضر في الصوم " من شهد منكم الشهر فليصمه " شرط مأخوذ في المجعول، شرط مأخوذ في الفعلية لا في الجعل نفسه. فلا يمكن فعلية الحكم بدونه. نعم يمكن إنشاء الحكم بدون فعليته، ولكنه لا يصدر من الحكيم لأنه لغو محض. ولذا قالوا انه في مرحلة المجعول لا يصدر من الحكيم هذا فان أنشاء الاحكام هو على نحو القضية الحقيقية، والقضية الحقيقية ترجع إلى شرطية مقدمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت الحكم له، فإذا قلت: " الخمر حرام " فهذه ترجع إلى إن وجد الخمر فهو حرام. [3] ولذا، فان الطلب الحقيقي مع العلم بانتفاء موضوعه لا يصدر من الحكيم، وإن أمكن صدوره من الآمر العادي.
ثم يفصل (ره) بين ما إذا كان الشرط مستندا إلى نفس جعل الحكم وكان هو الداعي له كما لو قال: " القاتل يقتل " أي إذا وجد قاتل فهو يقتل، ويكون الداعي النهي عن القتل، أي عدم تحقق الموضوع في الخارج.
ونلخص كلام السيد الخوئي (ره) في ثلاثة نقاط:
• إن الكلام هو في الطلب الحقيقي دون غيره من الصوري الامتحاني والتهديدي والاستهزائي وغيرها من الدواعي.
• إن النزاع في المسألة هو أن جعل الحكم في القضية الحقيقية للموضوع المقدّر وجوده مع علم الجاعل بعدم تحقق الموضوع في الخارج أصلا، هل يجوز أو لا؟ وهذا معنى معقول؟ وهذا على خلاف ما قاله النائيني (ره) بانه غير معقول.
• التفصيل بين ما إذا كان انتفاء الشرط في الخارج مستندا إلى نفس الجعل، وبين ما إذا كان مستندا إلى غيره، فيصح الجعل في الاول بل هو موجود كثيرا دون الثاني لأنه لغو من الحكيم.
• لا ثمرة في هذه المسألة أصلا إلا الفائدة العلمية. لكن قلنا ان هناك ثمرة.
• ما ذكر من الثمرة [4] في مسألة الكفارة من عدم وجوبها على من أفطر عامدا عالما، ثم طرأ ما يمنع من تمام الصوم بناء على عدم جواز الجعل، أي عدم جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه وثبوتها على الجواز، هذه المسألة فقهية وليست أصولية. وذلك لان وجوب الكفارة على من أفطر في نهار شهر رمضان متعمدا لا يدور مدار وجوب الصوم ولو مع انتفاء شرائطه ليكون ثمرة لهذه المسألة، بل هو - على ما يستفاد من روايات الباب – مترتب على الافطار في نهار شهر رمضان عالما وعامدا بلا عذر مسوّغ له، وذلك لأن جواز الافطار في شهر رمضان في الروايات معلّق على خروج المكلف عن حدّ الترخص، فما دام لم يخرج عنه حرم عليه الافطار، وإن علم بأنه سيسافر بعد ساعة، كما أن وجوب القصر في الروايات معلّق على ذلك، ولذا يجب عليه التمام ما دام هو دون حدّ الترخص.
ثم يقول: ونتيجة ما ذكرناه هي أن وجوب الكفارة مترتب على الافطار العمدي في نهار شهر رمضان بلا مسوّغ له سواء طرأ عليه مانع من الصوم بعد أم لم يطرأ وذلك لإطلاق الروايات الدالة عليه. ( ملخص المحاضرات للفياض، ج 4، ص 10.
لكننا سنبيّن إن عدم جواز أخذ المفطرات أحكام خاصة لا علاقة لها بصدق عنوان الافطار العمدي فانتظر.
غدا ان شاء الله نكمل ونبيّن المختار وسنرى ان هذه احكام لذلك ربطت بحد الترخص ولا يعني انها تدل على افطار عمدي كما ذكر (ره).