الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/05/24

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ /منهجية البحث/ المنهجية الصحيحة
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
 عندما اردنا أن نبين المختار في تقسيم علم الأصول ومنهجية علم الأصول ذكرنا المنهجية السابقة، الآن نذكر ما نختار، وقلنا في كل أمورنا ليس فقط في الأصول والفقه دائما ننظر إلى الأصل هو الذي يدلنا، الأصل في علم الأصول ما هو؟ هو الغرض وهو رفع الشبهات. فلنبدأ من رفع الشبهات، إذن فلنقسم علم الأصول بحسب الشبهات. وذكرنا أن العلوم تنشأ لأجل الغرض وتتمايز بالأغراض فلنأسسها بحسب الأغراض.
 سنرى كما هناك في الخريطة الجينية الوراثية للإنسان، كل جين أين موقعه، سنرى أن كل ما بحثوه في علم الأصول أين موقعه من الاستنباط، مثلا: الملازمات العقلية ، أصالة عدم التقدير، أصالة عدم الاشتراك، أصالة العدم الأزلي أين مواقعها. سنصنع خريطة عامة، إذا استوعبنها اعتقد أننا قطعنا مسافة في عملية الاستنباط.
 الشبهات ثلاثة : حكمية، مفهومية، مصداقية [1]
 
 الشبهة الحكمية: مرادنا من الشبهة الحكمية هو اشتباه الحكم عند مواجهته مع وضوح المفهوم والمصداق، مثلا: الدم يجوز الصلاة فيه أم لا؟ مفهوم الدم واضح ومصداق الدم أيضا واضح لكن لا ادري، تفاصيل جواز الصلاة فيه. هنا الحكم مشتبه.
 والشبهات الحكمية تكون إما لاشتباه الحكم مع معلومية المفهوم والمصداق، او اشتباه الحكم بسبب اشتباه المفهوم، او اشتباه الحكم بسبب اشتباه المصداق.
  أقسام الشبهة الحكمية
  لتقسيم المراحل والأدوار يأتي كلام المحقق السيد الخوئي (قده) في الشبهة الحكمية وهو تقسيم صحيح ومراحله صحيحة. والأقسام أربعة:
  القسم الأول: ما يؤدي إلى العلم الوجداني.
  القسم الثاني: ما يؤدي إلى العلم التعبدي.
  القسم الثالث: ما يؤدي إلى الوظيفة العملية الشرعية.
  القسم الرابع: ما يؤدي إلى الوظيفة العقلية الشرعية.
 القسم الأول: العلم الوجداني يأتي من عدّة أمور. ويكون من:
  أولا: الخبر المتواتر.
 ثانيا: الخبر المحفوف بالقرينة، ومرادهم خبر الواحد ولكن هناك قرائن خارجية تؤدي إلى القطع به. *
 ثالثا: الإجماع الكاشف بنحو القطع عن رأي المعصوم.
 رابعا: سيرة المتشرعة الكاشفة أيضا بنحو القطع عن رأي المعصوم.
 خامسا: القطع الوجداني، أنا اقطع ولو بسبب الذوق الفقهي ويكون حجة على صاحبه.
 سادسا: الملازمات العقلية. وهي خمسة: أبحاث مقدمة الواجب. اقتضاء دلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضده. اقتضاء النهي عن الشيء الفساد. مباحث الاجزاء، وهو أن الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو بالأمر الظاهري هل يجزي عن الأمر الواقعي أو لا. مسائل التحسين والتقبيح العقليين، التي ذكروا أنها من مسائل علم الكلام.
  أين اصبح موقع هذه الأبحاث، مثلا: الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده هذه المسألة أين تكون في الشبهة الحكمية عند البحث عن ما يؤدي إلى العلم الوجداني وليس إلى الظن، أي ليست أمارة بالمعنى المصطلح، وكذلك الباقي.
  هذه الملازمات العقلية تأتي في المرحلة الأولى. هنا نجد الفرق بين هذا التقسيم وتقسيم السيد الخوئي (ره) والمحقق الأصفهاني (ره) ومختارنا في التقسيم.
 المحقق الأصفهاني (ره) ذكر أن علم الأصول أربعة أقسام: مباحث الألفاظ، الملازمات العقلية، مباحث الحجة، الأصول العملية. بعضهم ذكر أنها من آغا ضياء العراقي ولكن الشيخ المظفر ينص على أنها من تقسيم أستاذه المحقق الأصفهاني.
 نقول: التقسيم صحيح وتميز الأبحاث شيء مهم لكن أين موقعيتها من الاستنباط.
  إن الملازمات العقلية تقع في المرحلة الأولى من الاستنباط لأنها تؤدي إلى العلم الوجداني بالحكم وهو بحسب تقسيم السيد الخوئي (ره) القسم الأول، ولذلك يمكن أن نجعل حتى مسألة التحسين والقبيح العقليين " ما حكم به العقل حكم به الشرع " من علم الأصول لأنها تكشف عن حكم شرعي كشفا أو اقتضاء، وتؤدي بنا بالنتيجة إلى العلم الوجداني وليس الظني ولا التعبدي، بل هو قطع ويقين بالحكم.
  لذلك هذه الأمور تقع في المرحلة الأولى لمرحلة الاستنباط.
 القسم الثاني: وهي المرحلة الثانية بعد مرحلة العلم التعبدي وهي مرحلة الكواشف وهي مباحث الحجج والأمارات وهو مبحث كبريات الحجج، كمبحث حجية الخبر الواحد، مبحث حجية الإجماع المنقول، حجية الشهرة الفتوائية، حجية ظاهر الكتاب، حجية الظن الانسدادين على الكشف لا على الحكومة، مباحث تعارض الأدلة، مبحث التعادل والتراجيح، بل حجية الظواهر كلها ومنها الأصول اللفظية وأصالة العموم والإطلاق.
  أما ما ذكره السيد الخوئي (ره) قال: في العلم التعبدي هناك قسمان: القسم الأول مباحث الحجج، الكبريات مثل خبر الواحد حجة. القسم الثاني مباحث تنقيح المضامين مثل: ألفاظ الخبر دلالة الأمر على الوجوب، دلالة النهي على الحرمة، المشتق. إلى آخره. ثم قال هذا القسم الثاني أيضا نوعان: نوع أول: الأمر مطلقا يدل على الوجوب أو لا؟. نوع ثان: الأمر في حالة معينة يدل على الوجوب أو لا؟ من قبيل الأمر بعد الحظر هل يفيد الإباحة أو الوجوب.
  هذا بحسب تقسيم السيد الخوئي (ره) أما بحسب تقسيمنا فيصبح القسم الثاني من مباحث الشبهة المفهومية، ولا علاقة له في الحجية. وسنرى أين تكون الشبهة المفهومية، عند الشك في المراد أم عند الشك في الاستعمال أم عند الشك في الوضع.
  هذان القسمان في تنقيح المضامين التي جعلها السيد الخوئي (ره) من القسم الثاني ينبغي أن تكون في رفع الشبهة المفهومية بخصوصها لا في رفع الشبهة الحكمية.
  وسنرى إشكال بعض الأساطين أن الشبهة المفهومية والمصداقية ليست من الأصول كليا.
  اهم شيء في هذا المختار وأول نقطة وأول مرحلة أن مسألتنا في أي خانة أضعها، في خانة الشبهة الحكمية أو المفهومية أو المصداقية.
 
 والحمد لله رب العالمين.


[1] - أننا لم نذكر الموضوعية والعنوانية لان كلمة موضوع استعملت في عدة معاني. ولذلك حتى لا يختلط الحابل بالنابل وحتى تكون الامور واضحة ولا تصبح مسألة اختلاف في المصطلحات ويتكلم كل منا في واد الغينا كلمة موضوعية رغم اشتهارها في كتب الاصول، لان الموضوعية تارة تكون حكمية وتارة مفهومية وتارة مصداقية، والاقسام لا تخرج عن هذه الثلاثة، كله اشتباه في الحكم، لكن تارة يكون اشتباه في الحكمية بالمعنى الاعم، وتارة يكون اشتباه في الحكم لانه حكم، وتارة لاشتباه المفهوم وتارة لاشتباه المصداق. ولا رابع لها. وهذا الاشتباه في الحكم هو غرض علم الاصول، رفع الشبهات او معالجة الشبهات، مع هذا الغرض نعرف كل مبحث من مباحث علم الاصول صغيرا كان او كبيرا اين موقعه من عملية الاستنباط.