الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
38/07/05
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : مسألة النهي عن الضد.
• رد السيد الخوئي (ره) على الشيخ النائيني (ره) بعدم تمامية ملاك الواجب المشروط بالقدرة عقلا.
• حكم الحكمين المشروطين بقدرة شرعية.
كان الكلام في المرجح الثاني وهو تقديم المشروط بالقدرة عقلا على المشروط بالقدرة شرعا، وقلنا ان الكبرى مسلّمة لا احد يناقش فيها لكن الكلام في وجه التقديم. يذكر السيد الخوئي (ره) عن استاذه النائيني (ره) في المحاضرات:
وأما ما ذكره (قدس سره) هنا من أن الواجب المأخوذ فيه القدرة عقلا يتقدم على الواجب المأخوذ فيه القدرة شرعا في مقام المزاحمة وإن كان صحيحا ولا مناص من الالتزام به إلا أن ما أفاده (قدس سره) في وجه ذلك غير تام، وهو: أن ملاك الواجب المشروط بالقدرة عقلا [1] تام ولا قصور فيه، فإذن لا مانع من إيجابه فعلا، وملاك الواجب المشروط بالقدرة شرعا غير تام فلا يمكن إيجابه فعلا.
السيد الخوئي (ره) لا يرتضي هذا الكلام لان مبناه ان ملاك التزاحم هو عدم القدرة على الامتثال لذلك يشمل كل المذاهب حتى الاشعرية الذين لا يقولون بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد، اما صاحب الكفاية (ره) قال بان جوهر التزاحم هو وجود ملاكين متنافيين في الواقع، وعدم القدرة على الامتثال ناشئ من تنافي الملاكات اتفاقا.
ويجيب السيد الخوئي (ره) فيقول:
ووجه عدم تماميته [2] : هو ما ذكرناه غير مرة من أنه لا طريق لنا إلى إحراز ملاكات الأحكام أصلا مع قطع النظر عن ثبوتها [3] . وعليه فلا طريق لنا إلى استكشاف أن الواجب المأخوذ فيه القدرة عقلا واجد للملاك في مقام المزاحمة، والواجب المأخوذ فيه القدرة شرعا فاقد له، لينتج من ذلك أن وجوب الأول فعلي دون الثاني.
أضف إلى هذا أن تقديم أحد المتزاحمين على الآخر بمرجح لا يرتكز بوجهة نظر مذهب دون آخر، بل يعم جميع المذاهب والآراء، ضرورة عدم اختصاص البحث في مسألة التزاحم بوجهة نظر مذهب العدلية من تبعية الأحكام للملاكات الواقعية، بل يعم البحث عنها وجهة نظر جميع المذاهب، حتى مذهب الأشعري المنكر لتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد الواقعيتين. وعلى هذا فلا وجه لما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من جعل التقديم مبنيا على وجهة نظر مذهبنا. [4]
وفيه ان المسألة أصبحت مبنائية بناء على ان جوهر التزاحم ما هو. وقد قلنا إن ملاك التزاحم وجوهره هو عدم امكان الامتثال في حال إنشاء الحكمين وعدم إمكان فعليتهما، وهذا يعني ثبوت ملاك الحكم وتحققه مما أدى به إلى إنشائه، ثم بعد إنشائه وتحقق موضوعه أصبح فعليا، نعم امتنعت فعليته لمكان المزاحمة، ولولا المزاحمة لكان فعليا. وهذا لا يعني انتفاء الملاك والمصلحة بعد ثبوتها.
هذا تمام الكلام في بعض المرجح الثاني في تقديم المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية، وهذا متسالم عليه، ووجه التقديم.
وهناك فرع لهذه المسألة: لو كان الحكمان مشروطين بقدرة شرعية والكلام في اصل الموضوع، فما هو مرجح او لا يوجد مرجح؟ ألفت النظر لما ذكرناه سابقا من أن الكلام في علم الأصول هو البحث عن القواعد كقواعد من قبيل الكلام في صيغة الامر بغض النظر عن مضمونها او مادتها هل تؤدي إلى استحباب او غيره. ومثلا في المرجح الاول وهو تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل الكلام في التقديم بغض النظر عن المضمون والافعال والمتعلّق وبعض الافراد، قد يكون ما له بدل أهم مما ليس له بدل فيقدم من باب تنافي المرجحين. ونحن كلامنا اولا: بذاته مرجح او لا؟ وثانيا: وجه التقديم؟ ثالثا: وماذا نفعل؟
مثال تزاحم المشروطين بالقدرة الشرعية: لو كان عندي القدرة على ان اصوم احد اليومين، اليوم او غدا. ومثلا في الصلاة: أن أقوم للصلاة في صلاة الظهر أو العصر، فإما أن أصلي الظهر مع قيام أو اصلي العصر مع قيام دون صلاة الظهر، حيث إني لا استطيع القيام بقيامين.
فإذا كان كل من الواجبين مشروط بالقدرة الشرعية فإما ان يكون احدهما اسبق من الآخر زمانا او يكونا متقارنين. هناك مسألتنا: هل يقدم الاسبق زمانا في حال كونهما مشروطين بالقدرة الشرعية او لا؟ هل للأسبقية قيمة في الترجيح؟ هل تقدم فعلية شرط القيام في صلاة الظهر على صلاة العصر كما في المثال المتقدم، هل الاسبقية توجب الترجيح ام اختار؟
غدا ان شاء الله نكمل .