الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/11/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 تقرير الاستاذ
 وضع الأعلام الجنسية:
 إن العلم يوضع لمن له اهتمام خاص سلبا أو إجابا، مدحا أو ذما، تعظيما أو توهينا، فوضع لفظ أسامة لكل أسد، واستعمال المعرفة كما ذكرنا.
 كيفية الوضع: أتصور كلي الأسد أسم الجنس والماهية وأضع لفظ أسامة علما لكل فرد، وذلك لعدم إمكان وضع لفظ علم لكل أسد، والحاجة للتكلم مع الأرفاد وكان هناك تمييزا لها واهتماما خاصا، فكان الوضع عاما والموضوع له خاصا.
 بعد هاتين المقدمتين نعود إلى الأقسام الأربعة:
 أما الأول والثاني، فلا خلاف في إمكانهما ووقوعهما.
 وأما القسم الثالث، فقد ذكروا إمكانه، وذلك لإمكان أن يكون العام وجها وعنوانا حاكيا لكل أفراده. واختلفوا في وقوعه، والقائل بالوقوع مثل له بوضع الحروف وما ألحق بها من الأسماء المبنية لشبهها بها، كأسماء الشرط والاستفهام وأسماء الإشارة والاسم الموصول، وسنتكلم عنها لاحقا.
 وأما القسم الرابع، فقد ذهب صاحب الكفاية ووافقه السيد الخوئي (قده) وكثير من المتأخرين إلى عدم إمكانه فضلا عن عدم وقوعه.
 تقرير الطلب
 تلخيص ما ذكر أمس من خصوص تقسيمات الوضع والمقدمتين.
 ونذكر الفرق بين النكرة والمعرفة: أن النكرة تطلق على كل فرد من أفراد العام، مثلا: كل حيوان ناطق ذكر بالغ نسميه رجل. أما في العلم يجعل للشيء بعينه لا يتناول ما يشبعه، مثلا: لو كان رجل بنفس صفات زيد تماما لا نسميه زيد بينما لو كان بنفس الصفات نسميه رجل. وهنا الفرق تماما بين " اسامة وأسد" ومثل " العام سام " والامريكي، و" ابو خليل " والجندي. " ابو خليل " يعامل معاملة المعرفة. وهذا هو الفرق بين العلم الجنسي والعلم الشخصي. العلم الشخصي كزيد، والعلم الجنسي يطلق على كل فرد من افراد الجنس ويعامل معاملة العلم، ولذلك نقول عن الأسد: هذا اسامة مقبلا بالنصب-، أما إذا ابدلنا كلمة أسامة بأسد نقول: هذا أسدٌ مقبلٌ بالرفع-، والسبب في ذلك أنهم ذكروا أن الصفات بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات، نعوت. إذن ما الفرق بين اسامة وأسد طالما أن كلا اللفظين يستعمل لكل أسد. فالفرق أنه علم جنسي عومل معاملة العلم رغم أنه يطلق على كل فرد. والسبب في ذلك: أن لكل وضع حكمة، ولا بد من هدف وغاية وإلا فإن العقلاء يصبحون سفهاء. استعمال العَلَم حكمته إما التمييز أو الالتفات إلى علاقة خاصة أو جعل علاقة خاصة بين المتكلم وهذا الذي وضع له العلم مدحا أو ذما، إيجابا أو سلبا: - كذاك أم عربط للعقرب وهذا ثعالة للثعلب -. فأم عربط ذم وثعالة ذم وأسامة الأسد مدح. وكأني أي المتكلم أو الانسان إذا رأى أسدا يحب أن يتكلم معه وكأنه يعرفه وله ميزة، ولذلك احتاج إلى أن يضع علما لهذا الأسد، ولكن ليس لهذا الأسد وحده، إذا وضع لهذا الاسد وحده يصبح علما شخصيا، بل جعل علما كالأسد حتى يصبح هناك نوع من الارتباط والعلاقة.
 كيف تم هذا الوضع؟ الواضع تصور عاما لكلي الأسد ووضع لكل فرد فرد. إذا استوعبنا هذا المثال المعاش نستطيع أن نفهم القسم الثالث: الوضع عام والموضوع له خاص، ونفهم صاحب الكفاية وغيره.
 إذن القسم الأول لا إشكال في إمكانه ووقوعه والقسم الثاني كذلك، أما القسم الثالث اشتهر إمكانه وأيضا وقوعه بأمثلة ذكروا منها المعنى الحرفي وما ألحق به، كاسم الموصول وأسم الاشارة، والضمائر المبنية لشبهها بالحرف. وسنبين أنه غير ذلك، أما القسم الرابع ذكر الكثيرون عدم إمكانه فضلا عن عدم وقوعه. قالوا أن الفرق بينهما أن القسم الثالث أن اتصور العام وأضع للأفراد، وهذا ممكن لأن العام يمكن أن يكون وجها لأفراده، والقسم الرابع محال لأن الخاص لا يمكن أن يكون وجها للعام والسبب نذكره غدا إن شاء الله.
 والحمد لله رب العالمين