الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/12/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الطالب
 وضع الاسماء المبنية.
 الأسماء المبنية:
 كان الكلام في الاسماء المبنية وكيف يتم وضعها؟.
 قال النحاة: الاسم على ثلاثة أقسام: متمكن غير أمكن وهو الممنوع من الصرف القريب من الفعل، وغير متمكم وهو المبني القريب من الحروف، ومتمكن أمكن وهو المتمكن من إسميته لا يشبه الفعل ولا الحرف. وشبه الحرف ولخصه ابن مالك في ألفيته فقال:
 كالشبه الوضعي في اسمي جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا
 وكنيابة عن الفعل بلا تأصل وكافتقار أصلا
 والكلام في المبني المشبه الحرف بالشبه المعنوي، وهو أسماء الاستفهام والشرط والاشارة والخطاب أما الأخرى فلا داعي للكلام فيها. فأسماء الاستفهام وأخواتها أسماء تضمنت معنى رابطا، فيمكن القول بأن الوضع فيها عام والموضوع له عام، كـ " متى " و " هنا " ولا علاقة للشبه الوضعي في مطلبنا ولا علاقة لاسم الموصول كما ذكرنا وإن كان بعض الاساطين لنفس المناط جعل لها نفس كيفية الوضع قالوا بأن الاسماء المبنية مبهمة ومن ضمنها اسم الموصول. لكن الابهام كإبهام لا يقتضي وضعا خاصا، يمكن أن يكون الوضع عام والموضوع له عام وتشخصه في الخارج بسبب استعمالات أو بسبب وجوده، فاسم الموصول مبهم يحتاج إلى صلة تفسره " جاء الذي " لا يعلم من الذي جاء فيحتاج لصلة، نفس الحاجة إلى الصلة لا تقتضي وضعا خاصا يختلف عن الوضع عام والموضوع له عام أو الموضوع له خاص، لذلك ما ذكره كثير من الاصوليين عندما بحثوا هذا المطلب ذكروا الاسماء الموصولة واسماء الاستفهام ادخلوا كل مبهم وكل مبني! وليس كل مبهم ومبني يقتضي ذلك، نحن نتكلم عن أقسام الوضع وكيفيات الوضع فهناك أصناف نحاول أن نذكرها واحدة واحدة، وذكرنا أمس أن الثمرة قليلة والأمر سهل لأن الثمرة العملية بأن الهيئة تقيَّد أو لا تقيَّد، ذكرنا أنها غير موجودة على خلاف الشيخ الانصاري (قده) ومن معه، ولكن حتى نعرف اللغة وجذور اللغة وكلامنا في الوضع وكيفيته فمن باب الاستقصاء نذكر هذه الاسماء المبنية، ما الفرق بين " تاء " الضمير و "إياك " كلاهما مبني لكن " التاء " سبب بنائها شيء غير سبب بناء " إياك " فإياك تتضمن معنى خطاب وهو معنى حرفي بينما " التاء " ليس فيها خطاب.
 فالمسألة ليست مسألة مبهمات وأن كل مبهم يكون معنى حرفيا، مثلا: " الذي " مبهم يحتاج إلى صلة تفسره، والحاجة إلى بيان لا يؤدي إلى أن يكون الموضوع له خاص.
 نعود لأسماء الاشارة والشرط، هذه الاسماء مبنية لتضمنها معاني رابطة وآلية وهي معاني الاستفهام والخطاب، وقالوا أنها معاني حرفية ولذلك وضع لها العرب أو أهل اللغة حروفا خاصة بها كاستفهام " هل " وشرط " إذا "، وقلنا أنها ليست علامات لأن العلامة مجرد كاشف لا دلالة لها، وإذا أطلق عليها الوضع فبالمعنى اللغوي لا بالمعنى الاصطلاحي وهو أن يكون لها دلالة على معنى، وهناك من يقول بأنها علامات.
 وللتوضيح: ذكرنا سابقا عندما أريد أن أعبر فأقول: " جاء زيدٌ " الاصل هو أن آتي بزيد بنفسه ولكن لما كان هذا محالا ابتكر أهل المحاورة وأهل اللغة وهو أن لفظة تدل على المعنى فكأني أتيت به بنفسه باللفظ الدال عليه والحاكي عنه، هذه الدلالات. بينما العلامة " جاء الولدً " الضمة لم تأتي بشيء جديد لا بالولد ولا بالفاعلية إنما كشفت عن أن " ولد " فاعل للمجيئ، ونحتاج للعلامة في حال الالتباس كما عندما أقول " ضرب زيد عمرو " من هو الضارب؟ من هو المضروب؟، فالضمة لا تكشف عن الفاعل ولا تأتي بالمعنى، فالضارب والمضروب موجود وهو إما زيد وإما عمرو، فلرفع الالتباس أتيت بالعلامة لتكشف عن الفاعل. لذلك الحروف ليست مجرد كشف بل تنبأ عن معنى أريد أن آتي به.
 هنا نأتي لأسماء الشرط والاستفهام هذه الاسماء المبنية كيف هو وضعها؟ هي من جهة تدل على استفهام أي الموضوع له خاص هذه الروابط، ومن جهة أخرى تدل على معنى الزمان " متى " وهي تتضمن معنيين: الاول: نفس الزمان، والثاني: الاستفهام عن هذا الزمان. لذلك ذهب بعضهم إلى أن هناك وضع خاص لهذه الاسماء يختلف عن الاوضاع الاربعة وضع مركب، هناك معنى حرفي ومعنى إسمي في كلمة واحدة وخصوصا على القول بأن الموضوع له خاص، فهناك كيفية جديدة في الوضع.
 أما بناء على قول صاحب الكفاية (ره) كلها وضع عام والموضوع له عام والمستعمل فيه عام إنما التشخيص جاء من قبل الاستعمال فلا أشكال عنده. ولكن ليس المهم أن نرفع الاشكال، وقلنا أن مسلكه ليس سليما عندما قال إن التشخيص يأتي من قبل الاستعمال فقط، هذا كلام غير سليم، لا الموضوع له متشخص ولا المستعمل فيه متشخص في الحروف، ولذلك نحن نبحث عن الوضع ونستطيع أن نقول: أن الثمرة في المعنى الحرفي يجوز أن يقيّد أو لا يقيّد، وذكرنا أمس أنه إذا تمت هذه الثمرة بلا شك أنها كبيرة ومعناه أن كل القيود الواردة في الروايات كلها لا ترجع للأحكام بل ترجع للافعال، بعبارة أخرى أي كل الاحكام أصبحت مطلقة وهذا ما يصب في مصلحة صاحب الفصول (ره) .
 لكن قلنا أن هذه الثمرة ليست تامة حتى لو كان الموضوع له خاصا فهو يمكن أن يقيّد، فالأمر سهل، فنقول: أن أسماء الاستفهام واخواتها من شرط أو خطاب أو اشارة الوضع فيها عام والموضوع له عام وأن الخطاب موضوع لكل إنسان يريد خطابه في الحال لكن أضع لنفس المتصور والتشخيص يأتي من قبل الاستعمال، مثلا: " هنا " اسم مكان للإشارة وضع لكل مكان يراد الاشارة إليه عن قرب، " هناك " وضع لكل مكان يراد الاشارة إليه عن بعد، كما في اسماء الاجناس العادية كما عندما أقول: " اتني برجل " " رجل " متشخص في الذهن ومتصور وفي الخارج عام، فعندما آتي برجل " زيد " يتشخص الرجل في الخارج، وليس أن الرجل معناه " زيد " هذا لا يعني بأن المستعمل فيه خاص ولا الموضوع له خاص، عند الاستعمال والامتثال تشخص والشيء ما لم يتشخص لم يوجد.
 ونذكر أن وصلنا إليه في الموضوع له في الحروف هو المعنى الرابط أعم من كونه عاما كـ " سر من البصرة " أو خاصا " سرت من البصرة " وإنما الموضوع له خاصا لكل هذه الروابط لأنها لا توجد إلا في غيرها ولأنه لا بد من وضع لها، وهناك حاجة لذلك. والامر سهل في الثمرة وقلنا أن الاثر في الفهم والاستظهار.
 غدا نبحث هل المعنى الحرفي اخطاري أم ايجادي.
 والحمد لله رب العالمين.