الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
38/07/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : مسألة النهي عن الضد.
• توضيح لرد الشيخ النائيني (ره) على السيد اليزدي (ره).
• نحن نؤيد الشيخ النائيني (ره) إذ لا يمكن تصور جعل متعلق النذر راجحا بالنذر إلا على وجه دائر.
• تلخيص كلام النائيني (ره) بنقاط.
بعد ما رأى الشيخ النائيني (ره) أن تعلق النذر والحلف واليمين والعهد والشرط بأمر لا يكسبه رجحانا ولا يكون له أي صفة، وإذا كان الوفاء بالنذر يؤدي إلى تحليل الحرام إلى معصية، يصبح حينئذ النذر باطلا وإلا لامكن تحليل كل المحرمات.
ولهذا رد على السيد كاظم اليزدي (ره) حيث قال انه يكفي رجحان الفعل ولو في ظرف العمل وبسبب تعلق النذر به، أي ان يكون متعلّق النذر راجحا مهما كان السبب، ولو لم يكن في ذاته كذلك.
فقد كان السيد اليزدي (ره) صاحب العروة يذهب إلى أن المعتبر هو أن يكون متعلق النذر راجحا في ظرف العمل ولو بلحاظ تعلق النذر به، وبذلك صحح جواز نذر الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات.
هنا الصوم في السفر غير صحيح لما ورد: " ليس من البر الصيام في السفر "، الصوم في السفر غير مشرع لكن لما تعلّق النذر به وبانه لله عز وجل صار راجحا. كذلك الاحرام قبل الميقات.
وردّ عليه الشيخ النائيني (ره): بأن فساده ظهر مما سبق، حيث انه يشترط في صحة النذر كون متعلّقه راجحا في نفسه وغير موجب للحرام، بغض النظر عن تعلّق النذر به، وإلا لامكن تحليل جميع المحرّمات بالنذر وشبهه، وهذا ضروري البطلان.
لتوضيح كلام العلمين السيد اليزدي صاحب العروة والشيخ النائيني (ره): المسألة هي: هل تعلّق النذر بشيء يؤدّي إلى رجحانه؟
السيد اليزدي (ره) قال: نعم هو يؤدي إلى رجحانه، لان شرط انعقاد النذر هو كون العمل راجحا في ظرف العمل، كما أن المطلوب أن يكون مقدورا في ظرف العمل. ومهما كان سبب الرجحان.
الشيخ النائيني (ره) يرد بأن الشرط في انعقاد النذر هو رجحانه في نفسه وعدم استلزامه لمعصية في نفسه، وغير موجب لتحليل الحرام في نفسه، وتعلق النذر به لا يؤدي إلى رجحانه، ولو أدّى إلى الرجحان لامكن تحليل كل حرام، كما لو نذر الاعتداء على الناس، والتالي باطل بلا شك فالمقدّم مثله.
ونحن نؤيد الشيخ النائيني (ره) إذ لا يمكن تصور جعل متعلق النذر راجحا بالنذر إلا على وجه دائر، أي يلزم منه الدور. فإن متعلّق النذر يجب أن يكون راجحا، فلا يصح النذر إلا مع رجحان متعلّقه. وفي مسألتنا يتوقف رجحان الفعل على تعلّق النذر به، ويوقف تعلّق النذر به على رجحانه، وهذا دور واضح.
وعلى أي حال وقبل بيان المختار نلخص كلام النائيني في نقاط [1] :
الاولى: التنزل إلى جعل كلا الوجوبين: النذر والحج مشروطين بالقدرة الشرعية.
الثانية: إن المسألة من صغريات كبرى: الاسبق زمانا يقدّم على المتأخر.
الثالثة: إن الاسبق زمانا إنما يكون مرجحا إذا لم يوجد مرجح آخر أو جهة أخرى تقتضي تقديم المتأخر عليه. فإذا استلزم الوفاء بالنذر ترك الواجب وهو الحج فلا ينعقد النذر.
الرابعة: أن يكن متعلّق النذر مقدورا تكوينا وشرعا في ظرف العمل. وبما أن الوفاء بالنذر في ظرف العمل يستلزم تحليل الحرام ( أي ترك الحج ) فيكون الوفاء بالنذر باطلا لأنه غير مقدور شرعا فانه يستلزم تحليل الحرام، والممتنع شرعا ممتنع عقلا.
الخامسة: كون متعلّق النذر خصوص الحصّة المقدورة، أي ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) [2] لا تشمله، ونحن نعلم ان النذر يجب ان يكون مقدورا في ظرف العمل.
السادسة: إن ما ذكره السيد كاظم اليزدي (ره) في العروة الوثقى من كفاية رجحان الفعل ولو بتعلّق النذر به، فيصح النذر حينئذ، هذا امر باطل قطعا لاستلزامه جواز تحليل المحرمات بالنذر وهو ضروري البطلان.
اما المختار في المسألة فسنذكره لاحقا، وسنبيّن ان النذر والحج، النذر ليس اسبق زمانا من الحج، بل هما في عرض واحد. بعبارة اخرى: ما معنى الاسبق زمانا؟ في المرجحات احد العلاجات هو الاسبق زمانا، هل هو الاسبق انشاء؟
أم الاسبق فعلية؟ أم الاسبق وجودا؟. [3]