الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الأصول

33/05/19

بسم الله الرحمن الرحیم

 الأصول/ مباحث الألفاظ /منهجية البحث/ المنهجية الصحيحة
 بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على نبينا محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين
  نحمد الله تعالى على أنه وفقنا لهذه الجولة السريعة والتي ذكرنا فيها بعض المحطات في المنهجية الاستنباطية، ومنهجية دراسة علم الأصول عند القدماء وتقسيم علم الأصول عند السيد الخوئي والكمباني والشيخ الأنصاري (قدهم)، وهناك بعض الكتب التي تطرقت لهذا الموضوع
 وكما هو ديدننا أننا ننظر إلى أصل التأسيس، كي نصل إلى المختار في التقسيم، وحتى نعرف حول أي شيء يدور المختار مداره نذكر: في كل مسألة انظر إلى الأصل، إلى التأسيس فإنها هي بنفسها ترشدك إلى الفروع والخلفيات، نحن إذا نظرنا إلى تأسيس علم الأصول يصبح عندنا تقسيم ومنهجية، وإذا نظرنا إلى واقع العلوم يصبح لدينا منهجية وتقسيم آخر هو التقسيمات المتداولة التي ذكرناها سواء كانت تقسيم القدماء أو الشيخ الأصفهاني الكمباني أو السيد الخوئي أو النائيني أو الشهيد الصدر. هذه التقسيمات نشأت من الكتب المتداولة التي نظروا إليها ومن خلالها حاولوا إيجاد التقسيم، ولذلك نلاحظ انه في إشكالاتهم على تقسيم ما خروج مباحث معينة عن علم الأصول، وكأنه هناك تسالم على مباحث معيّنة أنها من علم الأصول، وهذا التسالم هو سبب الإشكالات.
  نحن لم نقسم هكذا، وتقسيم الشيخ الأنصاري لم ينشأ من الكتب المتداولة بل نشأ من الحالة النفسية: إما أن يقطع أو يظن أو يشك. وقلنا إن هذا لا علاقة له بعلم الأصول وله سلبيات كما بينّا.
  إذن من أين ينبغي أن ننطلق في تقسيم علم الأصول؟ سننطلق من الأساس انه: أي علم إنما يؤسس لغرض، ولذلك جعلوا التمايز بين العلوم بالأغراض وإن قال بعضهم بالموضوعات والمحمولات والحيثيات، فليس ذلك. نحن نسلم معهم بان التمييز بين العلوم هو بالأغراض.
  فلننطلق من هذه المسألة، الغرض من علم الأصول هو القواعد الممهدة للحكم الشرعي الفرعي المشتبه، أي الحكم المشكوك، فالحكم المعلوم لا يحتاج إلى علم الأصول والفقه، مثلا صلاة الصبح ركعتان، حكم شرعي لا تحتاج للعلم، لا يؤسس علم من اجل أمر معلوم.
  إذن الغرض الأول هو رفع الشبهات ولذلك السيد الخوئي (ره) عندما قال إن حجية الظهور ليست من مسائل علم الأصول، والسبب أن حجية الظهور أمر متسالم عليه لم يشكل عليه احد.
  رد عليه بان التسالم لا يعني انه ليس من القواعد الممهدة فهو مسألة أصولية.
  وأجبناهم: إن كونها متسالما عليها لا تكون مسألة أصولية بل تكون قاعد أصولية، وفرقنا بين المسألة والقاعدة، وانه: نفس القضية قبل إثباتها تكون مسألة وبعد الإثبات تصبح قاعدة، كل ما في الأمر أن مسألة حجية الظهور ليست بحاجة إلى إثبات، لم يختلف عليها اثنان.
  وحتى نكون منصفين مع السيد الخوئي (ره) نقول: انه انطلق بداية سليمة عندما اعتبر أن مسألة حجية الظهور ليس من مسائل علم الأصول، وان العلوم تبدأ من الشبهات وهذه ليست شبهة ولذلك بهذا اللحاظ اخرج حجية الظهور لعدم وجود الشبهة.
 نقول: ليست من مسائل العلم سلمنا لا تحتاج إلى دليل وليس هناك نقاش فيها، لكنها من القواعد التي لا بد منها لاستنباط الأحكام الفرعية، وعلم الأصول والفقه الغرض الأساس فيه هو أن أصِل إلى المشتبه به في الأحكام، من هنا فلنطلق من اجل أن نبدأ برفع الشبهات البدوية أي عندما أواجه الحكم الشرعي ماذا افعل؟ هنا يأتي حينئذ كلام الشيخ الأنصاري، إما أن اقطع أو أظن أو اشك.والشيخ اخطأ هنا في جعل المباحث تابعة للحالات النفسية. كما بينَّا.
 نحن نقسم الشبهات إلى ثلاثة: الحكمية والمفهومية والمصداقية، ولا رابع لها، لا عنوانية ولا موضوعية، وذلك لان الشبهة الموضوعية تستعمل بمعاني متعددة، تارة تستعمل في المكلف وتارة في موضوع الحكم، وتارة في المتعلق، وتارة في متعلق المتعلق، وتارة تكون حكما شرعيا وتارة تستعمل في مصب الأحكام. ومثاله في موضوع حكم التكليف واضح، مثلا فلان يكون هو الموضوع لحكم التكليف، إما في المتعلق فيقال الإكرام موضوع للوجوب وإما في متعلق المتعلق فيقال: العالم موضوع لوجوب الإكرام مثلا: إذا قلت " أكرم العالم العادل ". أحيانا يكون الحكم بنفسه موضوعا مثلا: طهارة البدن موضوع لصحة الصلاة، النجاسة موضوع لبطلان الصلاة أو الوضوء. من هنا لتعدد الاستعمالات إذا قلنا الشبهة الموضوعية يضيع الطالب.
  فلذلك عمدنا إلى هذا التقسيم لان علم الأصول غرضه رفع الشبهات في الأحكام والشبهات لا تزيد عن هذه الثلاثة.والحمد لله رب العالمين.