الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/06/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ

/

الشبهة االمفهومية/ الدلالات

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 كان الكلام في الشبهة المفهومية، وقلنا إنها تكون عند الشك: في الموضوع، في الاستعمال، وفي المراد، وهناك قسم رابع تابع للمراد وهو ما سميته لوازم المراد.
 هناك نوعان من الدلالة: المفاهيم والدلالات الثلاث التي جعل لها باب خاص.
 المفاهيم: كمفهوم الشرط، الوصف، الغاية، الحصر، العلّة، العدد، اللقب ... إلى آخره، يمكن التصور اكثر من هذه. وهناك دلالات أخرى ذكرها الشيخ المظفر في باب خاص قال: الدلالات الثلاثة: الاقتضاء، التنبيه، الإشارة.
 ما الفرق بين هذه الدلالات وهذه الدلالات؟
 أولا: نبين معنى هذه الدلالات، هناك محوران يدور الأمر حولهما. الأول: ان يتوقف صحة الكلام عليه. الثاني: ان يكون مرادا، مقصودا للمتكلم.
 دلالة الاقتضاء: فيها الأمران معا ومثل لذلك بقوله تعالى: " واسأل القرية " أي أهل القرية، وذلك لتوقف صحة الكلام عليه. أولا: فلا معنى لان اسأل الحيطان، وثانيا: هو مقصود أيضا. فسمّيت هذه دلالة الاقتضاء.
 دلالة التنبيه: لا يتوقف صحة الكلام عليه وهو مقصود، مثاله: أصبحت الساعة السابعة. مراده سيبدأ الدرس. فبداية الدرس لا يتوقف صحة الكلام عليه بذكر الساعة السابعة وهو مقصود.
 دلالة الإشارة: من خلال الجمع بين دليلين استنبط منهما حكما، مثلوا له بقوله تعالى: " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " ومن آية أخرى " وفصاله في عامين "، إذا جمعنا بين الآيتين نستنبط ان اقل الحمل ستة اشهر. هاتان الآيتان منفصلتان، لو فرضنا أنني لم اقل أقل الحمل ستة اشهر، يكون الكلام صحيحا " حمله وفصاله ثلاثون شهرا " لا يتوقف صحة الكلام على إرادة ان الحمل ستة اشهر وأيضا ليس المراد من الآية " حمله وفصاله ثلاثون شهرا " ذلك، إذن الأمران قد انتفيا.
 ما الفرق بين الدلالات الثلاثة وبين المفاهيم؟
 نقول: المفاهيم هي مدلولات لازمة للملزوم بالدلالة البينة بالمعنى الأخص، ولذلك كان المفهوم من باب الظهورات، من صغريات حجية الظهور، فاستفيد منها عند الشك في المراد.
 الدلالات الثلاثة كلها يجمعها امر واحد وهو أنها لازمة غير بينه بالمعنى الأخص فهي إما غير بينة كليا أو لازم بين بالمعنى الأعم.
  الظهورات من باب اللازم البين بالمعنى الأخص، مباشرة بعد ان أتصور الملزوم أتصور اللازم مثلا: إذا جاء زيد فاكرمه.
  الدلالات الثلاثة لازمة، إما غير بينة، أو غير بينة بالمعنى الأعم، أو غير بينة. المفاهيم عند الشك في المراد. فاين موقع الدلالات الثلاثة؟
  دلالة الاقتضاء والتنبيه عند الشك في المراد، أما دلالة الإشارة غير مقصودة ولا يتوقف صحة الكلام عليها، فهي ليست عند الشك في الموضوع ولا عند الشك في الاستعمال ولا عند الشك في المراد، فسميناها لوازم المراد ملحقة بالقسم الثالث.
  إلى هنا نكون قد انتهينا من الشبهة المفهومية.
  يبقى شيء وهو ان أصالة الإطلاق وأصالة العموم وأصالة الظهور، لماذا لا تكون عند الشك في الاستعمال أيضا؟
  قالوا: ان التفاهم اللفظي مسألة عرفية عند أهل اللغة والمحاورة، والبشر إنما يستعملون اللسان لحاجة وهي بيان المرادات. اللغة حاجة لبيان المرادات، أما كيفية استعمال الألفاظ فأهل المحاورة آخر ما يهتمون به، عندما تتكلم معي فكل غايتي ان افهم مرادك أما كيف استعملت اللفظ، مجازا أو حقيقة، تشبيه، استعارة في الكناية ... إلى آخره، لا يتطرق إليها ذهني أصلا إلا إذا قصدت ذلك، بل أهل اللغة يهتمون في ما هو المراد من اللفظ، ولذلك قالوا: ان هذه القواعد الاصالات التي ذكرت وغيرها إنما هي لأجل تنقيح المرادات، ولذلك جعلت من صغريات حجية الظهور. مثال ذلك: ما ذكر في كتاب مختصر المعاني في باب الاستعارة والكناية يقول: أنشبت المنية أظفارها في فلان. يعني انه مات أو سيموت.
  كيف تم هذا الاستعمال؟ من يلتفت إلى ذلك؟ فقط أهل البلاغة والمعاني والبيان.
  هنا شبه المنية بالأسد. هناك مشبه ومشبه به، وحذف المشبه به وهو الأسد وجعل احد لوازم المشبه به الذي هو أظافر الأسد مكان المشبه به ونسب الإنشاب إليه، فقال: " أنشبت" للأسد
 المنية مشبه، أظفارها لازم المشبه المحذوف وهو الأسد، فحذف المشبه به وجعل احد لوازمه مكانه. كل منا عندما يسمع ذلك يفهم ان المراد موت زيد ولكن كل هذه التشبيهات والتعبيرات لا يلتفت إليها، ولذلك قالوا: ان هذه الأصول اللفظية تأتي عند الشك في المراد لا عند الشك في الاستعمال.
  من هو المرجع في هذه الأمور. غدا ان شاء الله تعالى.
 
 والحمد لله رب العالمين.