الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/06/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ /منهجية البحث/ الشبهة المفهومية
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 الشبهة المفهومية: الأصل كل الشبهات حكمية، ونقصد بالشبهة المفهومية ما كان اشتباه الحكم بسبب اشتباه المفهوم لا بسبب تعارض الأدلة ولا عدم الدليل، ولا غير ذلك من أسباب اشتباه الحكم، ولا بسبب اشتباه المصداق، المفهوم غير واضح، من قبيل مثلا: الصعيد، الولد، بداية الشهر القمري، الغناء.
  ما هي أسباب الشبهة المفهومية: لم يُتطرق لذكر هذه الأسباب لأنها كثيرة.
  نذكر منها: حندقوقى، كلمة موجودة في اللغة العربية وموجودة في آخر الألفية، لا ادري ما معناها. أو بسبب اختلاف نقل اللغويين. أو بسبب بعد الزمن والشك في نقل اللفظ من مفهوم إلى آخر أي الشك في النقل، بسبب الاختلاف في الاستعمال، تعدد الاستعمالات. ولا ادري الموضوع له من غيره، وغيرها من الكثير من الأسباب ولا حصر لها حتى أنها تعود أحيانا لمسألة خارجية، مثل إشارة اليد أو غمزة العين، أو الاستفهام، يؤدي إلى اختلاف في المراد، مثلا: هل جاء زيد؟، بغمزة العين قد يكون أمرا تقريريا أو توبيخيا أو استنكاريا، ويختلف من بلد إلى بلد ومن عرف إلى عرف.
  وفي معالجة الشبهة المفهومية ذكرنا مراحل خمسة:
  أولا: باب الشارع، يعني الحقيقة الشرعية، اسأله هل عندك حقيقة شرعية أو لا؟ هل هناك معنى خاص؟ فان لم يكن انتقل إلى العرف العام
 ثانيا: العرف العام السائد في زماننا، فاسأل العرف هل عندك معنى أو لا؟، فان لم يكن انتقل إلى اللغة،
 ثالثا: اللغة والمقصود من اللغة جزور الكلام، الأساس كلغة أمرؤ القيس ومن قبله، فان لم يكن عنده انظر هل هناك قدر متيقن أو لا؟
 رابعا: القدر المتيقن فاخذ به، وغير القدر المتيقن يصبح خارج الدليل لان الأحكام منصبة على هذا القدر المتيقن،
 خامسا: فان لم اجد اصبح الدليل مجملا واستحكمت الشبهة، حينئذ لا استطيع الاستفادة من هذا الدليل لا رواية ولا نصا، فارجع إلى دليل آخر.
  في التفاصيل قلنا إن الشك إما أن يكون شكا في الموضوع له، وأما شكا في المستعمل فيه، وإما شكا في المراد.
  هنا الشك في الموضوع له ما علاجه؟ قالوا يجب أن نصل إلى الموضوع له لان الشك في المفهوم سببه الشك في الوضع. حتى اصل إلى الموضوع له ذكرنا ما يسمى بالعلامات،
 علامات الموضوع له هي:
 العلامة الأولى: التبادر، ومعنى التبادر أي عند اطلاق اللفظ إنساق إلى اصل المعنى من اللفظ الموضوع له. وهذا يختلف عن الانصراف الذي هو انسباق بعض أفراد المعنى عند إطلاقه، فكلاهما انسباق من اللفظ عن إطلاقه لكن تارة ينسبق إلى اصل المعنى اصل المفهوم فيكون تبادرا، وإذا انسبق إلى بعض أفراد المفهوم يكون انصرافا. هذه العلامة الأولى متفق عليها.
 العلامة الثانية: صحة الحمل وعدم صحة السلب، وهذه لها فروعها، تارة احمل على اصل المعنى وتارة احمل على كل المصاديق وتارة احمل على مصداق واحد، وذكرنا لهذا تفاصيل. فإن الذي يدل على الوضع هو الحمل على المعنى، وهناك تفاصيل في كل هذه الفروع.
 العلامة الثالثة: الاطراد، والمراد منه أن اللفظ يستعمل في هذا المعنى في كل مكان وزمان وحالة، وهذا دليل على الوضع، وهذا كلام الشريف المرتضى (ره) كان يرى أن الاستعمال علامة على الوضع.
 العلامة الرابعة: قول اللغوي، بعضهم قال انه علامة على الوضع لأنه من أهل الخبرة فلنرجع إليه.
 وهناك أيضا اصو لإثبات الوضع مثلا: أصالة عدم النقل، وهذا الأصل ينفعني في خصوص إثبات الوضع ولا ينفع عند الشك في المراد ولا عند الشك في الاستعمال، أي كان اللفظ موضوعا لمعنى واشك في نقله فالأصل عدم النقل.
 من الأصول أيضا التي يمكن أن يقال بها والمشهور على خلافه، استصحاب القهقرى الذي يعني أن هذا اللفظ موضوع لهذا المعنى في لغتنا الحالية وفي عصرنا الحاضر، اشك قبل الف عام هو كان كذلك موضوعا أو لا؟ فاستصحب، اسحب اليقين الحالي إلى المشكوك السابق، بخلاف الاستصحاب المتعارف.
  أما ما الفرق بين أصالة عدم النقل واستصحاب القهقرى؟
  أصالة عدم النقل هي: عندي يقين حالي بوضع اللفظ وشك في الماضي. مثلا: كلمة زنا الآن تستعمل بشيء واشك باستعمالها سابقا. وكلمة ولد اشك أنها موضوعة للذرية الذكور كما عند عرف الحجازيين والعراقيين، أنا اشك هل قبل الف سنة كان كذلك أو لا؟ فاسحب المتيقن الحالي إلى المشكوك السابق. فأصالة عدم النقل أصالة تنفعني في فهم الموضوع له السابق. ولولا أصالة عدم النقل لما استطعنا أن نفهم كثيرا من النصوص الماضية، ويمكن أن تطلق أصالة عدم النقل على ما كان موضوعا لهذا اللفظ واشك في نقله أو النقل من عرف إلى آخر.
 استصحاب القهقرى: اعم من أصالة عدم النقل موردا، ثم إن الاستصحاب اصل عملي والأصالة أمارة عقلائية، ولذا فان أصالة عدم النقل يقول بثبوتها حتى من لا يقول باستصحاب القهقرى.
 ثم إن أصالة عدم النقل أين موضعها؟ هي لإثبات الوضع عند الشك فيه وليس عند الشك في المراد ولا الاستعمال.
  أصالة عدم الاشتراك: عندما يستعمل اللفظ في معنيين، هل اللفظ موضوع لهذا المعنى ولهذا المعنى أم هو موضوع للمعنى الأول وفي الثاني مجاز، فيدور الأمر بين المجاز والحقيقة في الوضع، فإذا كان موضوعا للاثنين معا اصبح مشتركا لفظيا، وإذا لم يكن اصبح حقيقة ومجازا، فعند الشك في الاشتراك اللفظي هل الأصل عدمه.
  أصالة عدم الاشتراك هذه تنفعنا في تحديد الموضوع له، ولا تنفعنا عند الشك في المراد وغير ذلك. نحن نضع خريط لمباحث الأصول أين موقعها، أين موقعها في عملية الاستنباط.
 
 
 
 
 
 والحمد لله رب العالمين.