الأستاذ السيد عبدالکریم فضلالله
بحث الأصول
37/06/12
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: النفسي والغيري:
الأصل العملي في المسألة عند الشك.
كلام السيد الخوئي (ره)في المسألة.
إذن الانحلال الحكمي له ثلاث ملاكات: إما بملاك عدم الاثر، أو بملاك العلم بأحد الطرفين، أو بملاك خروج بعض الاطراف عن محل التكليف.
وّكرنا أن كل المشكلة في انحلال العلم الاجمالي هي في تعارض الاصلين. مثلا: اناءين احدهما نجس، إذا اجرينا اصل الطهارة في طرف يعارضه اصل الطهارة في الطرف الآخر. وسبب التعارض هو العلم الاجمالي، والعلم الاجمالي سبب لكن اثره لا يكون إلا مع تعارض الاصلين.
هنا لا باس بذكر كلام للسيد الخوئي (ره) لما فيه من الفوائد وحتى نفهم مسألة العلم الاجمالي. وملخص هذه الفوائد انه إذا دار الامر بين الوجوب النفسي والغيري، والوجوب النفيس هو ما امر به لنفسه والغيري ما امر به لغيره، هنا يوجد قيد في لغيره، هذا القيد انفيه. هنا الكلام في مرحلة الاصل العملي ويدور الامر بين وجوب شيء ووجوب الشيء مع قيده، فهل هو من باب الأقل والأكثر الارتباطيين أو لا؟
هنا السيد (ره) يحاول أن يميز بين حالتنا وبين حالة الأقل والأكثر الارتباطيين. وملخص ما يقول: ان المسالة يدور امرها بين الاقل والاكثر لكن لا من باب الارتباطيين.
في الارتباطيين يقول بالبراءة في الزائد وهنا نقول ايضا بالبراءة في الزائد، لكن ما هو الفرق بينهما؟
يقول السيد: الثاني (الشكل الثاني من العلم الاجمالي): ما إذا علم المكلف بوجوب شيء فعلا وتردد بين أن يكون نفسيا أو غيريا، وهو يعلم أنه لو كان غيريا ومقدمة لواجب آخر فوجوب ذلك الواجب فعلي يتوقف حصوله على تحقق ذلك الشيء في الخارج، ومثاله: هو ما إذا علم المكلف - مثلا - بتحقق النذر منه ولكن تردد متعلّقه بين الوضوء والصلاة، فإن كان الأول فالوضوء واجب نفسا، وإن كان الثاني فإنه واجب غيرا، ففي مثل ذلك يعلم المكلف بوجوب الوضوء على كل تقدير (إما لنفسه أو لغيره)، ولا يمكن له الرجوع إلى البراءة عن وجوبه (لعدم وجود الشك في التكليف بالوضوء)، لفرض علمه التفصيلي به، ولا أثر لشكه في النفسي والغيري أصلا.
وإنما الكلام في جواز الرجوع إلى البراءة عن وجوب الصلاة وعدم جوازه.[1]
الصحيح: هو الأول (أي يستطيع أن يجري البراءة من الصلاة)، والسبب في ذلك: هو أن المكلف وإن علم إجمالا بوجوب نفسي مردد بين تعلقه بالصلاة أو الوضوء إلا أن العلم الإجمالي إنما يكون مؤثرا فيما إذا تعارضت الأصول في أطرافه، وأما إذا لم تتعارض فيها فلا أثر له.[2]
وبما أن أصالة البراءة في المقام لا تجري بالإضافة إلى وجوب الوضوء، لفرض العلم التفصيلي به واستحقاق العقاب على تركه على كلا التقديرين - أي: سواء أكان وجوبه نفسيا أم كان غيريا - فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة عن وجوب الصلاة، للشك فيه وعدم قيام حجة عليه، ومعه لا محالة يكون العقاب على تركها عقابا بلا بيان وحجة.
وبكلمة واضحة: أن الانحلال الحقيقي في المقام [3] وإن كان غير موجود إلا أن الانحلال الحكمي موجود [4] ، كما هو الحال في مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين [5] ، ولكن الانحلال الحكمي في مسألتنا هذه لا بملاك الانحلال الحكمي هناك [6] .
بيان ذلك: أما في تلك المسألة فقد ذكرنا فيها: أن العلم الإجمالي قد تعلق بالماهية المرددة بين لا بشرط وبشرط شيء [7] ، وهذا العلم الإجمالي غير قابل للانحلال حقيقة من هذه الناحية، حيث إن تعلقه بالماهية المزبورة مقوم له فكيف يعقل أن يكون موجبا لانحلاله؟ ولكن حيث إن الأصل لا يجري في أحد طرفي هذا العلم - وهو الإطلاق - فلا مانع من جريانه في طرفه الآخر وهو التقييد،[8]
غدا ان شاء الله نكمل الاكلام.