الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

38/01/15

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: مسألة النهي عن الضد.

     معنى المبادئ الثلاثة.

     امثلة في المغالطات في المبادئ التصديقية.

هذه المسألة ثمراتها قليلة لكن في ضمنها فوائد.

الامر الثالث: هل المسألة من المبادئ التصورية أو المبادئ التصديقية أو مبادئ الأحكام؟

المبادئ التصورية هي كل ما ينفعني في تصور الموضوع أو المحمول، سواء أكان بلحاظ الذات أو الذاتيات، بل كل اللوازم التي تنفعني في تصور موضوع المسألة أو محمولها.

وواضح أن مسألة الضد ليست كذلك، لا في عالم الاصول ولا في عالم الفقه.

أما المبادئ التصديقية فهي كل ما ينفعني في البرهان على المسألة وصولا للتصديق بها، ولذا سمّيت بالتصديقية.

ولا شك أن الكبريات الواقعة في طريق استنباط المسألة الفقهية هي مبادئ تصديقية للمسألة الفقهية. من هذا المنظور يمكن اعتبار المسألة من المبادئ التصديقية لعلم الفقه. [1]

اما المبادئ الاحكامية: فان كان المراد منها عالم الملاكات والمصالح الذي يكون مبدأ للأحكام والذي عدّه بعضهم المرحلة الاولى من مراحل الحكم، فلا دخل للمسألة فيها كما هو واضح، وإن كان المراد أمرا آخر فإننا لا نجد غير المبادئ والتصديقية والتصورية مبادئ أخرى.

بعد تقديم هذه الامور سيكون البحث في عدّة نقاط:

الاولى: الاختلاف في المسألة.

الثانية: البحث في الضد الخاص.

الثالثة: البحث في شبهة الكعبي.

الرابعة البحث في الضد العام.

الخامسة: الثمرة في المسألة.

السادسة: مسألة الترتب.

السابعة: التزاحم والتعارض.

أما النقطة الاولى:

فقد كثر الخلاف في هذه المسألة، موضوعا وتوجها واستدلالا، ونذكر هنا كلام صاحب المعالم (ره): " وقد كثر الخلاف في هذا الاصل، واضطرب كلامهم في بيان محلّه من المعاني المذكورة للضد، فمنهم من جعل النزاع في الضد العام بمعناه المشهور – اعني الترك – وسكت عن الخاص ومنهم من أطلق لفظ الضد ولم يبيّن المراد منه. ومنهم من قال: إن النزاع إنما هو في الضد الخاص، واما العام بمعنى الترك فلا خلاف فيه، إذ لو لم يدل الامر بالشيء على النهي عنه ( أي عن الترك) لخرج الواجب عن كونه واجبا.

هذا من حيث الموضوع.

اما من حيث التوجهات غدنا ان شاء الله نكمل.

 


[1] المبدأ التصديقي يجب أن يكون مسلّما به ليتم الاستدلال به، ولذلك بجد المغالطات كثيرة ما تكون فيه. وقد سألني بعضهم عن سبب كثرة زوجات الرسول (ص) سيما ان المعادين الإسلام يصورونه أنه كان رجلا شبقا للنساء محاولة لتشويه صورته الشريفة (ص)، وقد حاول بعض المؤرخين والمفكرين التصدّي لهذا التشويه بالقول: عن زوجات الرسول (ص) معظمهنّ من كبار السنّ بحيث لا يصلحن للجنس، ورُدّ هذا الدفاع بان التاريخ يشهد عكس ذلك. والجواب الصحيح: إن ما ادّعوه مبدأ تصديقيا غير مسلم، فإننا لا نسلم أن الانبياء لا يرغبون في الغرائز، من الأكل والشرب والجنس وغير ذلك، فإنهم بشر مثلكم كما يقول القرآن الكريم، إلا أنهم يضعون الأمور في نصابها الانساني لا الحيواني. وحاصله: إن ما اعتبرتموه مبدأ تصديقيا ليس سليم فإن عشرات الآلاف من الانبياء قد أكثروا من التزوج بالنساء سوى اثنين هما: عيسى بن مريم (ع) ويحيى بن زكريا (ع) وقد بيّنا سبب عدم زواجهما في مقدمات النكاح. ولا بأس في ذكر مثال آخر من المغالطات في المبدأ التصديقي: زرت كندا قبل حوالي خمسة عشر سنة، وهناك سئلت عن مسألة شغلت القضاء الكندي، حيث إن امرأة خرجت عارية الصدر، فاعتقلتها الشرطة، فقالت لهم مدافعة عن تصرفها: " إذا كانت المرأة تساوي الرجل فلماذا يحق له ولا يحق لي؟! واحتار القضاء وأهل القانون هناك. واجبتهم: إنهم جعلوا المساواة بين الرجل والمرأة مبدأ تصديقيا مسلّما، ومعه فحجتها قويّة. لكن الاشكال في نفس هذا المبدأ التصديقي. وقد اطلقنا شعارا آخر بديلا وهو العدالة بين الرجل والمرأة، وحينئذ ينحل الاشكال.