الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/07/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     رد الشيخ النائيني (ره) على السيد اليزدي (ره)، بان المعتبر هو كون متعلق النذر راجحا في ظرف العمل ولو بلحاظ تعلق النذر به.

بعد ما أورد الشيخ النائيني (ره) على نفسه بإيرادين وردهما، وبعد أن قال أنه يجب تقديم الحج للأسباب التي ذكرها وأن النذر يجب أن يكون من أساسه وفي نفسه راجحا لا في ظرفه راجح بغض النظر عن تعلق النذر به، انطلق من هذا الكلام للوصول إلى قاعدة عامة وهي: أن هذا يجري في كل ما كان وجوبه مشروطا بعدم كونه محللا للحرام. - أي أن النذر لا يقدم إذا أدى إلى تحليل حرام، مثلا: النذر بالمبيت في كربلاء يؤدي إلى ترك الواجب الذي هو الحج -. كموارد الشرط والحلف واليمين، وما شابهها، فعند مزاحمتها مع ما هو غير مشروط به يقدّم غير المشروط به ولو فُرض أنه أيضا مشروط بالقدرة شرعا.[1]

بعد ما قال أن كلامنا ليس فقط في الحج والنذر، وليس مختصا بالنذر بل في كل مشروط يؤدي إلى تحليل حرام. بعبارة اخرى: يجب أن يكون متعلق النذر راجحا مقدورا بالقدرة العقلية والشرعية. فلو استلزم حراما لا يكون مقدورا شرعا وإن كان قادرا تكوينا، والممتنع شرعا كالممتنع عقلا.

ثم إنطلق من هذا للرد على السيد اليزدي (ره) صاحب العروة حين قال: من أن المعتبر هو أن يكون متعلق النذر راجحا في ظرف العمل ولو بلحاظ تعلق النذر به [2] ، وبذلك صحح جواز نذر الصوم في السفر والاحرام قبل الميقات.

هنا الصوم في السفر غير صحيح لما ورد: " ليس من البر الصيام في السفر "، الصوم في السفر غير مشرع لكن لما تعلّق النذر به وبانه لله عز وجل صار راجحا. كذلك الاحرام قبل الميقات.

فالشيخ النائيني انطلق من هذه النقطة في تقديم النذر السابق على متعلقه إذا لم يكن أهم. نقدم الحج إذا استطاع، إذا كان في نفسه راجحا. والمقصود " بنفسه " أي بغض النظر عن تعلق النذر به، لان النذر إذا أردت الوفاء به يؤدي إلى تحليل حرام. حين اشترط النائيني أنه يشترط في النذر أن لا يؤدي إلى تحليل حرام، انطلق من هذه النقطة للرد على السيد اليزدي (ره).

وردّ عليه الشيخ النائيني (ره): بأن فساده ظهر مما سبق، حيث انه يشترط في صحة النذر كون متعلّقه راجحا في نفسه وغير موجب للحرام، بغض النظر عن تعلّق النذر به، وإلا لامكن تحليل جميع المحرّمات بالنذر وشبهه، وهذا ضروري البطلان.

ولتوضيح كلام هذين العلمين غدا ان شاء الله نكمل.

 


[1] الشيخ الانصاري (ره) في المكاسب ذكر انه في حال الشك في أي حكم، ونحن جعلناه متعلقا لعنوان مثل " ادخال السرور على المؤمنين "، يقول (ره) نعم يستحب ادخال السرور على الناس لكن لا بنحو الزنا واللواط، يوجد مخصص وهو استلزام حرام. فيكون العنوان مخصصا ولو لبّا بعدم استلزامه تحليل الحرام.
[2] من قبيل الورقة النقدية لا قيمة لها، لكن لما اعتبرتها جهة مهمّة اصبح لها قيمة. هذه القيمة معتبرة عقلائيا ولو بلحاظ اعتبار الجهة. وهنا نفس الشيء العمل بذاته ليس راجحا لكن بلحاظ تعلق النذر به اصبح راجحا. بل نجد ذلك كثرا عند الناس كتقبيل الصورة، فانك في الواقع تقبل الورق، والورق بنفسه لا قيمة له عندك ولكن بلحاظ وجود صورة عزيز عليه صار تقبيل الورق أمرا راجحا. وكما يقول الشاعر: أمرّ على الديار ديار سلمى أقبل ذا الجدار وذا الجدارا وما حب الدار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا.