الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

37/07/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النفسي والغيري:

بعض الثمرات لقول الشيخ الانصاري (ره) ذكرها الشيخ الانصاري (ره) في تقريراته.

تأييد السيد الخوئي (ره) لاعتراض الشيخ النائيني (ره).

قبل الانتقال لذكر رأي صاحب الفصول لا بأس بذكر بعض الثمرات التي ذكرت في التقريرات لقول الشيخ الأنصاري (ره)، أي أن الواجب هو حصة خاصة وهو المقدمة المقصود بها التوصل.

الثمرة الاولى: بطلان كل عبادة كان التكرار فيها لازما، كالثوب المتنجّس المشتبه بين ثوبين، فلتحصيل الصلاة بثوب طاهر لا بد من التكرار [1] ، وعليه فلو صلّى بأحدهما من دون قصد التكرار كانت الصلاة باطلة، أي الاطاعة الاحتمالية وهو القول بعدم كفايتها ( وهو الصحيح ) لا تكفي في قصد التوصل إلى الواجب.

وهكذا من وجبت عليه الصلاة إلى الجهات الأربع، فلو صلّى إلى إحدى الجهات من دون قصد التكرار والصلاة إلى الأربع، فالصلاة باطلة وتجب إعادتها. وهذه الثمرة الموجودة في التقريرات استغربها الشيخ النائيني (ره) حتى استبعد كونها من الشيخ الانصاري بل لا يبعد انها ثمرات من تدوين المقرر.

السيد الخوئي (ره) أيّد اعتراض النائيني (ره) وقال بان هذه الثمرة غير سليمة وملخص التأييد: أن التكرار هو مقدمة علميّة من باب الاحتياط والكلام في الوجوب الشرعي للمقدمة الوجودية، ولا يشمل العلمية ولا الوجوبية، وملاك المقدمية هو توقف الواجب عليها، أما المقدمة العلمية فالملاك فيها هو العلم بتحقق الواجب (ذي المقدمة).

ومن الثمرات المذكورة: عدم كفاية الطهارة بقصد غاية، والاتيان بها في غاية أخرى. فلو توضأ للكون على الطهارة لا يكفي الوضوء لمس كتابة القرآن مثلا. وهكذا الاغسال والتيمم.

واورد الشيخ الانصاري (ره) على نفسه قال: إن هذا الاشكال لا يتم في الوضوء لان الوضوء حقيقة واحدة وماهية فاردة، فإذا جاء بالوضوء لأية غاية فقد تمّ، ويستطيع الدخول به في كل غاية أخرى [2] ، وهذا بخلاف الاغسال فإنها حقائق متباينة وماهيات متعددة وإن اشتركت في اسم واحد.

واورد عليه النائيني (ره) بأن ما افاده بالإضافة إلى الوضوء وإن كان متينا جدا فلا مناص عنه، إلا أن ما أفاده بالإضافة إلى الاغسال من الغرائب، فإن الاختلاف في أن الأغسال حقيقة واحدة أو حقائق متعددة إنما هو باعتبار اختلاف اسبابها كالجنابة والحيض والنفاس ونحو ذلك، لا باعتبار غاياتها المترتبة عليها، ضرورة أنه لم يحتمل أحدٌ فضلا عن القول به بان الاغتسال حقائق متعددة، فهي من ناحية الغايات لا فرق بينها وبين الوضوء أصلا.

أقول: إن للوضوء أسبابا وغايات، كما أن للأغسال اسباب واحدة منها حقيقة واحدة، وهذا ما نذهب إليه.

إلا أنه يمكن توجيه كلام من قال كالشيخ الانصاري (ره) وغيره بالحقائق المتعددة في الغسل، هو أنه لم يثبت للغسل طلب استحبابي نفسي عند الكثيرين، فيكون قصد التوصل إلى الغاية حيثية تقييدية كما قال بها بعضهم. فبجمع هذين الأمرين: عدم استحبابي نفسي وكون قصد الغاية حيثية تقييدية، لزم الذهاب إلى تعدد الماهيات والحقائق في الاغسال.

وهذا بخلاف الوضوء، حيث إنه يقع ولو من دون غاية إلا رفع الحدث، أي الاستحباب النفسي، فإذا تحقق تحققت المقدمة.

إلا اننا لا نقول بالحيثية التقييدية للغايات، ولذا لا فرق بين الطهارات الثلاث في كون كل منها ماهية واحدة وحقيقة فاردة وإن اختلفت اسبابها.

بقي رأيان سنتعرض لهما: الواجب الغيري هو حصة خاصة من المقدمة وهي خصوص الموصلة، والرأي الآخر هو عدم الوجوب مطلقا كما هو عليه المحقق الاصفهاني والكومباني، وهو ما سنذهب إليه أيضا.

هذا ما سنكمله غدا ان شاء الله.

 


[1] وان كان بعض القدماء وبعض المتأخرين يقول ان الصلاة باطلة، وتجب الصلاة عاريا، كابن ادريس (ره) وغيره، لأنه كان يشترط قصد الوجه والتمييز أي انه هذه هي الصلاة الواجبة او غيرها، لا تصح الصلاة إلا بالقصد، وهذا يعني انه مع التكرار الصلاة التي اصليها المرة الاولى بالثوب الاول لا أعلم انها هي الواجبة ولا حتى الثانية فكلاهما لا يجوز الصلاة بهما فاصلي عاريا. لذلك في الرسائل العمليّة ذكرت عبارة يجوز الاحتياط ولو كان مستلزما للتكرار "، من باب الاشارة إلى عدم اشتراط قصد الوجه والتمييز.
[2] لان الوضوء كان لرفع الحدث أما الغسل على بعض الاقوال ليس لرفع الحدث.