الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/06/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ

/

الشبهة المفهومية/ طرق العلاج

 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 كان الكلام في الشبهة المفهومية إذا كان الشك في المفهوم بسبب اشتباه الحكم لا بسبب عدم الدليل أو تعارض الدليلين والا اصبح شبهة حكمية ولا بسبب الاشتباه في المصداق، بل عند الشك في المراد، كالاشتباه في حرمة الغناء لكن لا ندري معنى الغناء.
 وذكروا قواعد لكيفية التخلص من الشبهة المفهومية عند الشك في المراد نذكر
 منها: أصالة الحقيقة:

وذلك عند الشك في المجاز في الفرد. مثلا: رأيت أسدا، اشك انه أسد حقيقي أم إنسان شجاع. الأصل الحقيقة. نحن نتكلم في هذا الأصول بغض النظر عن جريانها وسعتها وضيقها، ومقبوليتها عند الأصوليين، فليس كل ما نذكر هو حجة، نحن نعمل على رسم الخريطة، أصالة الحقيقة أين موردها؟
  موردها عند الشك في المراد في الشبهة المفهومية، لان المراد غير واضح
 ومنها: أصالة الحقيقة عند الشك في المجاز في الإسناد [1]
  [2]
  [3]
  إذا شككت أن هناك مجازا في الاستناد أو لا؟ الأصل الحقيقة.
 ومنها: أصالة الإطلاق، كما في قوله تعالى" فتحرير رقبة مؤمنة من قبل أن يتماسا "

في كفارة الظهار تحرير رقبة لم يذكر مواصفات هذه الرقبة، مؤمنة أم كافرة، ذكر أم أنثى، بيضاء سوداء، كبيرة صغيرة، إلى آخره. بعد عدم ذكر القيد اصبح عندنا اصل اسمه أصالة الإطلاق.
 ومنها: أصالة العموم، كقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود "

، الجمع المحلى باللام يستدل على العموم ومن أدوات العموم: المفرد المحلى باللام، الجمع المحلى باللام، كل، جميع، الجمع المضاف....
  أصالة العموم تأتي عند الشك في المراد وإن ذهب بعض القدماء إلى أنها تكون عند الشك في الاستعمال، لكن من بعد سلطان العلماء هناك إطباق على أنها تجري عند الشك في المراد.
  ومنها: أصالة عدم التقدير، اشك أن هناك شيئا مقدّرا، الأصل عدم التقدير، ومثاله: الرواية التي وردت في التهذيب، عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشر عن حماد بن عثمان عن عمر بن يزيد قال: سالت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء، قال: يمسح فوق الحناء.
  هنا الرواية سندا معتبرة والشهرة القوية على خلاف العمل بها واعرض المشهور عنها، والحر العاملي أراد ان يخرج عن هذا الإعراض فقال: ان التقدير هو لون الحناء، بحذف مضاف " لون " واللون ليس بحاجب ، لكن الأصل عدم تقرير كلمة " لون".
 ومنها: الشك بين الحقيقة والمجاز المشهور، أحيانا اللفظ يستعمل كثيرا مجازا بحيث يشتهر استعماله في المجاز، فإذا اطلق اللفظ وشككت انه أريد المعنى الحقيقي أو المجازي وقد اشتهر استعمال اللفظ في المجاز [4]
  مثلا: كما ذكرنا في معنى النكاح وقلنا ان النكاح هو نفس الوطء إذا كان بمبرر شرعي، ولكنه استعمل كثيرا في العقد، بل اشتهر استعماله في العقد. فإذا استعملت كلمة نكاح هل احملها على المعنى الحقيقي او على المعنى المجازي المشهور؟
 هذا المسألة محل اختلاف، ونحن حملناها على معنى المجاز المشهور، وذلك انصرافا وليس من باب التبادر، لأنه مع التبادر يصبح هناك وضع، فإذا دار الأمر بين المعنى الحقيقي والمجازي المشهور نحمله على المجاز.
 هذه الأصول أصول عقلائية عند أهل المحاورة جعلوها لرفع الشبهات في مقام التبيين، ولذلك قال اكثر المتأخرين أن هذه الأصول جميعا ترجع إلى اصل واحد، وهو أصالة الظهور أو اصل عدم القرينة.
 ونقول: إنها ترجع فقط إلى أصالة الظهور، لأنها أصول عقلائية عرفية يستندون عليها لرفع الشبهات.
 غدا نبيّن ما معنى أصالة الظهور تعبدا، وما هي مجالات العلوم، ومسألة اشتباه المفهوم بالمصداق.
 
 والحمد لله رب العالمين.
 


[1] - تذكير: المجاز على قسمين: مجاز في المفرد ومجاز في الاستناد.
[2] المجاز المفرد: كلفظة أسد، هذه اللفظة استعملها تارة في المعنى الحقيقي، الحيوان المفترس وتارة بالمعنى المجازي، الرجل الشجاع.
[3] أما المجاز في الإسناد: تكون الألفاظ كلها بالمعنى الحقيقي لكن اسند امر إلى امر مجازا، مثلا: بنى فرعون الأهرام. كل الألفاظ استعملت بمعناها الحقيقي، لكن بدل ان اسند بناء الهرم إلى العمال أسندته مجازا إلى فرعون، هذا يسمى مجازا في الإسناد.
[4] - المجاز المشهور هو ان يشتهر استعمال اللفظ في المجاز بحيث اصبح الاستعمال المجازي اكثر من الاستعمال الحقيقي ولكن لم يصل إلى حد الوضع والنقل.