الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/12/26

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: هل يقتضي النهي عن شيء النهي عن ضده؟

     معنى الاقتضاء.

     معنى النهي.

     معنى الضد.

قلنا ان مسألة " هل يقتضي النهي عن شيء النهي عن ضده؟ " ان هذه المسألة لا تختص باللغة العربية بل هي في كل لغات الدنيا لأنها مسألة عقلية تنفع في تشريعات كل انحاء العالم ويستفيدون منها.

ونعود لألفاظ العنوان وشرحها.

     أما الاقتضاء: المراد منه المعنى اللغوي وليس خصوص المعنى الفلسفي أي ما كان أحد أجزار العلّة التامة، فإننا نعلم انها أربعة: المقتضي والشرط، وعدم المانع، والمعد. والجزآن الأساسيان اللذان لا بد منهما لحصول المعلول هما المقتضي وعدم المانع.

والمقتضي هو المؤثر، والمانع ما يمنع من تأثير المقتضي، أي يمنع من فعلية تأثير المقتضي. والشرط هو المصحح للتأثير والمعدّ هو محل التأثير. وذلك كالإحراق المعلول لعلّة تامة وهي: المقتضي (النار)، والمعدّ( الخشب)، والشرط (تماس الخشب للنار)، وعدم المانع (عدم رطوبة الخشب).

فليس المراد من المقتضي هذا المعنى، بل المراد المعنى اللغوي بمعنى اللزوم والمقتضي، فيشمل حينئذ المعنى الفلسفي والدلالات اللفظية من مطابقية وتضمنية والتزامية والدلالات الاخرى لدلالات الإشارة والتنبيه والاقتضاء وغير ذلك. وبهذا الاقتضاء هو شامل للدلالة اللفظية، من مطابقة أو تضمن أو التزام، ولحكم العقل اللبي، وانما جعلناه شاملا ليشمل كل الأقوال والاستدلالات في المسألة كما سيأتي.

إذن المراد من الاقتضاء كل اللوازم من لفظية ولبيّة.

     النهي: كما ذكرنا، المفروض أنه يشمل الحرمة والكراهة. نقول أن وجوب الشيء يقتضي حرمة ضده، اما استحباب الشيء هل يقتضي كراهة ضده؟ مثلا: استخدام اليد اليسرى الذي اعتبروه مكروها، لان الوارد هو استحباب اليمنى، واستحباب استعمال اليمين لا يعني كراهة استعمال اليد اليسرى على نحو يكون استعمال اليسرى منافيا لاستعمال اليمنى، بل تبقى على الاباحة.

هل كلمة النهي تشمل الايجاب كما كلمة صاحب المعالم (ره): " هل الامر بالشيء على نحو الايجاب "؟ بل نقول انه يشمل الاثنين معا لان ما ورد من الادلة يمكن ان يرد هنا، مثلا: استحباب الجلوس عند الطلوعين ينافيه النوم عند الطلوعين. فهل يصبح النوم مكروها بين الطلوعين؟

     الضد : والمراد منه كل ما ينافي الشيء ولا يجتمع معه سواء كان منافيا أو معاندا، فيشمل المتخالفين والمتقابلين، بجميع أقسام التقابل.

ويشمل المنافي للأمور الوجودية أو العدمية فيشمل الاضداد الخاصة والجامع بينها وقد يسمى الجامع بالضد العام لكونه كليا ينطبق على الأضاد الخاصة، ويشمل العدم، ويسمى بالضد العام وهو الترك.

ولذا قسّموا الضد إلى قسمين: الضد الخاص والضد العام.

أما الضد الخاص: فهو الافعال الوجودية المنافية وجودا للمأمور به، سواء كان التنافي تكوينيا كالقيام المنافي للقعود، أو شرعا كالأكل المنافي للصلاة لاشتراط الشارع ذلك.

وأما الضد العام: فيطلق في استعمالاتهم على معنيين: قد يطلق احيانا على الجامع بين الاضداد الخاصة فيكون أمرا وجوديا.

ويطلق على الترك وهو عام لكل مأمور به، فضد الصلاة عدم الصلاة، فيكون أمرا عدميا.

الامر الثاني: هل المسألة فقهية أو أصولية؟.