العنوان: المشتق
قبل الشروع، الرحمة للشهداء والفاتحة
لأرواحهم الطاهرة.
ذكرنا في بحث المشتق أن العنوان هو:
إذا صدق العنوان بسبب التلبس آنا ما فهل يصدق حقيقة دائما؟ وذكرنا ان محل النزاع
ينبغي أن يكون في هيئة الحمل والجريان ولا يشترط أكثر منها وكل ما ذكروه له علاقة
بالمادة، وهذا سيساعدنا في النتيجة والاستدلال على المطلوب.
نعود إلى كلام
صاحب الكفاية (ره):
« ثانيها: قد عرفت أنه لا وجه لتخصيص
النزاع ببعض المشتقات الجارية على الذوات، إلا أنه ربما يشكل بعدم إمكان جريانه في
اسم الزمان [1]، لان الذات فيه وهي الزمان بنفسه
ينقضي وينصرم، فكيف يمكن أن يقع النزاع في أن الوصف الجاري عليه حقيقة في خصوص المتلبس
بالمبدأ في الحال، أو فيما يعم المتلبس به في المضي؟ ويمكن حل الاشكال بأن انحصار مفهوم
عام بفرد - كما في المقام - لا يوجب أن يكون وضع اللفظ بإزاء الفرد دون العام، وإلا
لما وقع الخلاف فيما وضع له لفظ الجلالة، مع أن الواجب موضوع للمفهوم العام، مع انحصاره
فيه تبارك وتعالى.»
ثالثها: إنه من الواضح خروج الأفعال والمصادر المزيد فيها
[2]
عن حريم النزاع، لكونها غير جارية على الذوات، ضرورة أن المصادر المزيد فيها كالمجردة،
في الدلالة على ما يتصف به الذوات ويقوم بها - كما لا يخفى -
[3]
وإن
الأفعال إنما تدل على قيام المبادي بها قيام صدور أو حلول أو طلب فعلها
أو تركها منها، على اختلافها.
واحب ان اذكر هنا ايضا كلاما للسيد الخوئي (ره) يقول السيد في
المحاضرات
[4] : { وقد تحصل من ذلك: أن دخول شيء
في محل النزاع هنا يبتني على ركنين:
الركن الأول: أن يكون الشيء جاريا على الذات المتلبسة بالمبدأ ومتحدا
معها خارجا بنحو من الاتحاد، وبذلك الركن خرجت المصادر المزيدة، لأنها لا تجري على
الذات المتصفة بها، فإنها مغايرة معها خارجا وعينا. فلا يقال: " زيد إكرام
" إذا كان زيد متصفا بهذا المبدأ، بل يقال: " زيد كريم ". وكذا المصادر
المجردة لا يشملها النزاع، لعدم صحة حملها على الذات، فلا يقال: " زيد عِلمٌ
" إلا مبالغة وإن قلنا بأنها من جملة المشتقات كما هو الصحيح.
[5]
وهكذا الأفعال بجميع أنواعها لا يجري فيها النزاع، لعدم جريانها على الذوات وإن كانت
من المشتقات.
[6] فتحصل: أن المصادر المزيدة والمجردة والأفعال بأجمعها خارجة عن محل النزاع،
لكونها فاقدة لهذا الركن.
الركن الثاني: أن تكون الذات باقية بعد انقضاء المبدأ بأن تكون لها حالتان:
حالة تلبسها بالمبدأ، وحالة انقضاء المبدأ عنها، وبذلك الركن خرج القسم الأول من الجوامد:
كالإنسان والحيوان والشجر وما يضاهيها من العناوين الذاتية.
والوجه فيه: أن المبادئ في أمثال ذلك مقومة لنفس الحقيقة والذات، وبانتفائها
تنتفي الذات فلا تكون الذات باقية بعد انقضاء المبدأ }.
ولكن يستغرب منه (ره) ومن صاحب الكفاية هذا الكلام، وذكرنا أن الركن
الثاني لا معنى لجعله ميزانا في الدخول في حريم النزاع، لأن الخروج وإن كان في
الذاتيات والذات صحيحا لكنه بسبب المادة لا بسبب هيئة الجري والاتصاف.
نعود لصاحب الكفاية (ره) حيث يقول في خامس المقدمات:
« إن المراد بالحال في عنوان المسألة هو حال التلبس لا حال النطق ضرورة
أن مثل " كان زيد ضاربا امس، أو سيكون غدا ضاربا " حقيقة إذا كان متلبسا
بالضرب في الامس في المثال الأول، ومتلبسا به في الغد في الثاني، فجري المشتق حيث
كان بلحاظ حال التلبس وإن مضى زمانه ولم يأت بعد في الآخر كان حقيقة بلا خلاف.
انتهى».
ذلك أن الحال لها اربع معان في مسألتنا:
-حال النطق.
-حال التلبس والاتصاف بالمبدأ والجري.
-حال الاستعمال. وإذا كان المراد حال
استعمال اللفظ في المعنى فهو نفس حال النطق.
[7]-حال المستعمل فيه، وهو نادرا ما يتخلف
عن حال الاستعمال.
وكلام الآخوند سليم، إلا أنه اشتبه
في المثال الذي أعطاه بعد ذلك في قوله:
« ولا ينافيه الاتفاق على أن مثل: " زيد ضارب غدا " مجاز ».
فاننا نقول: إن كان المراد اتصاف زيد بالضرب في الحال لاتصافه به في الاستقبال،
فهذا مجاز، ولكنه خلاف الظاهر، إذ الظاهر أن الجري هو بلحاظ حال التلبس بقرينة
" غدا " فوزانه وزان " زيد سيكون ضاربا " التي لا شك في كونه
حقيقة.
المقدمة
السادسة: على القول بالأعم لا بد من تصوير جامع بين المتلبس وما انقضى عنه التلبس
يكون هو الموضوع له. يقول السيد الخميني (ره)
[8]:
« لا بد للقائل بالوضع للأعم من فرض جامع بين المتلبس والمنقضي
عنه، ومع عدم تصويره تسقط دعواه من غير احتياج إلى إقامة برهان، لأن مدعي الأعم هو
الوضع لمعنى عام بنحو الاشتراك المعنوي ». والاشكال الاساسي في تصور الجامع
هو كيف يتصور الجامع بين الوجود والعدم " التلبس وما انقضى عنه التلبس
". الجواب: ان هيئة الجريان ان تمّت حقيقة ولو آنا ما فقد تم الجريان إلى
الابد فيمكن تصور الجامع. والسيد الخميني يقول مع عدم تصور الجامع يتعين القول
بالوضع لخصوص المتلبس.
وهذا
الكلام سينفعنا في الثمرة العملية لهذه المسألة،
وهذا
الكلام صحيح.
المقدمة السابعة: الأصل في المسألة:
ونتكلم
هنا على مستوى الاصل اللفظي والاصل العملي.
الاصل
اللفظي: هل يوجد أصل لفظي ارجع إليه عند الشك في المسألة؟.
استدل
لأصالة الوضع للأعم بأمرين:
الاول:
اصالة عدم ملاحظة الخصوصية
[9].وأشكل
عليه في الكفاية، والاشكال صحيح بأمرين:
أ-المعارضة بأصالة عدم العموم.
ب-
لا دليل على اعتبار هذه الاصول في تعيين الموضوع له.
[10] والاشكالان
صحيحان.
وغدا
إن شاء الله نكمل الاصل في المسألة والدليل.