الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/05/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: مسألة النهي عن الضد.

     في جريان التزاحم بين الاحكام في عالم الامتثال سواء قلنا بتبعية الاحكام للمصالح والمفاسد أم لم نقل

     لا بدية بقاء الملاكين في باب التزاحم؟.

كان الكلام في التفريق بين باب التزاحم وباب التعارض واجتماع الامر والنهي ودلالة النهي على الفساد، بعد الانتهاء من هذه المباحث نكون قد انهينا الشطر الاكبر من الكفاية ونبدأ حينئذ بأدلة مباحث الحجة.

وقبل ان ننهي باب التزاحم لا باس بألفات النظر إلى اننا قلنا إن التزاحم بين الملاكات في عالم الاقتضاء ليس من شأن المكلف، وغالبا لا يستطيع ادراكه " ان دين الله لا يصاب بالعقول ". وقلنا إن الكلام فيها لا يتم إلا بناء على مذهب العدلية من تبعية الاحكام للمصالح والمفاسد. فإذا لم تكن الاحكام تتبع للمصالح والمفاسد حينئذ لا مجال لتعارض الملاكات في عالم الاقتضاء، فيجب ان تكون هناك مصالح حتى تتزاحم وتتنافى.

أما التزاحم بين الاحكام في عالم الامتثال وهو محل هذه الابحاث، فالتزاحم ومباحثه تتم على جميع المذاهب سواء قلنا بالتبعية للمصالح والمفاسد أم لم نقل كما عليه الاشعرية.

والسر في ذلك هو أن موضوع التزاحم هو عدم القدرة على الامتثال، ولا علاقة له بالملاكات، ولذلك قد يتنافى الحكمان في مقام الامتثال سواء وجد ملاك الحكم أم لم يوجد. هذا الموضوع سينفعنا ان شاء الله في مسألة: هل لا بد من تحقق الملاكين حتى يتحقق التزاحم او لا؟

ومن هنا قد يقال بناء على شمول بحث التزاحم وجريانه على القولين أي سواء قلنا بتبعية المصالح للمفاسد أم لم نقل. فعلى القول بعدم التبعية، فلا نحرز وجود ملاك ومصلحة، فكيف يتم علاج التزاحم وهو كما نعلم تقديم الأهم ملاكا؟ فإذا لم يكن هناك ملاكات كيف يقدم الاهم ملاكا؟ بتعبير آخر: التزاحم يكون علاجه بالتالي: إما بتقديم الأهم ان كان وإلا في التخيير. فإذا لم يكن هناك ملاكات كيف يقدم الأهم؟ فينحصر العلاج بالتخيير فقط.

ومعنى ذلك انه على قول الاشاعرة غير العدلية يكون العلاج في باب التزاحم هو التخيير فقط؟.

لكن يمكن الدفاع عن القول بانه يقدم الأهم ايضا، وذلك أن الحسن ما حسنه الشارع الناتج عن الجعل ليصبح هناك ملاك ويقدّم. الملاكات ناشئة عن الجعل، مع عدم مانع من وجودها قبله. وعلى هذا القول يكون التزاحم في الملاكات الناشئة وليس في الملاكات ما قبل الجعل.

ونلخص ما مرّ في خطوط قبل البدء في باب التعارض:

     لا بد لإنشاء الحكم – وهو المنشأ على نحو القضية الحقيقية، والقضية الحقيقية تلاحظ الافراد - من وجود ولو فرد واحد ولو احتمالا.

     المناط في الدخول في باب التزاحم هو عدم القدرة على الامتثال في باب واحد.

     إذا كان التلازم دائميا بحيث لا يمكن امتثال أحدهما إلا بمعصية الآخر خرجت المسألة من باب التزاحم ودخلت في باب التعارض.

     تعريف موضوع التزاحم: الحكمان أو المجعولان المستقلان المتضادان اتفاقا لا دائما.

     إذا كان المأمور به والمنهي عنه لا ينفكان امتثالا دخل في باب التعارض.

     لا يشترط في الدخول في باب التعارض حينئذ أن لا يكون للضدين ثالث، بل يدخل في باب التعارض سواء كان للضدين ثالث كإنقاذ الغريق والصلاة، أم لم يكن كالمسافر والحاضر.

إلى هنا نكون قد انهينا الكلام في بيان حقيقة التزاحم وركيزته وننتقل إلى الكلام في علاج التزاحم وبعده التعارض وعلاج التعارض.

بيان نقاط البحث وقد قلنا في ذلك:

    1. حقيقة التزاحم وموضوعه.

    2. حقيقة التعارض وموضوعه.

    3. التمايز بين التزاحم والتعارض ونقاش صاحب الكفاية(ره).

    4. علاج التزاحم البداية بالتساقط أو بالتخيير، أو الترجيح.

    5. علاج باب التعارض البداية ثم المرجحات.

إلى هنا نكون قد انهينا التزاحم، غدا ان شاء الله نشرع في علاج باب التزاحم.