الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
37/07/26
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: النفسي والغيري:
● الاقوال حول وجوب المقدمة.
● توجيه الشيخ النائيني لرأي الشيخ الانصاري (ره) وذلك بإرجاع الحيثية التعليلية إلى الحيثية التقييدية في الاحكام العقلية.
نكمل ما نقله السيد الخوئي (ره) عن الشيخ النائيني في توجيهه لرأي الشيخ الانصاري (ره).
فالنتيجة في نهاية الشوط: هي أنه لا فرق بين الجهات التعليلية والجهات التقييدية في الأحكام العقلية أصلا. وعلى هذا الضوء فبما أن مطلوبية المقدمة ليست لذاتها، بل لحيثية مقدميتها والتوصل بها فالمطلوب الجدي والموضوع الحقيقي للحكم العقلي إنما هو نفس التوصل، لما عرفت من أن الجهة التعليلية في الحكم العقلي ترجع إلى الجهة التقييدية. [1]
وأجاب السيد الخوئي (ره) بما ملخصه إن مسألتنا ليست من الحكم العقلي بوجوب المقدمة كي يكون ما ذكره الشيخ النائيني (ره) منطبقا، بل مسألتنا هي في كشف العقل عن حكم الشرع، أي هل العقل يكشف عن الوجوب الشرعي، أو الملازمة الشرعية؟. أي انه يسلم بكلام الشيخ النائيني ولكنه يقول إنه اجنبي عن كلامنا، لان كلامنا في كشف العقل عن حكم الشرع، أي هل المقدمة واجبة شرعا بحكم العقل؟ وهذا شيء وحكم العقل شيء آخر، نحن لا نبحث عن الحكم العقلي للمقدمة. المقدمة عقلا واجبة والمبحوث عنه هو الحكم الشرعي. نحن نبحث عن كشف العقل عن حكم الشرع.
يقول السيد الخوئي (ره): ولنأخذ بالنقد على كلا الأمرين:
أما الأمر الأول فلأن ما أفاده ( قدس سره ) من أن الجهات التعليلية في الأحكام العقلية ترجع إلى الجهات التقييدية وإن كان في نهاية الصحة والمتانة إلا أنه أجنبي عن محل الكلام في المقام، وذلك لما تقدم في أول البحث من أن وجوب المقدمة عقلا بمعنى اللابدية خارج عن مورد النزاع، وغير قابل للإنكار، وإنما النزاع في وجوبها شرعا الكاشف
عنه العقل [2] ، وكم فرق بين الحكم الشرعي الذي كشف عنه العقل والحكم العقلي! وقد عرفت أن الجهات التعليلية
في الأحكام الشرعية لا ترجع إلى الجهات التقييدية [3] ، فما أفاده ( قدس سره ) لا ينطبق على محل النزاع. [4]
إذن رد السيد الخوئي (ره) على الشيخ النائيني (ره) أن الكلام في الصغرى وليس في الكبرى التي نسلم بها وكلامه وتوجيهه خارج عن محل النزاع.[5]
نعود لكلام الشيخ النائيني (ره) فإذا كان الأمر التقييدي أو الحيثية التي من شأنها تحقيق الوجوب. هذه الحيثية ان كانت تنطبق على الفرد ترجع إلى التقييدية، وان لم تكن تنطبق على الفرد (الصغرى) تبقى تعليلية.
● نظرة في الضابطة العامة في رجوع الحيثية التعليلية إلى التقييدية:
الضابطة العامة بين التعليلي الذي يرجع إلى التقييدي أو لا يرجع هو نقطة واحدة، وهي التالي:
إذا كان الحيثية من باب الانطباق ترجع التعليليات إلى التقييديات، سواء كان في الاحكام العقلية أو الشرعية. مثلا في العقلية: " هذا الولد يجب تأديبه ويجوز ضربه لتأديبه "، " لتأديبه " حيثية تعليلية وترجع تقييدية لأنها تنطبق على هذا الفرد وفي الواقع هو التأديب، وهو متعلق الحكم الواجب. وكمثال آخر: في اجتماع الامر والنهي وهو محال، إذا انطبقا في " زيد " " اكرم العالم ولا تكرم الفاسق "، فالمحال هو ليس انطباقهما على " زيد "، بل المحال هو اجتماع الضدين من جهة واحدة ومكان واحد وزمان واحد، المحال هو الكبرى وسواء كان حكم بالمحالية العقل أو الشرع فالنتيجة: ان الضابطة في رجوع التعليليات إلى التقييديات هي: ان كان هناك انطباق للحيثية على فرد بانه متعلق الحكم الذي هو جهة الحكم فترجع الحيثية التعليلية إلى التقييدية، وهذا مسلم به. وإن لم تنطبق الحيثية التعليلية فلا ترجع إلى التقييدية، مثلا: في التكوينيات النار والحرارة، النار مقتض للحرارة، والنار غير الحرارة، والجسم الحار صار حارا بحيثية وجوده في النار. النار لا تنطبق على الجسم الحار وليست من افراده. في التكوينيات العلل غير المعلول كثيرة، أما في الاحكام العقلية فلم اجد مثالا في عدم الانطباق، لكن هذا لا يعني عدم صدق هذه الضابطة.
هذه الضابطة ان كانت تنطبق على المتعلق تعود للتقييدي فإذا لم تنطبق لم تعد قيدا للمتعلق.
ذكرنا هذا الجزء من كلامه (ره) لما فيه من الفائدة، ونعود إلى كلام صاحب الفصول في المقدمة الموصلة، ما هو الفرق بين قصد التوصل والمقدمة الموصلة الحصة الخاصة دون غيرها من المقدمات.