الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
37/06/13
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: النفسي والغيري:
الأصل العملي في المسألة عند الشك.
كلام السيد الخوئي (ره)في المسألة.
نعود لكلام السيد الخوئي (ره): وبكلمة واضحة: أن الانحلال الحقيقي في المقام وإن كان غير موجود إلا أن الانحلال الحكمي موجود، كما هو الحال في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، ولكن الانحلال الحكمي في مسألتنا هذه لا بملاك الانحلال الحكمي هناك.
بيان ذلك: أما في تلك المسألة فقد ذكرنا فيها: أن العلم الإجمالي قد تعلق بالماهية المرددة بين لا بشرط وبشرط شيء [1] ، وهذا العلم الإجمالي غير قابل للانحلال حقيقة من هذه الناحية، حيث إن تعلقه بالماهية المزبورة [2] مقوم له فكيف يعقل أن يكون موجبا لانحلاله؟ ولكن حيث إن الأصل لا يجري في أحد طرفي هذا العلم [3] - وهو الإطلاق - فلا مانع من جريانه في طرفه الآخر وهو التقييد، ومعه لا أثر لهذا العلم الإجمالي، وهذا هو معنى انحلاله هناك حكما، ومرد هذا الانحلال إلى التفكيك بين أجزاء الواجب الواحد في مرحلة التنجيز بعد عدم إمكان التفكيك بينها في مرحلتي السقوط والثبوت أصلا.
وأما في مسألتنا (الوجوب النفسي والغيري) هذه فبما أن المكلف يعلم بوجوب الوضوء تفصيلا وإن لم يعلم أنه لنفسه أو لغيره فلا يمكن له الرجوع إلى البراءة عنه لعلمه باستحقاق العقاب على تركه على كلا التقديرين. وأما وجوب الصلاة فبما أنه لا يعلم به فلا مانع من الرجوع إلى البراءة عنه، الشرعية والعقلية [4] ، لعدم قيام بيان عليه، ومعه لا محالة يكون العقاب على تركها عقابا من دون بيان، ولا تعارض أصالة البراءة عنه أصالة البراءة عن وجوب الوضوء نفسيا حيث إنه مشكوك فيه، وذلك لما عرفت من عدم جريانها في طرف الوضوء من ناحية العلم بوجوبه على كل تقدير، واستحقاق العقاب على تركه كذلك، فإذن لا مانع من جريانها في طرف الصلاة بناء على ما حققناه: من أن تنجيز العلم الإجمالي يرتكز على تعارض الأصول في أطرافه، ومع عدمه فلا أثر له، وبما أن في المقام لا تعارض بين الأصلين فلا يكون منجزا.
وقد تحصل من ذلك: أن العلم الإجمالي بوجوب نفسي مردد بين تعلقه بالوضوء أو الصلاة وإن لم ينحل حقيقة، إلا أنه ينحل حكما من ناحية عدم جريان الأصل في أحد طرفيه. هذا من جانب.
ومن جانب آخر: أن ملاك عدم جريانه فيه هو كونه معلوم الوجوب على كل تقدير، وبهذه النقطة يمتاز ما نحن فيه عن مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين، حيث إن هناك عدم جريان الأصل في أحد طرفي العلم الإجمالي من ناحية عدم الأثر، لا من ناحية كون التكليف به معلوما. [5]
ونتيجة ذلك: هي التفكيك في حكم واحد في مرحلة التنجيز كوجوب الصلاة في المقام، حيث إنه منجز من ناحية وجوب الوضوء، لما عرفت من استحقاق العقاب على تركها المستند إلى ترك الوضوء، وغير منجز من ناحية أخرى، لما مر من وجود المؤمن من غير تلك الناحية.[6]
ملخص البحث: ان صاحب الكفاية (ره) في مسالة دوران الوجوب بين النفسي والغيري، في مرحلة الاصل اللفظي الاصل في الوجوب النفسي، وفي مرحلة الاصل العملي: فان كان الشك في التكليف فالأصل البراءة، وان كان الشك في الامتثال فالأصل الاحتياط. اما السيد الخوئي (ره) وغيره فصَّلوا في المسألة بتفصيل واسع، السيد جعل في المسألة اربع صور قرأنا الصورة الثانية فقط اختصارا، ولكونه يشتمل على ثمرات علميّة كما في الصورة الثانية.
ومن جملة الصور: انه لو كان هناك وجوبان وجوب الوضوء القطعي ووجوب الصلاة قطعي لكن هل هذا مقدّمة لذاك او لا؟ أي كان هناك شك في التقييد.
الشيخ النائيني (ره) قال بأن الأصل عدم التقييد وارسله ارسال المسلمات. أما السيد الخوئي (ره) لم يرض بهذا الارسال لان أصالة عدم الوجوب الغيري يقابلها أصالة عدم الوجوب النفسي، هناك أصلين متعارضين لذلك لا بد من الإحتياط.
لكن نقول: هل يمكن التفريق بين وجوب الاحتياط في هذه الصورة وبين البراءة في الصورة الثانية، فإذا جَرّينا ما قاله السيد الخوئي (ره) في الصورة الثانية هل تبقى نفس اصالة الاحتياط في هذه الصورة.
غدا ان شاء الله نكمل البحث.