الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

35/07/30

بسم الله الرحمن الرحیم

  العنوان: وقوع الأمر عقب الحظر.

- يقول صاحب الكفاية (ره): المبحث السابع: اختلف القائلون بظهور صيغة أفعل في الوجوب وضعا أو إطلاقا فيما إذا وقع عقب الحظر [1] أو في مقام توهمه على أقوال: نسب إلى المشهور ظهورها في الإباحة، وإلى بعض العامة ظهورها في الوجوب، وإلى بعض تبعيتها لما قبل النهي إن علّق الأمر بزوال علّة النهي إلى غير ذلك. والتحقيق أنه لا مجال للتشبث بموارد الاستعمال، فإنه قلّ مورد منها يكون خاليا عن قرينة على الوجوب أو الاباحة أو التبعية، ومع فرض التجريد عنها لم يظهر بعد كونها عقب الحظر موجبا لظهورها في غير ما تكون ظاهرة فيه، غاية الامر يكون موجبا لإجمالها [2] غير ظاهرة في واحد منها إلا بقرينة أخرى كما أشرنا. [3]  [4]
 بيانه: أولا في العنوان الامر عقيب الحظر يشمل: العلم بالحظر، والظن بالحظر، والشك في الحظر، وتوهم الحظر بالمعنى المنطقي، أي أن التوهم يشمل الجميع. ما هو الظاهر من الصيغة مع عدم القرينة؟ الأصل اللفظي ما هو حتى نعود اليه عند الشك؟     
 ثانيا: إذا وقع الأمر بعد الحظر أو توهمه، اختلفوا في أن الصيغة في هذا المقام ماذا يقتضي؟ على اقوال:
-هل وقوع الأمر بعد الحظر قرينة عامة صارفة عن الحقيقة معيّنة لاحد المجازات وهي الإباحة، كما حكي عن المشهور.
- أو ليس فيه قرينة أبدا كما هو منقول عن بعض العامة.
-أو أن هذا الوقوع صارف عن المعنى الحقيقي غير معيّن لغيره.
-أو هو قرينة على التبعيّة لما قبل النهي إن علّق بزوال علّة النهي كما في قوله تعالى:} فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم { [5].
-أو أن هذا الوقوع مصداق لما شك في قرينيته كما هو مختار صاحب الكفاية (ره).[6] 
 والتحقيق: أولا: أن الاحتمال الرابع هو قرينة على التبعيّة لما قبل النهي، خارج عن محل الكلام، بل هو من باب التخصيص في الازمان او الحالات ويحتاج إلى قرينة. أي ان هذا الظهور جار في كل زمان وفرد ولكنه سقط في حصة معيّنة فيبقى الباقي تحت عمومه. 
  ثانيا: إن سبب ظهور صيغة افعل في الوجوب كما مرّ معنا: إما بحكم العقل قول السيد الخوئي (ره) والنائيني (ره)، أو بحكم العقلاء قول السيد الخميني (ره)، أو بالوضع قول صاحب الكفاية والسيد الشهيد الصدر (ره)، أو بالظهور العرفي، أو بالإطلاق للانصراف إلى الفرد الأكمل، أو بالإطلاق بان يكون الوجوب فيه بحاجة إلى قيد أما المراتب الأخرى فهي تحتاج إليه قول المحقق العراقي (ره).
 سنعالج هذه المسألة من خلال ظهور صيغة افعل حسب الاسباب التي ذكرت، فالمعالجة إذن تتم باستعراض الأسباب مع تصوير الصيغة بعد الحظر.  
أما حكم العقل وهو طاعة المولى والانبعاث في طلبه، وحكم العقلاء، فمع احتمال القرينة على عدم الوجوب لا يحكم العقل ولا العقلاء بلزوم الاتيان بالفعل، فيقع الشك في ان الآمر يريد هذا الفعل على نحو الوجوب، مع الشك في الايجاب أو الوجوب العقل لا يحكم الا مع التيقن بإطاعة المولى.
  غدا نكمل ان شاء الله.





[1] مثلا: } إذا حللتم فاصطادوا {، فاصطادوا صيغة امر ظاهرة في الوجوب، وبعد حظر له حين الاحرام عادت الحلية، " فاصطادوا " بعد الحظر اباحة أو وجوب. وكمثال آخر } فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم . {.
[2] قول رابع وهو رأيه (ره) بانها أصبحت مما يشك في قرينيته، لكن قالوا ان اصالة عدم القرينية غير تامة عند العقلاء، بل يصبح مجملا.  .
[3] كفاية الأصول، الشيخ الآخوند، ص 76.
[4] استطراد:. هذه المسألة " وقوع الامر عقب الحظر " بحثت في علم الأصول، وليست موجودة في كل الأبواب وهي مسألة محدودة، فإذا اردنا ادخال المسائل المحدودة في علم الأصول إذن يجب بحث كلمة " لا ينبغي " وغيرها، كما جعلوا في صيغة الامر انها من علم الأصول، أيضا يجب بحث كل هذه اللفاظ وتكون من علم الأصول. لذا قلنا ان مباحث الالفاظ بأكملها ليست من علم الأصول، بل هي مسائل قصّر اللغويون فيها فاضطررنا نحن كفقهاء لبحثها. قد يقال ان كل مباحث الالفاظ تخرج ويخرج اكثر علم الأصول، فنقول: لا اشكال في ذلك وكما ذكرنا ان العلوم عبارة عن سلم بعض علومه مقدمة لعلم آخر.           
[5] توبه/سوره9، آیه5.
[6] الشك في القرينية، يعود إلى مسألة اصالة عدم القرينية تكون منها إذا قلنا بها، وبعضهم يقول انها أصل مثبت. وهناك فرق بينها وبين اصالة عدم القرينة واصالة عدم القرينية. أصالة عدم القرينة عندما اشك في أصل وجود القرينة، اما اصالة عدم القرينية هناك وصف موجود واشك في قرينيته.