الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/12/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الاستاذ
 الخبر والإنشاء
 المراد من الخبر: هو ما يحكي عن واقع، فهو إخبار وكشف وحكاية، فإن طابق الواقع كان صادقا، وإلا فهو كاذب، ومن هنا عرّفه المناطقة بأن الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب وهو تعريف باللازم.
 وأما الانشاء: فهو إيجاد أمر لم يكن موجودا قبله، فلا يكشف عن واقع، ولذا لا يحتمل الصدق والكذب.
 والهيئات على ثلاثة أقسام:
 الأول: ما لا يستعمل إلا في الإنشاء مثل: اضرب.
 الثاني: ما لا يستعمل إلا في الإخبار مثل: زيد ضارب.
 الثالث: ما يستعمل في الإخبار والإنشاء مثل: بعت.
 ذهب صاحب الكفاية (ره) إلى أن الموضوع له واحد وهو نسبة الفعل إلى فاعله، وأما الإخبار والإنشاء فهو ناشئ من قبل الاستعمال، وهو منسجم مع مذهبه في المعنى الحرفي حيث قال: إن التشخص ناشئ من قبل الاستعمال.
 يشكل عليه:
 أولا: ما ذكرناه من أن الإخبار والإنشاء لو كانا بسبب الاستعمال فهذا ينسحب على القسم الأول والثاني، فلا يكون استعمال: " اضرب " في الخبر خطأ، بل هو صحيح، كل ما في الأمر عصيت أمر الواضع.
 وثانيا: إن فهم الإخبار أو الإنشاء من الهيئة هو من باب الدلالة لا من باب العلامة، ومعه لا بد من وضع لفظ الهيئة لمعنى، وهنا لا بد من الذهاب إلى أحد أمور ثلاثة:
 تقرير الطالب
 الخبر والانشاء
 بحث الخبر والإنشاء ولن نطيل فيه كثيرا، سنتناوله ببعض الامثلة التي ستسهل جدا الموضوع أن أساس المشكلة أن الفعل تارة يأتي خبرا وتارة يأتي إنشاء مثلا: بعت. وأيضا الفعل الماضي تارة يأتي بمعنى الاستقبال مثل " إن ضرب زيد فاضربه " وتارة يأتي بمعنى المضي مثل " ضرب زيد " ، الفعل المضارع تارة يأتي بمعنى الحال أو الاستقبال " يضرب زيد " وتارة بمعنى المضي " لم يضرب زيد " هذه الأمور هي التي استدعت البحث في وضع الفعل والخبر أو الإنشاء، الهيئة، الهيئة التركيبية؟
 أولا: ما المراد من الخبر والانشاء.
 المراد من الخبر: هو كل ما يحكي ويكشف عن واقع، فالإخبار هو حكاية وكشف وهذا جوهر القول مثلا: رأينا أمس محاولة اقتحام السراي الحكومي على التلفاز في الأخبار. هذا مجرد كشف عن واقع وحاك عنه، هذا الحاكي تارة يطابق الواقع فيكون صادقا وتارة لا يطابقه فيكون كاذبا، ولذلك عرفه المناطقة أن الخبر هو ما يحتمل الصدق والكذب، إن طابق الواقع كان صادقا وإن لم يطابق كان كاذبا، فهذا ليس تعريفا للخبر بحده بجوهره وماهيته بل جوهره الكشف ولازمه احتمال الصدق والكذب. فهو تعريف باللازم تعريف بالرسم.
 وأما الإنشاء: فالمراد به هو ايجاد أمر لم يكن موجودا وذلك بصيغة أو بفعل كما ذكرنا سابقا أن الإنشاء ممكن أن يتم بلفظ وفعل، قبل الإنشاء لم يكن في وعاء الواقع شيء وإن كان هناك إرادة نفسية لفعل شيء لكن هذه الإرادة ليست إنشاء كما سنتعرض إليها.
 فالإنشاء عبارة عن عملية بناء شيء لم يكن موجودا في الواقع ولذلك لا معنى بأن يحتمل الصدق والكذب، ليس هناك واقع إن طابقه فهو صادق وإن لم يطابقه فهو كاذب، ولذلك مثلا: في عقد الزواج قبل النطق في زوجتك نفسي وقبلت، لا يتحقق العقد، يستطيع كلاهما رفض الزواج.
 ولذلك الإنشاء هو إيجاد أمر ما في الخارج.
 والهيئات التي هي معنى حرفي آلي رابط على ثلاثة أقسام:
 القسم الاول: ما لا يستعمل إلا في إنشاء مثل: اضرب.
 القسم الثاني: لا يستعمل الا بالإخبار كقولنا " زيد ضارب ".
 القسم الثالث: ما يستعمل في الإخبار وفي الإنشاء مثل: " بعت " وهذا هو الذي خلق المشكلة.
 ذهب صاحب الكفاية الشيخ الآخند (ره) إلى الموضوع له واحد، وكما على ديدنه يرجع الأمور للاستعمال.
 ولنا إشكال عليه: هذا الموضوع له هو نسبة الفعل إلى فاعله، إما الإخبار والإنشاء فهو ناشئ من قبل الاستعمال، لا الموضوع له ولا المستعمل فيه، كما في المعنى الحرفي فنفس الابتداء إن أردت استعماله استقلالا كان معنى اسميا وإن كان آلة فمعنى حرفيا واستعملت " من ".
 ويشكل عليه ما ذكرنا سابقا:
 اولا: أن الاستعمال لا يؤدي في حال المخالفة إلى خطأ بل يؤدي إلى عصيان الواضع، كما قلنا في المعنى الحرفي، واستعمال اللفظ في غير ما وضع له يكون إما خطأ أو مجازا، المجاز يحتاج إلى قرينة وهو استعمال صحيح. وتارة خطأ مثل: " زيد الظرفية الدار " خطأ بكل المقاييس فهو لا مجاز ولا عصيان. فحينئذ كما ذكرناه بالمعنى الحرفي يأتي هنا أيضا.
 وثانيا: إن فهم الإخبار أو الإنشاء من الهيئة هو من باب الدلالة، لا من باب العلامة ومعه لا بد من وضع لفظ الهيئة لمعنى.
 وللبيان: الهيئة تدل على الإخبار وتدل على الإنشاء فهل هذه الدلالة مجرد علامة أو هناك دلالة على معنى؟ هل الإخبار والانشاء معنى آخر غير نسبة الفعل إلى فاعله؟ أو ليس معنى بل مجرد كاشف وعلامة. إذا كان هناك معنى آخر غير نسبة الفعل إلى فاعله هناك إخبار وحكاية عن واضع، إذن الإخبار يحتاج إلى وضع كما في " بعت " هناك نسبة وهناك إخبار ولذا فهو يحتاج إلى وضع، ديدن العقلاء في التحاور والتفاهم أن كل معنى يحتاج إلى وضع والوضع دليله التبادر و ....
 ولذلك يقولون هناك لغة فقيرة ولغة غنيّة فقيرة في قلَّة الأوضاع وغنيّة بكثرة الأوضاع لكل معنى ففي الكونغو لغة اسمها اللنكآلا وهي فقيرة جدا عبارة عن أربعماية كلمة أما اللغة العربية فهي غنية.
 نعود: هل الإخبار معنى يحتاج إلى وضع أو لا؟ هل الإنشاء معنى يحتاج إلى وضع؟
 صاحب الكفاية (ره) يقول بأنه يأتي من الاستعمال يعني غير موضوع له، أي أن الإخبار والإنشاء لا يحتاج إلى وضع، فهذا الأمر يخالف الوجدان، ولا بد من قرائن تدل على الإخبار والإنشاء وهل هي من نحو الدلائل أو العلامة؟ فإذن كانت من باب الدلالة فإذن هناك وضع. وحينئذ إذا كان لا بد من وضع لا بد من الذهاب لاحد أمور ثلاثة.
 غدا نكمل إن شاء الله.
 والحمد لله رب العالمين.