الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/12/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : مسألة التضاد.

     لا وجود لأصل بين التزاحم والتعارض.

     مرجحات باب التزاحم ملخصا.

نعود للأصل فيما لو دار الامرين بين التزاحم والتعارض: تارة نتكلم في الاصل اللفظي، وتارة نتكلم في الاصل العملي.

اما الاصل اللفظي كأصالة العموم إذا شككنا في التخصيص، وكأصالة الاطلاق إذا شككنا في التقييد، واصالة الحقيقة إذا شككنا في كونه مجازا، والدلالات اللفظية بمختلف انواعها سواء كان لازما بالمعنى الاخص وهي الظهورات، أو الدلالات اللفظية اللازمة بالمعنى الاعم كدلالة الاشارة والتنبيه والاقتضاء إلى آخره.

اما في الدلالة اللفظية فلا يوجد عنوان التزاحم أو التعارض في آية أو رواية أو نص، فلا يوجد إطلاق ولا عموم ولا حقيقة ولا غير ذلك من الظهورات اللفظية، فلا معنى للكلام في الاصل اللفظي.

وأما الاصل العملي فكذلك، لان مجرد الشك بوجود حكمين ينفي التزاحم موضوعا، ومعه لا يدور الامر حينئذ بين التزاحم والتعارض. وبذلك لا موضوع للأصل، لان الاصل إنما يجري عند الشك ومفروض مسألتنا أني أعلم بانطباق أحد الامرين: إما التزاحم وإما التعارض.

قد يقال ان هناك مجال للأصل العملي وهو انه في التزاحم يجب ان يكون هناك ملاكان فالأصل عدم وجود الملاكين والحكمين، فالأصل عدم وجود التزاحم وبذلك يثبت التعارض.

نعلم جيدا انه في التزاحم لا بد من ثبوت الحكمين وبمجرد القول بعدم وجود أحد الحكمين ولو اجمالا ينتفي التزاحم، ومسألتنا فيما لو دار الامر بين التزاحم والتعارض.

ولكن هذا الاصل لا علاقة له بمسألتنا، وكلامنا في ما لو دار الامر بين التزاحم والتعارض، لذلك الاصل العملي في التزاحم والتعارض غير موجود اصلا وهو كما قال الشيخ النائيني (ره) وكما ذهب السيد الخوئي (ره) لا ربط بينهما.

نعم، يجري أصل البراءة في ثبوت الحكمين، ويصبح مجرى ومتعلق البراءة وجود الحكم أو لا؟ فلا علاقة للدوران في هذا الاصل في التزاحم والتعارض لا نقول أن هناك أصل في الموضوع. بعبارة اخرى: لا اصل في هذه المسألة. نعم الاصل عدم التكليف.

وعليه، نقول كما قال الشيخ النائيني (ره) لا وجود لأصل في مسألة لو دار الامر بين التزاحم والتعارض.

وبعد بيان التزاحم ما هو والتعارض ما هو، وقلنا ان التزاحم هو وجود وصدور الحكمين، ووقعت المشكلة، وبسبب عدم القدرة على الامتثال انا لا استطيع أن امتثل الحكمين ولا علاقة للتزاحم بالصدور. اما في التعارض فاحد الحكمين يكذب صدور الآخر ويكون احدهما غير صادر، أي لا وجود لحكم آخر. ولذلك العلاج بينهما يختلف اختلافا جذريا لاختلافهما في المنشأ والمناط والركيزة.

فعلاج باب التزاحم يكون بمرجحات باب التزاحم وهي كما ذكرنا سابقا مع بحث كامل فيها:

     تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل. وقد شكَّكنا في هذا التقديم، وذهبنا إلى تقديم الأهم ملاكا ولو لم يكن له بدل. بعبارة اخرى: تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل هو مرجح في حال عدم وجود مرجح آخر أهم، أي اصبح الكلام في تقديم المرجحات بعضها على بعض.

     تقديم المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية، وقد سلمنا بهذا المرجح. حيث إن المشروط بالقدرة العقلية بمجرد حصول شرطه يصبح فعليا، وبذلك يمنع المشروط بالقدرة الشرعية من الفعلية. وقد بيّنا أن الممتنع شرعا كالممتنع عقلا، والمسألة بينّاها فلا نعيد.

     تقديم الاسبق زمانا على المتأخر، ولم نرتض هذا المرجح على إطلاقه، بل التقديم يتم في خصوص ما تمّت فعليته دون الآخر فلا يشمل مرحلة الانشاء.

     تقديم الأهم ملاكا، وهذا واضح فالمصلحة الأهم تقدم، ويبقى كيف اكتشف الاهميّة.

     تقديم المحتمل الاهمية.

غدا نكمل ما تبقى من مسألة التزاحم والتعارض ونعود لمباحث الالفاظ.